كل ما يعترض حياتنا من مواقف وإن كانت كبيرة الحجم، وتأخذ منها مساحة لا يُستهان بها، إلا أنها تظل بسيطة يغلبها الخجل أمام الحلول العظيمة التي يقدمها لنا ديننا الإسلامي الحنيف، فهو الدين الذي يجمع كل الإجابات بين طياته، والتي وإن بحثنا عنها؛ لوجدناها وبكل يُسر، دون أن نُدرك من العناء ما يمكن أن يجعل الحياة صعبة ولا قدرة لنا على تحملها، والجميل أننا وحين نبحث ونخلص ب (عملية البحث) تلك، نجد ما نريده بل وما هو أكثر، ولكنه ما يغيب عن كل من يُمتعه البحث في اتجاهات أخرى، لن تأخذه حيث يريد، بل انها ستتسبب بضياعه، وابتعاده عن المصدر الحقيقي لكل الإجابات المرجوة، التي وإن أدركها منذ البداية؛ لأدرك بها نفسه. حديثنا اليوم عن الجار، الذي لا يُقاسمنا المساحة فحسب، ولكنه من يقاسمنا الحياة بكل جوانبها، فالقرب الذي يفرضه الجوار يوفر له الكثير من الحقوق التي ستكون من نصيبه، وهي في الأصل واجبات كُلِفَ بها غيره؛ لتصبح حقوقه، وكُلِف بها هو أيضاً؛ ليسلم غيره ما له من حقوق، ولكن طبيعة الحياة التي نعيشها وتسارع نبضاتها أمور قد جعلت الوضع يتغير نوعاً ما، فما عاد القرب الذي يفرضه الجوار يُعطي الجار حقوقه كاملة، وإن لم يكن الوضع؛ لينطبق على الجميع، ولكنه وللأسف يحدث مع من لا يدرك عن ديننا الحنيف أي شيء، ديننا الذي أعطى الجار مقاماً عالياً، وميزة بحقوق وإن حُفظت لحُفظت الكرامة، ولحل الأمن ضيفاً، دون أن تتسلط النزاعات والخلافات التي لا تُبرر لأي أحد بأن يتجاوز حدوده، ويتمادى على حق الجوار، بتمرده على جاره؛ لأسباب تخجل منها الأسباب، فهي تلك التي وإن تمت مراجعتها؛ لكُشف الأمر، ولعُرف بأنها ما كانت؛ لتصل إلى تلك المرحلة من التعقيد إن تمت معالجتها منذ البداية، ولكم هي كثيرة تلك النهايات البائسة التي مررنا بها بسبب الجهل بحقوق الجار، وتجاهل ما له حتى وإن كان من المُسلمات، وهو ما يكون لبُعدنا عن كل ما يحثنا عليه ديننا، وكل ما فرضه علينا، وأمرنا بحفظه كحق الجار، الذي لابد أن يُحفظ؛ لنحفظ على مجتمعنا أمنه وسلامته، وهو ما يمكن أن يتحقق إن حرصنا على العودة إلى ما نص عليه إسلامنا. لقد حرصت على تسليط الضوء على موضوع (الجار)؛ للتأكيد على ما له من حقوق، يفرض علينا الواجب التذكير بها من حين لآخر، وهي تلك التي ذكرنا بها إسلامنا، وحثنا عليها لعظمته، وحفاظاً منه على اللُحمَة الإنسانية التي تربطنا ببعضنا البعض، والتي يمكن أن تتأثر ما لم تجد من يحرص ويخاف عليها، بل ويبذل كل ما بوسعه؛ كي تبقى قوية أكثر، لا تهددها الخلافات أياً كانت. نحن بحاجة لأن ندرك أن الجار له الكثير من الحقوق منها: كف الأذى عنه، والبدء بالسلام، ومواساته في حالات الشقاء، ومباركته في ساعات الرخاء، واحترام خصوصياته، ومسامحته إن طلب السماح، وستره عن كل ما به من عيوب، مع نصحه ولكن بلين ودون فعل ذلك أمام الجميع، وغيرها من الحقوق، التي وإن فكرنا بها لنا؛ لرغبنا بها وبشدة، ولدفعنا طمعنا نحو تذوقها وإن كان ذلك لمرة واحدة، ستتطلب منا التفكير جدياً بما يعنيه الحفاظ على حق الجار. لقد صارت علامات التعجب واضحة هذه الأيام؛ لتصدرها القصص التي نسمع بها، ونعيشها أحياناً أو من يهمنا أمرهم وتتعلق بحقوق الجوار، والتسلط الذي يرفع البعض، ويضع البعض الآخر في مواضع حرجة جداً، تتسبب بكثير من الأذى النفسي، الذي يؤثر على العطاء، ولنا من ذلك ما قد وصلنا منكم، بقصد المشاركة التي نادت بها صفحة الزاوية الثالثة، فإليكم ما هو لكم؟ من همسات الزاوية تطاولك على الآخرين لا يترجم قوتك، ولكنه يؤكد على ضعف؛ لذا لا تستند إلى الخطأ وتلجأ إليه في تعاملك معه، ولكن عامله بما يُرضي الله، وما يُمليه عليك ضميرك، وليكن رسولنا الحبيب محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم قدوتك في ذلك؛ لأنك وإن فعلت لحافظت على نفسك وجارك ومن قبله دارك وكل من فيه، أما وإن رغبت بغير ذلك، فإنك ودون شك ستخسر الكثير حتى وإن أفرزت لك البداية ما تريده وتحسبه قد تحقق لك.