د. دانية آل غالب لا شك أن الأحوال حول أمّتنا عسكريًا واقتصاديًا وثقافيًا مع تسلّط الأعداء وحالة التفرّق والشتات التي تحدث في مناطق عدة.. كلّها ظروف وملامح تُشعر النفوس بالتشاؤم والإحباط، وتُوهِم ضعيفي الإيمان بقرب الهلاك. وهذا الشعور هو الأشد سوءًا من كل تلك الظروف. وهو الحال الذي نهى عنه التوجيه النبوي وذمّه الشرع. فعن أَبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِذَا قَالَ الرجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ، فَهُوَ أهْلَكُهُمْ". فالتشاؤم والإحباط لا يمكن أن يرفع شأنا، أو يعزّ راية. وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُحب الفأل الحَسَنَ. ويُحذِّر من التشاؤم وجُلسَاء السوء الذين يسكبون "كلّ سوء" في نفسك، ومنهم الجليس المتشائم. الذي ينقل لك عدوى التشاؤم والإحباط وهما أشدّ الأمراض فتكًا.. وهي داء قتّال، تصيب المرء بالشّلل النفسي، والتخبّط الذهني. وما أكثر المتشائمين من حولنا.. وما أكثر الناعقين بالهلاك والخراب والأخبار السيئة.. وما أكثر المتأثّرين الذين تجرفهم تيارات الإحباط والتشاؤم فينسون أن هذا الدين العظيم، موعودٌ بنصر من الله، وتمكين في الأرض. إن هذه الأمة تمرض لكنها لا تموت، وتغفو لكنها لا تنام، وتخبو لكنها لا تطْفَأُ أبدًا. قال الله تعالى: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ). فكم من محن حلّت بهذه الأمّة وهذا الدين.. فأثبتا أنهما أشدُّ ما يكونا قوة، وأصلبُ ما يكونا عودا، حين تنزل بساحتهما الأزمات، فنجد أن الجبان يتشجّع والغافل يفيق، والضعيف يتقوّى. فالأمّة والدين مرّا بمحنٍ عظيمة وأعظم مما نتخيّل.. فلو عدنا للتأمّل في التاريخ والمحن التي أحاطت بالأمة والدين لوجدنا أن في كلّ محنة ما لا يستوعبه خيال. والشواهد في التاريخ كثيرة، والحادثات العظيمة عديدة.. أذكّر بإحداها التي كانت بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- حينما ارتدّت الجزيرة العربية إلا بعض المدن، ولم تكن الردّة بمنع الزكاة فقط، بل ارتد كثير من الناس عن الإسلام بالكلّية، ومنهم من قتل المسلمين، ومنهم من ادّعى النبوة، فكان الموقف أشد مما عليه الأمة الآن. وتوالت العديد من المحن وظل الإسلام شامخًا كلّما توالت عليه المصائب. وعليه فإنّ علينا -كأمة إسلامية- أن نتسلّح بالإيمان والثقة، والتفاؤل.. وأن نُحارب الإحباط واليأس فهما الخطر الحقيقي. فكلّ مياه البحر لا تقدر على إغراق سفينة إلاّ إذا تسلّل الماء داخلها!! كذلك الهزيمة.. لا يمكنها أن تسيطر عليك إلا إذا تسلّل التشاؤم إلى نفسك. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (46) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain