تُشكّل هذه القوانين أو القواعد جزءًا من عالمٍ متأثرٍ بشكلٍ كبيرٍ بمزاعم الحقيقة الحصرية فمنذ عهد أول إمام زيدي في اليمن (حوالي عام 900 ميلادي) انتشرت شائعاتٌ عن ممارساتٍ قبليةٍ تتعارض مع الفضيلة الإسلامية وفي كثيرٍ من تاريخ اليمن المكتوب نجد إشاراتٍ إلى نصوصٍ وكتبٍ ذات قانونٍ قبليٍّ مُميزٍ تتعارض مع الإسلام الحقيقي في جنوباليمن حيث يبدو أن مصطلح المنْع استمر استخدامه للإشارة إلى القانون القبلي ربما اعتُبر الاثنان مُكمّلين لبعضهما في القرن الثالث عشر الميلادي ناقش ابن المجاور المنطقة بأكملها مُشيرًا إلى قانون المنْع بهدوءٍ كافٍ مع أنه يُعرّفه بالجاهلية ويقتبس رب سرجنت الذي كانت خبرته في الجنوب بشكلٍ رئيسي رسالةً من نفس الفترة تقريبًا مفادها أن على المُحكّمين الحكم بالشريعة فيما يتعلق بالشريعة وبالمنْع فيما يتعلق بالمنْع في اليمن العليا ومع ذلك في المجال الزيدي تم إدانة مثل هذا القانون في كثير من الأحيان باعتباره طاغوت، المصطلح الأخير في حد ذاته مثير للاهتمام لأنه على الرغم من أنه يظهر ثمان مرات في القرآن الكريم ويشير بوضوح إلى شيء مذموم إلا أن العلماء كانوا يتساءلون بالفعل عما يعنيه بالضبط في غضون 200 عام من وفاة النبي في العديد من الصيغ اليمنية اللاحقة. قد يكون الارتباط الواضح بالطغيان ولا يمكن لمعظم الإشارات أن تحسب بأمان على أنها تعني حكم المانع في أوائل القرن السابع عشر على سبيل المثال تم إدانة شيخ خولان باعتباره ينتمي إلى الأشرار وحكام الطاغوت وهو ما يعني بالكاد أكثر من أن شعب الإمام اعتقدوا أنه تأثير شرير ومع ذلك يُقال بشكل أكثر تحديدًا أن أحد المعينين من قبل الإمام القاسم قد أخذ من القبائل كتب الطاغوت الخاصة بها وأحرقها، اشتكى الإمام يحيى قبل فتح العصيمات في عشرينيات القرن العشرين من حكم الطاغوت وهو ما يعني على ما يبدو العرف القبلي ويقال إنه هدد في ثلاثينيات القرن العشرين أي شخص يمتلك كتب الطاغوت بالإعدام، تدفع مثل هذه التقارير بعض المؤلفين إلى افتراض وجود قانونين متميزين- حتى القانون المكتوب- متعارضين بشكل لا ينفصم عادةً في الواقع يكون هذا الصراع الظاهري مسألة اختصاص قضائي وبالطبع هو خطاب سياسي وأخلاقي أكثر من كونه تناقضًا نصيًا أو معارضة لشريعة الله، يهتم بعض المؤلفين المعاصرين بإظهار مدى توافق العرف القبلي مع الشريعة أو القانون الإسلامي؛ رجال القبائل من جانبهم لا يريدون أن يُنظر إليهم على أنهم أقل من المسلمين الصالحين لطالما كان الأمر كذلك والأهم من ذلك للغرض الحالي أن الشريعة الإسلامية حرة في استخدام ما هو متاح من موارد عرفية شريطة ألا تتعارض مع مبادئ الشريعة وألا يكون أيٌّ من مجالي القانون مُصنفًا أو مُقيدًا لا يُمكن أن يكون هناك تعارض بسيط بين القوانين، في الواقع إن فكرة القوانين المتعارضة والمتماسكة هي عادةً نتاج الإمبراطوريات الغربية وهكذا حوّل الهولنديون في جزر الهند الشرقية مصطلح العادات أو العرف إلى أداتريخت. وقد حاول الفرنسيون في شمال إفريقيا إضفاء طابع رسمي على الاستخدام البربري كبديل للشريعة الإسلامية مما أثار غضبًا واسع النطاق لا سيما بين البربر في ذلك الوقت وسنتناول لاحقًا لماذا يجب أن تبدو المنتجات المحلية قوانين لمن يكتبونها ويبدو أن الشكل الشائع في اليمن كما في أماكن أخرى من الإسلام كان نوعًا من التسامح مع الأنماط القانونية الثانوية في وثائق المحاكم الرسولية التي جمعها وحررها محمد جازم ببراعة يجد المرء تلميحات لعرف أو عرف متقن للغاية يحكم أشياء مثل الأسواق أي شخص مطلع على النزاعات المعاصرة حول الرعي أو حقوق المياه يعرف كيف يستخدم القانون الإسلامي المعرفة المحلية: في هذا الصدد لم يُندد قانون صنعاء الشهير (1748م) على الرغم من التدقيق فيه عن كثب لكن عدم الثقة في السلطة المفروضة واضح في الممارسات القبلية وهو ما قد يفسر عداوة العلماء في النصين (أ و ب) أدناه نجد ذكرًا لجيران ضعفاء أشخاص من ذوي مكانة أقل من قبلية في برات كانوا يعيشون تحت حماية قبائل برات ويخبرنا القسم (أ) من النص أنه إذا اختلفوا فيما بينهم فلا ينبغي لرجال القبائل أن ينحازوا إليهم بل أن يدفعوهم إلى قاضي شرعي، كان هؤلاء الأشخاص معروفين في الواقع باسم جُهّال الشريعة والشريعة هي الشريعة الإسلامية والجهال هم الأطفال أو بالأحرى الجاهلون غير القادرين على رعاية أنفسهم، أن تكون ابنًا للشريعة يعني أن تكون عالةً على النقيض من ذلك كان على رجال القبائل حل مشاكلهم بأنفسهم إذا لجأوا إلى قضاة الشريعة على عكس الشرع التحكيم العرفي من قِبل معارفهم فإنهم يفعلون ذلك بمحض إرادتهم.