في النظام الذي ادعى الأئمة تأسيسه وما زال السادة يقيمونه تهذيب كبير للعادات والتقاليد القبلية القديمة كان هذا النظام مرادفاً لحكم الشريعة الإسلامية وفي الشريعة الأساس في الحكم هو استنباط شريعة النبي وآل بيته وحاول الأئمة إدخال الشريعة في كل مفاصل الحياة ومع ذلك فإن القبائل والفئات الاجتماعية الأخرى التي تتعارض عاداتها أحياناً مع الشريعة لا تقبل الشريعة دائمًا وفي الواقع فإن كلاً من الشريعة الإسلامية والشريعة القبلية يتسمان بالمرونة في الممارسة العملية كما أن عدد النقاط التي تتعارضان فيها كلياً صغيرة ففي مسائل مثل الدية على سبيل المثال غالبًا ما يتم طلب تقييم الأضرار من أحد علماء الشريعة الإسلامية في عملية التسوية حسب العُرف ومن ناحية أخرى عندما يخضع المتنازعون لحكم الشريعة الإسلامية فإن أشكال الأدلة وبنية الضمان وحتى نوع التعويض لا تختلف كثيراً عن العرُف القبلي وعادة ما يتعامل المرء مع شيء يشبه السيادة أو الولاية القضائية أكثر من التعامل مع العقيدة والبدعة غالبًا ما يختلف السادة أنفسهم عن جيرانهم ليس في ممارساتهم التفصيلية بقدر ما يختلفون في التركيز الأخلاقي الذي أشاروا إليه بشكوكهم إلا أن السادة هم أكثر الأشخاص عرضة لمثل هذه الشكوك، كل هذا يتوقف على النية ونوايا رجال القبائل غير موثوقة دائما ولكن في الجانب الآخر لن يتخلى رجل الدين عن الشريعة إرضاء للقبائل وفي نفس الوقت لن تتخلى القبائل عن الحكم بالشريعة من اجل مصالح آنية وهذا هو العامل المشترك بين الطرفين حتى في عز الخلاف بينهم لن يقبل رجال القبائل بتغيير عاداتهم، كما ومن المفترض أن ينشأ نفس القلق من معاهدات الحماية ومن يحافظون على الهجرة كل هذه المخاوف يمكن أن تحال إلى كتاب الله وإلى السنة النبوية كما تم شرحه وتطبيقه من خلال السيرة النبوية ولكن الفشل في قبول البعض بحلول الشريعة النبويه يثير مخاوف من انتهاك شريعة الله غالباً ما تمت إدانة بعض العادات القبلية والممارسات القبلية في التاريخ الزيدي على أنها طاغوت وهو مصطلح من القرآن يتم ترجمته بشكل خاطئ أحياناً إلى أنة صنم أو حتى شيطان ولكن المعنى الأدق هو كل ذي طغيان على الشريعة الإسلامية ونلاحظ أن حكم الطاغوت يظهر بشكل متكرر في التاريخ عبارة تصف حقيقة أن بعض شيوخ القبيلة أو غيره ممن يتمتعون بالسلطة ويرفضون فرض الشريعة على الحكم القبلي وقد يكون الانطباع أن الطاغوت يشكل قانوناً منظماً يتعارض مع الشريعة الإسلامية أما الواقع كما رأينا فهو أقل بساطة، لا بد أن القراءة الزيدية للشريعة الإسلامية قد أدركت الكثير مما يمكن تجاهله أو إدانته في أي مكان آخر ففكرة الأراضي القبلية في حد ذاتها بعد كل شيء تمثل إشكالية في ضوء قول النبي بأن المرعى والماء والنار لا يمكن إخضاعها لتقييد ولكن لسوء الحظ فإن المصادر المتاحة حتى الآن توفر القليل من المعلومات حول كيفية حل هذه الأسئلة وإن الكثير من نصوص القانون تتعلق بالحفاظ على الصالح العام وهو مفهوم يعطي حرية هائلة لممارسة الشريعة الإسلامية ويسمح بدقة بشمول العادات التي تم التطرق إليها سابقاً. في عام 1781م سأل الإمام المنصور علي بن المهدي السيد أحمد حسن إسحاق عن رأيه حول النزاع الحدودي بين بني الحارث وبني حشيش خارج صنعاء الذي كان أول ما اندلع في زمن المهدي أحمد (1681- 1676م) وتم تقسيم الرعي المتنازع عليه بين القبيلتين وتم الحكم في جولة جديدة من النزاعات في وقت لاحق من قبل حسين محمد عثمان الذي تراجع عن القرار السابق وأعلن أن المنطقة المتنازع عليها مجانية للاستخدام للجميع ووصلت القضية بعد ذلك إلى ديوان الإمام وتم تخصيص جزء من المنطقة المتنازع عليها مرة أخرى لأحد الجانبين ولكن القتال اندلع حيث ادعى كل جانب أن لديه حكماً شرعياً سليما لصالحه وتركز الفتوى على الأهمية القصوى للصلح وهو مصطلح يعني في السياقات القبلية ببساطة الهدنة ولكنه في الخطاب الديني الواعي يرتبط بشكل طبيعي بفكرة السلام العام والتقوى ومن المعروف ضرورة الشرع والسيرة النبوية النظر إلى مصلحة العباد وإزالة أسباب الشكوى بينهم والنقطة المطروحة هي مسألة المساواة أو الإنصاف والحفاظ على ذلك وإصلاح أمور الناس هي مسؤولية خاصة لأمير المؤمنين الإمام والقضاة بشرط ألا يمس هذا الاهتمام بالصالح العام والحقوق العامة أو الخاصة ويعتبر منع الظلم هو الأولوية الأولى في هذه القضية فإن رسم الحدود ومنح الحقوق لكل جانب يقدم طريقة معقولة للخروج من المشكلة ويعزز على وجه التحديد الاتحاد والأخوة في الله تعالى الذي يتم البحث عنه، المبدأ العام هو في الواقع أن المراعي والمياه والنار لا تخضع للملكية الخاصة وهو ما يفسر الاعتراف بمناطق جمع الأخشاب أو الرعي أو جمع العشب باعتبارها مناطق مشتركة بين القرى لكن شرعية إدعاء كل قرية بمثل هذه المناطق أنها ملك لها على حساب القرى الأخرى يتم دعمها من خلال قوانين خاصة ويتم دعم تطبيقها.