جمعتني الصدفة قبل فترة وتحديداً في المعرض المهني مع الطالب (عبدالله)، وهو في المرحلة الإعدادية من زوار المعرض، ودار حديث مطول بيننا في مواضيع كثيرة محل اهتمام واختيار (عبدالله) رغبة منه. وحرصت أن أعطيه متعمداً المساحة الأكبر في الحديث، وإبداء رأيه وموقفه وشخصيته بعد أن لمست فيه الغموض والتردد والتأتأة في كلامه، فتناولنا موضوع تعليمه وجدوله اليومي وزيارته للمعرض ومستقبله وناديه المفضل، وعلاقته بأصدقائه ووالده وأسرته ومواضيع عامة أخرى.. وكان حديثاً ممتعاً وذا شجون معه بصراحة، ولكن فجأة توقف عن الحديث وكأنه تذكر موضوعاً غير متوقع، فقال لي أستاذ حسن أنت سألتني عن أبوي صح؟ وأنا قلت لك إن أبوي مسافر.. ولكن الصج أبوي موجود، ولكن ما يدري عنا لا هي مع ربعه وسفراته وشغله ولا يهتم فينا!! فقلت له تقصد أنه حتى ما يجلس معاك ويتحاور ويسمعك ويشاركك في البيت؟ فقال: للأسف ما يدري عني ولا عن خواتي ولا حتى عن نتائج امتحاناتي.. والغريب في الأمر أنه شكرني بحرارة على سعة صدري وتبادل الحديث معه ومنحه الوقت كي يتحدث بطلاقة دون عوائق، وابتسم وذهب!! بصراحة استوقفني هذا الموقف لدقائق وأنا أفكر في الموضوع وأسأل نفسي قبل أن أسألكم: كم من الوقت نمضيه مع الأبناء في الأسبوع نتحاور معهم ونسمعهم ونتشارك معهم ونوجههم؟ كم من الوقت جلسنا على مائدة الطعام ونحن نتحاور بنضج وبعقل؟ كم من الوقت استثمرناه في بناء شخصية الأبناء من خلال حوارنا البناء معهم؟ كم عبدالله في بيتنا يعاني نفس المعاناة غياب الأب وانشغال الأم فلا حوار؟ فوجدت أن مشاغلنا اليومية سرقتنا منهم وسرقتهم منا، فأصبح لقاء الأسرة صدفة بعد أن كان ملزماً للجميع وبشكل يومي. حواري مع (عبدالله) نقلته لكم كي ألفت نظري ونظر البعض منكم حول أوجه القصور في علاقاتنا الأسرية، خصوصاً مع الأبناء وحوارنا معهم في مختلف مراحلهم العمرية، خصوصاً في عمر المراهقة والشباب، فهم بحاجة لنا كحاجتهم للماء والهواء. ويكفي أن أذكركم بأن غياب الحوار بين أفراد الأسرة هو من أحد أسباب خلق المشكلات السلوكية لدى الأبناء. آخر وقفة الحوار مع الأبناء من أهم وسائل التواصل الفعالة التي تحقق نتائج نفسية وتربوية ودينية واجتماعية إيجابية وفعالة، فلا تنشغلوا عنهم حتى لا ينشغلوا عنكم فنندم!!