بعض السطور عن دور الاعلام    راموس: اريد انهاء مسيرتي بلقب مونديال الاندية    صنعاء .. التربية والتعليم تعمم على المدارس الاهلية بشأن الرسوم الدراسية وعقود المعلمين وقيمة الكتب    حريق يلتهم مركزاً تجارياً وسط مدينة إب    مسؤول إيراني: نستعد لشن ضربة قوية على إسرائيل    السامعي يدعو لعقد مؤتمر طارئ لمنظمة التعاون الاسلامي لبحث تداعيات العدوان على إيران    كأس العالم للأندية: تشيلسي يتصدر مؤقتاً بفوز صعب ومستحق على لوس انجلوس    النفيعي يعلن القائمة الأولية لمنتخب الشباب استعدادا لكأس الخليج بالسعودية    واشنطن تبلغ حلفائها بعدم التدخل في الحرب بين ايران واسرائيل وصحيفة تكشف توقف مصفاة نفط    وجبات التحليل الفوري!!    صنعاء : التربية تعمم بشأن الرسوم    اتحاد كرة القدم يقر معسكرا داخليا في مأرب للمنتخب الوطني تحت 23 عاما استعدادا للتصفيات الآسيوية    إيران تصدر إنذارا لإخلاء قناتين للعدو الاسرائيلي بعد استهداف تلفزيونها الرسمي    العلامة مفتاح: اليمن غيرت كل المعادلات وغزة مدرسة ونشيد بموقف باكستان    صنعاء تعلن الغاء نقطتي تحصيل "مأرب والضالع"    تشكيلات مسلحة تمنع موكب "مليونية العدالة" من دخول عدن    الأمم المتحدة تقلص مساعداتها الإنسانية للعام 2025 بسبب نقص التمويل    القائم بأعمال رئيس المجلس الانتقالي يتفقد مستوى الانضباط الوظيفي في هيئات المجلس بعد إجازة عيد الأضحى    باكستان: إسرائيل "دولة مارقة" وقدراتها النووية تشكل تهديدا للسلام العالمي    غزة.. عشرات الشهداء بمجازر جديدة وانقطاع الإنترنت وسط وجنوبي القطاع    بطولة برلين للتنس.. أنس جابر تبدأ بنجاح مشوارها في برلين    نائب وزير الاقتصاد يلتقي وكيل وزارة الخدمة المدنية    أمين عام الإصلاح يعزي البرلماني صادق البعداني في وفاة زوجته    احتجاجات غاضبة في حضرموت بسبب الانقطاعات المتواصلة للكهرباء    البكري يبحث مع مدير عام مكافحة المخدرات إقامة فعاليات رياضية وتوعوية    الوصفة السحرية لآلام أسفل الظهر    الأمم المتحدة:نقص الدعم يهدد بإغلاق مئات المنشآت الطبية في اليمن    تعز.. مقتل وإصابة 15 شخصا بتفجير قنبلة يدوية في حفل زفاف    تصنيف الأندية المشاركة بكأس العالم للأندية والعرب في المؤخرة    اليمن يستهدف عمق الكيان    علماء عرب ومسلمين اخترعوا اختراعات مفيدة للبشرية    بايرن ميونخ يحقق أكبر فوز في تاريخ كأس العالم للأندية    أرقام صادمة لحمى الضنك في الجنوب    الانتقالي ومعايير السيطرة في الجنوب    التوقعات المصيرية للجنوب في ظل الحرب الإسرائيلية الإيرانية    وزيرا الخارجية والصحة يلتقيان مبعوث برنامج الأغذية العالمي    القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد «الأخيرة»    ثابتون وجاهزون لخيارات المواجهة    الفريق السامعي: الوطنية الحقة تظهر وقت الشدة    حصاد الولاء    مناسبة الولاية .. رسالة إيمانية واستراتيجية في مواجهة التحديات    إب.. إصابات وأضرار في إحدى المنازل جراء انفجار أسطوانة للغاز    العقيد العزب : صرف إكرامية عيد الأضحى ل400 أسرة شهيد ومفقود    مرض الفشل الكلوي (8)    من يومياتي في أمريكا .. صديقي الحرازي    هيئة الآثار :التمثالين البرونزيين باقيان في المتحف الوطني    نائب وزير الخدمة المدنية ومحافظ الضالع يتفقدان مستوى الانضباط الوظيفي في الضالع    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    انهيار جزئي في منظومة كهرباء حضرموت ساحلا ووادي    أهدر جزائية.. الأهلي يكتفي بنقطة ميامي    صنعاء تحيي يوم الولاية بمسيرات كبرى    - عضو مجلس الشورى جحاف يشكو من مناداته بالزبادي بدلا عن اسمه في قاعة الاعراس بصنعاء    سرقة مرحاض الحمام المصنوع من الذهب كلفته 6ملايين دولار    اغتيال الشخصية!    قهوة نواة التمر.. فوائد طبية وغذائية غير محدودة    حينما تتثاءب الجغرافيا .. وتضحك القنابل بصوت منخفض!    الترجمة في زمن العولمة: جسر بين الثقافات أم أداة للهيمنة اللغوية؟    فشل المطاوعة في وزارة الأوقاف.. حجاج يتعهدون باللجوء للمحكمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحوار الأسري.. الحلقة المفقودة بين الآباء والأبناء
نشر في الجمهورية يوم 04 - 10 - 2011

مع استمرار وتيرة الحياة على ما هي عليه من تعب وجهد وشقاء وعناء، ما أصعب أن يسود الصمت على أجواء البيوت،في لحظة يغيب فيها الحوار الهادئ والتفاهم المثمر، حيث يسدل ستار مظلم تضيع معه معاني الحب والوئام، ويسيطر سوء الفهم على التعامل وتصبح الفجوة واسعة بين أفراد الأسرة الواحدة، عندها تصبح الحياة أكثر تعقيداً ويزداد عناؤها وتبلغ شقوتها مداها الأبعد والأخطر والأسرة التي تتفاعل فيما بينها بالحوار تخلق جواً من التناغم والاستقرار لأفرادها..لأنه يجمع كافة أفرادها على اختلاف آرائهم، إلا أن الاختلاف يصبح داعماً للحوار، لا منفراً منه، حتى يدلي الجميع برأيه دون أن يشعر بتسلط الرأي الآخر. . والأسرة هي النواة الأولى للمجتمع، منها يخرج الفرد للعالم الخارجي، وتخرج معه قيمه ومبادؤه وأفكاره وسلوكياته التي اكتسبها من أسرته، لتكون شخصيته المميزة، والتي تبدأ في التفاعل مع الآخرين من منطلق ما تعلمه وتربى عليه، فإما أن يقبل على عالمه، منفتحاً عليه متقبلاً إياه، أو يكون جامداً فلا صحيح إلا ما يراه! لأنه لم يرب على الحوار وتقب ل الرأي الآخر، فانغلق على نفسه أو انفتح على من حوله متسلطاً فارضاً رأيه!! .. وبذلك لا غنى لأي أسرة تنشد السعادة وتحرص على تربية أبنائها من الحوار. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل الحوار الأسري ضروري للاستقرار ... وإذا كان المثل يقول التعليم في الصغر كالنقش على الحجر فهل فشل الحوار في حياتنا السياسية والعامة لأننا لم نتعلم الحوار من صغرنا، وهل الحوار الأسري له معنى أشمل وأعمق، أم هو وسيلة تفاهم
قد تتخذ أشكالاً عدة، وليست كلاماً فقط للتناغم بين أفراد الأسرة الواحدة للوصول إلى رؤى مشتركة؟.
ما هو الحوار؟؟
الحوار لغة: من الحوار ، وهو الرجوع ويتحاورون: أي يتراجعون الكلام. اصطلاحاً: مراجعة الكلام وتداوله بين طرفين مختلفين , وللحوار أهميه كبيرة،فهو من وسائل الاتصال الفعالة؛حيث يتعاون المتحاورون على معرفة الحقيقة والتوصل إليها؛ليكشف كل طرف منهم ما خفي على صاحبه منها،والسير بطريق الاستدلال الصحيح للوصول إلى الحق.والحوار مطلب إنساني، تتمثل أهميته باستخدام أساليب الحوار البناء لإشباع حاجة الإنسان للاندماج في جماعة، والتواصل مع الآخرين،فالحوار يحقق التوازن بين حاجة الإنسان للاستقلالية، وحاجته للمشاركة والتفاعل مع الآخرين.
كما يعكس الحوار الواقع الحضاري والثقافي للأمم والشعوب، حيث تعلو مرتبته وقيمته وفقاً للقيمة الإنسانية لهذه الحضارة وتلك.
وتعد الندوات واللقاءات والمؤتمرات إحدى وسائل ممارسة الحوار الفعال، الذي يعالج القضايا والمشكلات التي تواجه الإنسان المعاصر.
حاور سكير عالم دين قائلاً : هل من مشكلة إذا تناولت التمر ؟
فرد العالم المسلم : لا ..
فسأله السكير : وإذا أكلت معه العشب ؟!؟
فقال العالم : وما المشكلة في ذلك ؟
فسأله السكير مرة أخرى : وان شربت عليهما الماء ؟
فرد العالم ضاحكاً : بالهناء والشفاء
فرد السكير بكل ثقة : مادام هذا كله جائز فلماذا تحرمون علينا الخمر وهي مصنوعة من التمر والماء والعشب ؟!؟!
عندئذ ابتسم العالم وسأله : لو سكبت عليك الماء هل سيقتلك؟!؟
فرد السكير : لن يضرني بشئ ..
فقال العالم : ولو نثرت عليك تراباً هل سيقتلك..؟
فرد السكير باستغراب : لا يقتل التراب أحداً !
فقال العالم إذا أخذت التراب والماء وخلطتهما وجعلت من ذلك لبنه عظيمة فقذفتك بها هل ستضرك ؟!؟
فاندهش السكير وقال : ستقتلني بكل تأكيد !!
فرد العالم مبتسماً : كذلك الخمر ..
من شب على شيء شاب عليه ...
إن الضوابط الأساسية لتنمية المرء إنما تتكون في سنوات مرحلة طفولته وهي السنوات الأولى في حياته التي تكون فيها النفس البشرية مرنة قابلة لكل شيء، منفعلة بكل أثر؛ إذ إنها في تلك المرحلة الدقيقة كالصفحة البيضاء الخالية من كل نقش وصورة، ولكنها على الفطرة السليمة، والبراءة الطاهرة. ? وقد أشار الرسول إلى أن كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجّسانه?
الحوار فنون وآداب...
سهير احمد محمد .... طالبة جامعية..
( التعليم في الصغر كالنقش على الحجر وإذا كانت الأسرة تربي أبناءها على الحوار منذ الصغر لاستطاعت أن تربي جيلاً مرناً قادراً على النجاح فهذا الطفل سيكبر وسيكون ذات يوم له مكانة رفيعة أو ذا منصب قيادي فكيف سيستطيع التعامل مع فن الحوار مع موظفيه إذا كان هو أساساً كان يقمع من الطفولة ولا يسمح له بالحوار وبالتالي سيكون مديراً تسلطياً يفرض قراراته على الجميع حتى لو كانت خاطئة وبالتالي التعليم على الحوار يبدأ من الأسرة ))
سميرة سلطان ... موظفة تربوية...
(إن الأخذ بآداب الحوار يجعل للحوار قيمته العلمية ، وانعدامها يقلل من الفائدة المرجوة منه للمتحاورين .
إن بعض الحوارات تنتهي قبل أن تبدأ ، وذلك لعدم التزام المتحاورين بآداب الحوار . والحوار الجيد لابد أن تكون له آداب عامة ، تكون مؤشراً لايجابية هذا الحوار أو سلبيته ، وإن لم تتوافر فيه فلا داعي للدخول فيه ، وهذه الآداب تكون ملازمة للحوار نفسه ، فانعدامها يجعل الحوار عديم الفائدة . وعند الحوار ينبغي أن تكون هناك آداب لضمان استمرارية الحوار كي لا ينحرف عن الهدف الذي من أجله كان الحوار ، وحتى بعد انتهاء الحوار لابد من توافر آداب من أجل ضمان تنفيذ النتائج التي كانت ثمرة الحوار ، فكم من حوار كان ناجحاً ولكن لعدم الالتزام بالآداب التي تكون بعد الحوار كانت النتائج سلبية على المتحاورين ولا نرجو خيراً من جيل تعلم من الصغر أن يقهر ولا يستمع له ولا يصح له أن يحاور بل تفرض عليه القرارات ويقمع من طفولته إلى أن يشب ويدرس ما يريد ا أبواه لا ما يريده هو وعليه تكون تلك أسباب بوجهة نظري أساسية لعدم تفشي الحوار في حياتنا اليومية سواء العملية أو الأسرية
أما ماهر السعيدي ..طالب جامعي فيشاركهما الرأي قائلاً: (( ما نلاحظه الآن على الساحة اليمنية أننا نعاني من أوضاع قاهرة ومخيفة ومقلقة والسبب الرئيس أن الكثير من قيادة المعارضة لا تستمع لطلب الرئيس في الجلوس على طاولة الحوار ولكننا لا نستغرب هذا الشيء فالكثير منا يعلم أن الفرد منذ طفولته إلى أن يشب و هو يسمع كلمة واحدة من والديه اقبل بهذا الشيء شئت أم أبيت ولو رد على والديه طيب حاوروني أقنعوني يكون الجواب واحداً لا تحاور اسمع الكلام فقط ...فهكذا تربينا وهكذا كبرنا فكيف تريدون من شباب تربى على كلمة اكبر منك بيوم يعرف أكثر منك بسنة ولا تحاور واستمع الكلام أن يأتي ويقبل بالحوار مهما كانت أهمية الحوار,,,,))
أمل عبد الباقي ....مدرسة تربوية ...
(في الطفولة المبكرة يكون الحوار مع الطفل نقطة الانطلاق ليتعلم اللغة، وعندما يصبح قادراً على التعبيرعن رأيه يشعر بالطمأنينة والصراحة ومشاركة الكبار، وبالتالي الاستقلالية في التفكير والتعبير عن رأيه، ويصبح كذلك قادرا على استقبال أفكار وآراء الآخرين بدلاً من فرضها عليه فيشعر بالاستقرار النفسي والحال يكون مع المراهق أدعى لاستخدام الحوار لنعلمه أسلوب حل المشكلات بطريقة هادئة وممزوجة بالمحبة، ولنكن على اطلاع دائم بما نواجهه من مشكلات فنجنبه في الوقوع في مآزقها.
وأخيرا خشية هذا الواقع تحتاج أسرنا جميعاً إلى حوار هادىء تغلفه المحبة، وتغلب عليه الثقة، وتشمله المودة وينساب الرضا بين جنباته،ولكن هل مفهوم الحوار الأسري مقصور على الكلام وتبادل الآراء؟ أم يشمل أعم من هذا المفهوم الضيق.
الحوار ثقافة إسلامية
عبدالعزيز محمد عبدالله ...أستاذ دراسات إسلامية..صنعاء لا تخلو ثقافتنا الإسلامية من نماذج لمثل هذه الحوارات، فالقرآن الكريم مليء بالنماذج الحوارية الاجتماعية ومنها: حوار الأب مع ابنه في قوله تعالى: (وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ) (هود: 42)، ونلاحظ ما تحمله الآية من شعور الأب الخائف على مصير ابنه،وكذلك الرأفة بابنه وذلك في لفظة (يا بني)، كما نرى أيضاً في المقابل حوار الابن مع والده في قوله تعالى: (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا) (مريم: 42)، كما أن القرآن لم يغفل عن العلاقة الوثيقة بين الزوج وزوجته في قوله تعالى: (إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) (النمل: 7)، وتطرق لحوار الإخوة مع بعضهم في قوله تعالى:
(وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) (الأعراف: 142).
وكما أن السيرة النبوية أمدتنا بالحوارات الاجتماعية، مثل حوار الرسول مع زوجاته رضي الله عنهن، فيروى عن عائشة -رضي الله عنها - أنها قالت: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إني لأعلم إذا كنت عني راضية. وإذا كنت علي غضبى). قالت: من أين تعرف ذلك؟ فقال: (أما إذا كنت راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد. وإذا كنت غضبى قلت: لا ورب إبراهيم). قالت: قلت: (أجل والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك)، وهذا يدل على أن البيت النبوي لا يخلو أيضاً من بعض المشكلات ولكن حكمة الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - وحواره الصريح مع زوجاته ساهم في تخفيف أثر هذه المشكلات وقيادة سفينة الأسرة إلى بر النجاة.
فالأسرة تُعد إحدى دعائم المجتمع في بنائه والمحافظة على مكتسباته، فإذا صلحت الأسرة صلح المجتمع في جميع شؤونه الحضارية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية.
والحوار موجود منذ أن خلق الله الكون، ولكن طرأت بعض المتغيرات السياسية والاقتصادية والفكرية والاجتماعية تسببت في غياب الحوار عنا، وأصبحنا لا نمارسه في حياتنا اليومية، ونحن اليوم بحاجة ماسة إلى ممارسة الحوار وتفعيله داخل منازلنا، حتى يصبح الحوار عادة من عادات المجتمع وسلوكاً من سلوكياته، إذ إن الحوار هو العلاج الناجح لكل المشكلات والعقبات، لأنه يجمع الآراء المتوافقة ويطرح المشكلات ويساهم في حلها بكل تجرد.
وقد ساهمت التقنية الإلكترونية في تباعد أفراد الأسرة عن بعضهم البعض، مع أن هذه الوسائل التقنية وجدت للاستفادة منها في التواصل، لكننا نجد الابن يستخدم الإنترنت طوال الوقت يتحدث مع زملائه في كل مكان ويتثاقل أن يجلس لدقائق مع أهله، والآخر يتابع إحدى القنوات الفضائية، والبعض أمام الألعاب الإلكترونية.. الخ.. كما أن الأب مشغول في عمله صباحاً، وفي الفترة المسائية مع زملائه في المقاهي أو إحدى الاستراحات طوال الليل. وينطبق هذا أيضاً على البنات والأمهات، مما يسبب غياب الحوار الأسري داخل المنزل، وقد يؤدي ذلك أيضاً إلى بعض الانحرافات السلوكية والفكرية لدى بعض الأبناء أو الهروب من المنزل وعدم العودة إليه.
كما أن غياب الحوار داخل المنزل قد يسبب كثرة الطلاق بين الأزواج، مما يؤدي ذلك إلى تشتت الأبناء والبنات وضياعهم بين الأب والأم، وذلك نتيجة لغياب البيئة الصحية للحوار، فلا يمكن أن يقوم الحوار في بيئة منفصلة لا يجتمع أفرادها بشكل دائم.
ونظراً لحاجة المجتمع إلى تفعيل الحوار الأسري داخل الأسرة، وتشجيع الآباء والأمهات إلى احتضان أبنائهم وبناتهم والتحاور معهم، والإنصات الجيد لهم، وعدم رفع الصوت عليهم أثناء الحديث معهم، وأن يكونوا قدوة لأبنائهم في تطبيق المهارات الحوارية، وعدم الانشغال عنهم، وتحديد وقت محدد في كل يوم للاجتماع فيه والتحاور في ما يخص أمورهم وحاجاتهم وطلباتهم أو التخطيط لبعض الرحلات أو الزيارات، وتبادل الآراء بكل مودة واحترام، فهذا الشعور يوحي بأهمية الفرد داخل الأسرة، ويجعله يكسر حاجز التردد في عرض مشكلاته، فلن يجد مهتماً له مثل والده ووالدته، فغيابهما عنه وعدم التحاور معه يجعله يبحث عن أي شخص ممكن أن يستمع له ويتناقش معه وإن كان يحمل بعض الأفكار السيئة.
أما الأبناء والبنات فدورهم أساسي في العملية الحوارية داخل الأسرة، فعليهم احترام والديهم، وعدم الرد عليهم بعنف كما أمرنا الله سبحانه وتعالى في كتابة العزيز: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) (الإسراء: 23)، والحرص على الجلوس معهم بأدب ومفاتحتهم بكل همومهم وقضاياهم.
وإذا كان الأب أو الأم مشغولين دائماً، فلا بد من إيجاد الطريقة المناسبة للتحاور وعدم اليأس في تكرار المحاولات لفتح قناة الحوار معهما،والمحادثة تلو المحادثة حتى يشجع الابن أو الابنة الحوار مع والديهما، لأن الحوار الناجح الفعال يُسهم في بناء أسرة مستقرة ومتماسكة اجتماعياً.
حاور وأنت مبتسم...
حوار بين الأستاذ وتلاميذ الجيل الجديد
الأستاذ :لماذا يعطي الماء صوتاً عندما يغلي؟
التلميذ: لأن الجراثيم تطلب النجدة
سأل المعلم التلميذ: ماذا يحدث لو اختلط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر؟
فأجابه التلميذ: ينتج عن ذلك البحر الوردي ...
المعلم:أين تقع لندن؟
التلميذ: تقع لندن بجوار _مونت كارلو_ على الموجة القصيرة Am
المعلم:فسّر لي ، لماذا القطار مهم ؟
الطالب : لأن تحته خطين يا أستاّذ
المعلّم لأحد تلاميذه: كم عدد سكان الدولة؟
التلميذ:عشرة ملايين وواحد .
المعلم: ولماذا هذا الواحد ؟
التّلميذ: لأن أختي ولدت اليوم
الأستاذ: كيف يتكون الندى؟
التلميذ : عند دوران الأرض تتعب وتعرق فيتكون الندى ...
الأستاذ: ما تعريف الصخور الراسبة؟
التلميذ: هي التي تذاكر طوال العام ولا تنجح .
الأستاذ للتلميذ: ماذا يعجبك في المدرسة؟
التلميذ : الجرس يا أستاذ ..!!
الأستاذ: متى يحدث الزلزال؟
التلميذ: في فصل الشتاء
الأستاذ: لماذا؟
التلميذ:تصاب الأرض ببرد شديد، فتعطس ،ويحدث زلزال
المعلم :هل تعرفون من هو المنافق؟
التلميذ:نعم يا أستاذ ،هو التلميذ الذي يدخل من باب المدرسة مبتسماً.
آداب عامة للحوار:
يحتاج الحوار إلى آداب عامة ينبغي للمتحاورين أن يلتزموا بها ، لأن الحوار سينهار من قبل أن يبدأ في حالة عدم الأخذ بهذه الآداب العامة ، وهذه الآداب تجعل الحوار مثمراً بإذن الله عز وجل ، وتكون كالمؤشر لايجابية هذا الحوار أو سلبيته ، وهذه الآداب هي من الأخلاق والأسس التي ينبغي أن تتوافر في كل مسلم وليس فقط في المتحاورين . وهذه الآداب العامة للحوار .
إخلاص المحاور النية لله تعالى :
إخلاص النية لله عز وجل ، وابتغاء وجهه الكريم قبل الدخول في الحوار تجعل أطراف الحوار يحرصون على تحقيق أكبر فائدة منه .
توفر العلم في المحاور :
قبل أن يدخل المحاور في الحوار لا بد أن يكون لديه العلم بموضوع المحاورة ، حتى في الحوار التعليمي ، فأحد الطرفين لديه العلم الكافي لدخوله في المحاورة ، والطرف الآخر يعرف شيئاً على الأقل عن موضوع المحاورة ، فهو لا يأتي للمحاورة وهو خالي الذهن منه . والمحاور لا يحاور في موضوع يجهله بل لابد من العلم إلا إذا كان سائلاً يهدف إلى معرفة الحقيقة والاستفادة منها .
صدق المحاور:
إن توافر هذا الأدب في المتحاورين له قيمته الكبيرة في نجاح المحاور فوجود ضد هذه الصفة وهي الكذب يفقد طرفي المحاورة أمانتهم ويتطرق الشك في صدقهم ، إن اعتماد المحاور الصدق في كلامه يكسبه قوة في محاورته ، فكلما تمسك بهذه الصفة كان لهذا الأثر البليغ في إقناع محاوريه بصحة دعواه وسلامة قضيته . والمحاور الصادق يجعل لكل كلمة قيمة واضحة تؤثر فيمن يتحاور أو يستمع له فكل أقواله لها وزنها ، وأما لو كان كاذباً في أقواله فإن أغلب كلامه وإن كان ظاهره الصحة فإنه لا يؤخذ به ولا تكون له قيمة عند محاوريه أو حتى المستمعين له ؛ لأنه فقد المصداقية التي كان يتمتع بها.
الصبر والحلم :
إن البعض يضيق صدره بسرعة في المحاورة حتى وإن كان الطرف الآخر لا يخالفه في الرأي ، وهذا أمر خطير لأنه لا يتمكن من شرح أو توضيح وجهة نظره ، فضلاً على أنه لن يستطيع الدفاع عنها عند المخالفة ، ولذا يجب أن يتصف المحاور بالصبر والحلم قبل دخوله في المحاورة .
والصبر في الحوار أنواع منها :
- الصبر على الحوار ومواصلته .
- الصبر على الخصم سيئ الخلق .
- الصبر عند سخرية الخصم واستهزائه .
- الصبر على شهوة النفس في الانتصار على الخصم .
- الصبر على النفس وضبطها .
الرحمة :
إن من الصفات التي يتصف بها المحاور المسلم هي الرحمة ، وهي رقة القلب وعطفه ، والرحمة في الحوار لها أهمية فالمحاور حين يتصف بها تجد فيه إشفاقاً على من يتحاور معه وميلا إلى إقناعه بالحسنى فهو لا يعد على خصمه الأخطاء للتشفي منه .
والرحمة في الحوار تدل على صدق نوايا وسلامة الصدر والمحاور المسلم لا تكون رحمته لمن يحب فقط بل هي شاملة لكل من يراه ، والمتحاورون لو نظر كل منهم إلى من يحاوره نظرة رحمة وتعاطف معه وسعى إلى إقناعه بكل الوسائل الممكنة .
وتقبل الناس للفكرة ليس بالسهولة المتوقعة ، لأن عقول الناس مختلفة في قدرتها على الفهم ، فقد يفهم أحد الناس أمراً ما في وقت أقصر من غيره ، وبالرفق يمكن إقناع الآخرين.
والرفق بالمحاور يجعله متقبلاً لما يطرح عليه من أفكار ، بل قد يرجع وبسهولة عن رأيه إذا بين الخطأ الذي وقع فيه .ولو عومل بشدة لما استجاب ، بل سيكابر ويعاند ويصر على الخطأ والباطل الذي كان عليه ، وسيلتمس لنفسه المبررات والأعذار في إصراره على ما هو عليه من الخطأ.
الاحترام :
إن اختلاف وجهات النظر مهما بلغت بين المتحاورين فإن ذلك لا يمنعهم من الاحترام والتقدير ، إن الاحترام المتبادل يجعل الأطراف المتحاورة تتقبل الحق وتأخذ به ، وكل إنسان يحب أن يعامل باحترام فعلى المحاور أن يحب لأخيه ما يحبه لنفسه ، وحتى لو كان هناك رد في الحوار فالواجب بقاء الاحترام ، فالمحاور لم يدخل الحوار إلا وهو يرغب في الاستفادة ، فإن لم يستفد فعليه أن لا يفقد الاحترام والتقدير لمن يتحاور معه .
التواضع :
الإنصاف والعدل لهما معنى واحد في هذا الأدب ، وأكثر المحاورات تفقد قيمتها عند انعدام هذا الأدب ، فبعض المتحاورين يغفلون عن هذا الأمر ؛ بما يجعلهم لا يصلون إلى ما يرجون من نتائج .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.