نجاة برلماني من محاولة اغتيال في تعز    سقوط ريال مدريد امام فاليكانو في الليغا    الأهلي يتوج بلقب بطل كأس السوبر المصري على حساب الزمالك    الدوري الانكليزي: مان سيتي يسترجع امجاد الماضي بثلاثية مدوية امام ليفربول    الرئيس الزُبيدي يُعزي قائد العمليات المشتركة الإماراتي بوفاة والدته    قراءة تحليلية لنص "مفارقات" ل"أحمد سيف حاشد"    الأرصاد يحذر من احتمالية تشكل الصقيع على المرتفعات.. ودرجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى الصفر المئوي    شعبة الثقافة الجهادية في المنطقة العسكرية الرابعة تُحيي ذكرى الشهيد    محافظ العاصمة عدن يكرم الشاعرة والفنانة التشكيلية نادية المفلحي    قبائل وصاب السافل في ذمار تعلن النفير والجهوزية لمواجهة مخططات الأعداء    هيئة الآثار تستأنف إصدار مجلة "المتحف اليمني" بعد انقطاع 16 عاما    وزير الصحة: نعمل على تحديث أدوات الوزارة المالية والإدارية ورفع كفاءة الإنفاق    في بطولة البرنامج السعودي : طائرة الاتفاق بالحوطة تتغلب على البرق بتريم في تصفيات حضرموت الوادي والصحراء    تدشين قسم الأرشيف الإلكتروني بمصلحة الأحوال المدنية بعدن في نقلة نوعية نحو التحول الرقمي    جناح سقطرى.. لؤلؤة التراث تتألق في سماء مهرجان الشيخ زايد بأبوظبي    كتائب القسام تسلم جثة ضابط صهيوني أسير بغزة للصليب الأحمر    وزير الصناعة يشيد بجهود صندوق تنمية المهارات في مجال بناء القدرات وتنمية الموارد البشرية    رئيس بنك نيويورك "يحذر": تفاقم فقر الأمريكيين قد يقود البلاد إلى ركود اقتصادي    اليمن تشارك في اجتماع الجمعية العمومية الرابع عشر للاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي بالرياض 2025م.    شبوة تحتضن إجتماعات الاتحاد اليمني العام للكرة الطائرة لأول مرة    صنعاء.. البنك المركزي يوجّه بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    الكثيري يؤكد دعم المجلس الانتقالي لمنتدى الطالب المهري بحضرموت    بن ماضي يكرر جريمة الأشطل بهدم الجسر الصيني أول جسور حضرموت (صور)    رحلة يونيو 2015: نصر الجنوب الذي فاجأ التحالف العربي    رئيس الحكومة يشكو محافظ المهرة لمجلس القيادة.. تجاوزات جمركية تهدد وحدة النظام المالي للدولة "وثيقة"    الحراك الجنوبي يثمن إنجاز الأجهزة الأمنية في إحباط أنشطة معادية    خفر السواحل تعلن ضبط سفينتين قادمتين من جيبوتي وتصادر معدات اتصالات حديثه    ارتفاع أسعار المستهلكين في الصين يخالف التوقعات في أكتوبر    حزام الأسد: بلاد الحرمين تحولت إلى منصة صهيونية لاستهداف كل من يناصر فلسطين    علموا أولادكم أن مصر لم تكن يوم ارض عابرة، بل كانت ساحة يمر منها تاريخ الوحي.    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    محافظ المهرة.. تمرد وفساد يهددان جدية الحكومة ويستوجب الإقالة والمحاسبة    عملية ومكر اولئك هو يبور ضربة استخباراتية نوعية لانجاز امني    نائب وزير الشباب يؤكد المضي في توسيع قاعدة الأنشطة وتنفيذ المشاريع ذات الأولوية    أوقفوا الاستنزاف للمال العام على حساب شعب يجوع    هل أنت إخواني؟.. اختبر نفسك    أبناء الحجرية في عدن.. إحسان الجنوب الذي قوبل بالغدر والنكران    عين الوطن الساهرة (1)    سرقة أكثر من 25 مليون دولار من صندوق الترويج السياحي منذ 2017    الدوري الانكليزي الممتاز: تشيلسي يعمق جراحات وولفرهامبتون ويبقيه بدون اي فوز    جرحى عسكريون ينصبون خيمة اعتصام في مأرب    قراءة تحليلية لنص "رجل يقبل حبيبته" ل"أحمد سيف حاشد"    الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري تعزّي ضحايا حادث العرقوب وتعلن تشكيل فرق ميدانية لمتابعة التحقيقات والإجراءات اللازمة    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    المستشفى العسكري يدشن مخيم لاسر الشهداء بميدان السبعين    وفاة جيمس واتسون.. العالم الذي فكّ شيفرة الحمض النووي    بحضور رسمي وشعبي واسع.. تشييع مهيب للداعية ممدوح الحميري في تعز    الهجرة الدولية ترصد نزوح 69 أسرة من مختلف المحافظات خلال الأسبوع الماضي    القبض على مطلوب أمني خطير في اب    في ذكرى رحيل هاشم علي .. من "زهرة الحنُّون" إلى مقام الألفة    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    ضيوف الحضرة الإلهية    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر وإيران.. علاقة مرتبكة

مصر وإيران.. علاقة مرتبكة
مرهونة بملفات داخلية متداخلة.. وخارجية أكثر تعقيدا
القاهرة: عبد الستار حتيتة
قضية السياحة الإيرانية لمصر فجرت نقطة خلافية بين البلدين تتعلق بمزارات الشيعة. وبدأت مصر دعوتها للسياح الإيرانيين لزيارتها بالقول إن هؤلاء السياح سيفرض عليهم خط سير محدد لا يتضمن زيارة المساجد ومراقد آل البيت التي يفضل معتنقو المذهب الشيعي زيارتها، كما يحدث في عدد من المدن العراقية.
لكن مسؤولين إيرانيين ردوا قائلين إن زيارات الإيرانيين ستكون مفتوحة ومن دون أي شروط مسبقة، وإن سياحة الإيرانيين لن تقتصر على الشواطئ والمواقع الأثرية الفرعونية، بل ستشمل كل ما يريد الإيرانيون زيارته، بما في ذلك مساجد آل البيت المنتشرة في القاهرة وعدد من مدن الصعيد.
وقبل السيطرة على هذا الخلاف المبكر حول تحديد أماكن السياح الإيرانيين، كانت هناك قضايا خلافية أخرى ممتدة على مدى عقود. العلاقات المصرية - الإيرانية، المقطوعة منذ أكثر من ثلاثين عاما، ما زالت «محلك سر»، وتواجه عراقيل تحول دون عودتها حتى الآن، رغم مرور أكثر من عامين على سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك، الذي اعتبرته طهران لعقود خصمها اللدود.
وبدا في الشهرين الأخيرين أن هناك «تقاربا إخوانيا» تجاه إيران تقابله «معارضة سلفية» شديدة، مما جعل مشهد علاقة مصر وإيران «مرتبكا»، لكن مصادر في الحكومة المصرية تقول إن تحسين العلاقات يسير إلى الأمام، لكنه ببطء «لأن الأمر يتعلق بالرأي العام الداخلي والحسابات الإقليمية والدولية».
وزاد عدد الزيارات المتبادلة لكبار المسؤولين المصريين والإيرانيين، بين القاهرة وطهران منذ صيف العام الماضي، إلا أن عودة العلاقات ظلت متعثرة. ولم تكتمل خطة حكومية بالقاهرة لجلب السياح الإيرانيين إلى مصر، وما يمكن أن يتبع ذلك من تعاون اقتصادي، لكن التيار السلفي المصري، الذي دعم فوز الرئيس الحالي محمد مرسي، يرفض أي تقارب مع إيران، محذرا في الوقت نفسه من أطماع طهران في التمدد الشيعي، ومن مواقفها المساندة للرئيس السوري بشار الأسد ضد شعبه، وهو الموقف نفسه الذي عبرت عنه مؤسسة الأزهر أمام الرئيس الإيراني أحمدي نجاد حين زار مصر مطلع العام الحالي.
يقول الدكتور أحمد لاشين، أستاذ الدراسات الإيرانية في جامعة عين شمس المصرية، إن العلاقات بين البلدين مرهونة بثلاثة ملفات رئيسة.. الملف الأول القضية السورية، والثاني يخص علاقات مصر مع الغرب، والثالث يتعلق بالداخل المصري.
ويضيف الدكتور لاشين عن الملف الأول قائلا: «نعرف أن النظام المصري الآن يعلن دعمه للثورة السورية والفصائل الإسلامية المسلحة في الثورة السورية، وفي المقابل هناك الدعم الذي تقدمه إيران للرئيس الأسد، وهنا توجد منافسة بين مصر وإيران في الملف السوري، وأعتقد أنه سيكون عقبة في طريق العلاقة بين البلدين».
أما الملف الثاني الذي يمكن أن يكون من عوامل الأزمة في العلاقات المصرية - الإيرانية أيضا، كما يوضح الدكتور لاشين، فهو «العلاقات المصرية - الأميركية - الإسرائيلية»، قائلا: «أعتقد أن رؤية الإيرانيين لهذه العلاقة ستكون بمثابة عائق كبير جدا في عودة العلاقات بين القاهرة وطهران، خاصة أن أميركا وإسرائيل تعارضان ذلك، ولا أعتقد أن النظام المصري يريد أن يفسد علاقته مع الغرب».
وبالنسبة للملف الثالث، فيزيد الدكتور لاشين موضحا أنه «يتعلق بالداخل المصري، وهو أمر ذو حساسية ولا يرحب بأي تقارب بين مصر وإيران». ويضيف أن عودة العلاقات بين البلدين «لن تجد ترحيبا من التيار السلفي الذي دعم وصول تيار الإخوان المسلمين للحكم.. من الصعب جدا أن يقبل هذا التيار بعودة العلاقات بين مصر (السنية) وإيران الشيعية»، مشيرا مع ذلك إلى أن النظام الحالي له فواتيره التي ينبغي له أن يسددها، مثل مساندة السلفيين للرئيس مرسي في الوصول إلى الحكم، وما لهذا الأمر من تأثير على الموقف المتردد تجاه التقارب مع إيران.
ويرى الدكتور لاشين أن الزيارات المتبادلة بين مصر وإيران «لا تزيد على كونها محاولات في مجال تحسين العلاقات». ويوضح: «لا ننكر أن العلاقات بين (الإخوان) وإيران قديمة منذ الثورة الإيرانية سنة 1979. وبينهما اتفاق آيديولوجي، لكن هذا لا يمنع من أن هناك بعض العلاقات التي تتم من وراء الستار وليست ظاهرة بشكل يمكن تأسيس نظرية عليه».
وتحدث الرئيس مرسي مؤخرا عن أن العلاقة مع إيران لا تمثل مشكلة بالنسبة لبلاده، وقال حين سئل في مقابلة تلفزيونية حول التقارب بين مصر وإيران، وهل هي رسالة إلى دول الخليج: «إنه يتعجب من تلك الأحاديث، فدول الخليج وغيرها لديها تمثيل بشكل أو بآخر مع إيران، وبالتالي أين الرسالة في التقارب بين إيران ومصر»، مشيرا إلى أنه لا يوجد ما يوجب القلق من هذا التقارب. ويرى أيضا أن تعامل بلاده مع إيران أو غيرها «ليس موجها ضد أي جهة، وإنما لتحقيق مصلحة مصر»، قائلا حول دور إيران في الأزمة السورية، إنه طلب من إيران أن تكون جزءا من حل الأزمة السورية والعمل على وقف نزيف الدم، محملا كل الأطراف مسؤولية ما يدور في سوريا.
لكن حلفاء مرسي من التيار السلفي الذي عضده في انتخابات الرئاسة يرى العكس. ويقول بسام الزرقا، المستشار السابق لمرسي، إن شروط التيار السلفي لعودة السياحة الإيرانية لمصر، هي أن تتوقف طهران عن مشاركتها في قتل السوريين من خلال دعمها لنظام الرئيس السوري، وأن تتوقف عن إثارة القلاقل التي تغذيها في دول الخليج، وكذلك أن تتوقف عن اضطهاد أهل السنة في إيران، مشددا على ضرورة رفض مصر لأي تقارب مع طهران في الوقت الحالي.
وفي مجلس الشورى المصري، يقول عماد المهدي، وكيل لجنة الثقافة والسياحة والإعلام بالمجلس والقيادي في حزب النور السلفي، إن الرئاسة المصرية تريد على ما يبدو تحقيق مصالح من «اللعب بالورقة الإيرانية»، مشيرا إلى أن التيار السلفي، الذي يمثل ثاني أغلبية بعد أغبية نواب «الإخوان» في مجلس الشورى، يعارض السياحة الإيرانية ويعارض التقارب مع طهران، ولديه تخوفات كبيرة من هذا الملف الذي يؤثر على أمن مصر القومي بالسلب.
وزار مصر بالفعل نحو 50 سائحا إيرانيا مطلع هذا الشهر، أعقبها قيام سلفيين بالهجوم على منزل القائم بالأعمال الإيراني في القاهرة، السفير مجتبي أماني، مما دفع الحكومة المصرية إلى إرجاء الرحلات السياحية بين البلدين إلى منتصف يونيو (حزيران) المقبل «لتقييم التجربة»، لكن، وزيادة في الارتباك، قالت مصادر إيرانية إن طهران هي من أوقف هذه الرحلات، وأنها طلبت من المصريين ضمانات حتى تعود السياحة مرة أخرى، ومعها «فرص للتعاون الاقتصادي».
ويرى الدكتور صفوت عبد الغني، القيادي بالجماعة الإسلامية، وعضو مجلس الشورى بمصر، أن إيران تسعى لنشر مذهبها ومحاولة حصار الدول السنية، و«نحن نراقب ما تفعله، سواء في مصر أو سوريا أو البحرين أو أفريقيا». يأتي ذلك في وقت أخذت فيه قضية العلاقة مع إيران مسارات أخرى وصلت إلى المحاكم بإقامة دعاوى تطالب القضاء بإصدار أحكام تلزم رئيس الدولة ورئيس الوزراء، ووزراء الخارجية والداخلية والسياحة ومفتى الجمهورية منع السياحة الإيرانية، لأنها حسب الدعوى التي رفعها المحامي عبد الرحمن أبو عوف، تمثل خطورة على الأمن القومي المصري.
الدكتور مصطفى اللباد، مدير مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية بمصر، والمحلل السياسي المتخصص بالشؤون الإيرانية والتركية، يرى أن العلاقات بين البلدين لم تشهد التطور الذي كان متوقعا بعد عامين من سقوط النظام السابق، مشيرا إلى أنه لم يحدث تبادل للسفراء، إضافة إلى غياب التنسيق أو التحالف الاستراتجي بينهما، مشيرا إلى أن الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الإيراني علي صالحي كانت تعكس رغبة إيران في فتح آفاق تعاون مع مصر والطموح في عودة العلاقات لمستوى تبادل السفراء.
«الزيارات تظل مجرد زيارات، ما لم يتبعها تنفيذ عملي للوعود التي يطلقها هذا الجانب أو ذاك». ولا يرى أستاذ الأمن القومي في أكاديمية ناصر العسكرية العليا بمصر، اللواء محمد قشقوش، أي مؤشر آيديولوجي على الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في مصر وإيران، قائلا إن هذه الزيارات تأتي لحضور مؤتمر هنا أو هناك، مثل حضور الرئيس مرسي مؤتمر دول عدم الانحياز في طهران العام الماضي، وحضور الرئيس نجاد مؤتمر القمة الإسلامية في القاهرة هذا العام.
وتبدو الملفات الرئيسة التي تهم البلدين لا يوجد حولها في الحقيقة نقاط التقاء. ويشير قشقوش إلى أن الرئيس مرسي قال أكثر من مرة إن أمن «الخليج خط أحمر»، لافتا إلى أن مصر قد تحاول مستقبلا لعب دور مواز، لكن المشكلة في يد إيران.. «حين يكون هناك احتلال إيراني للجزر الإماراتية الثلاث، وترفض الذهاب للتحكيم الدولي فهذا يعني أن إيران هي المخطئة، ثم تقوم بتصعيد الأمور في البحرين»، وعليها أن تصدر إشارات تهدئ من روع الخليج.
ويقول المراقبون إن مصر تريد الضغط على الغرب والخليج من خلال «الورقة الإيرانية»، بينما تريد إيران موطئ قدم لها على مياه البحر المتوسط وهي على وشك خسارة حليفها السوري. ويقول اللواء قشقوش عن محاولات إيران التقارب مع مصر في هذا التوقيت: «قد تكون إيران ترى أن النظام السوري على وشك أن يسقط، ويهمها أن يكون لها امتداد استراتيجي على البحر المتوسط. وقد تكون تفكر في ملء هذا الفراغ عن طريق مصر».
ويضيف قائلا: «أعتقد أن مصر أكبر من هذا، لأن إيران ترى أن سقوط سوريا سيؤثر في حزب الله وسيؤثر على المنطقة، ولبنان ستتأثر وغزة كذلك»، مضيفا أن «إيران لم تقدم الخطوة التي تجعل مصر وتجعل العرب والخليج متشجعين للتقارب معها. لكن هل هذا ممكن؟». يقول اللواء قشقوش: «إن زيارة بعض المسؤولين الإيرانيين لمصر تجعلنا نقول إن إيران تعتقد أنها تمد يدها وتجد مصر جاهزة لهذه اليد، لكن مصر متحفظة، وأعتقد أن تحفظها في محله.. بوابة مصر الشرقية في الخليج، وأمن مصر يبدأ من الخليج». ويتابع قشقوش قائلا إن تهديد إيران للخليج يهدد مصر، وذلك ما تفعله إيران مع الخليج، والتدخل في الشؤون العربية يجعل مصر والعرب غير مستريحين من التصرفات الإيرانية.. «إيران تستطيع أن تبدد هذه المخاوف إذا كانت تريد أن تأخذ خطوة إلى الأمام، خاصة أنها تستشعر قرب انتهاء النظام السوري». ويزيد قشقوش قائلا: «مصر لن تسمح لإيران بأن تكون قريبة منها على حساب الخليج».
ويعتبر وزير السياحة هشام زعزوع، أكثر وزراء الحكومة المصرية تعرضا للهجوم من عدة أطياف مصرية خاصة التيار السلفي بسبب تشجيعه للسياحة الإيرانية إلى بلاده. وزار الوزير زعزوع إيران قبل نحو شهرين لتوقيع اتفاق جلب السياح إلى مصر، التي يعاني فيها القطاع السياحي تدهورا كبيرا بسبب القلاقل الأمنية التي تضرب البلاد منذ سقوط النظام السابق. ويقول زعزوع، بعد أن اضطرت بلاده إلى وقف السياحة الإيرانية لمدة 45 يوما، إنه سيلتقي السلفيين في مجلس الشورى للتحاور معهم حول السياحة الإيرانية، وهو يرى أن التيار السلفي لديه تخوف من أنه سيحدث تشييع لمصر مع تدفق السياحة الإيرانية، لكنه قال: «أنا شخصيا أرى في ذلك مبالغة».
ويوجه السلفيون انتقادات لحزب الحرية والعدالة أيضا باعتباره حزبا إخوانيا تابعا للرئيس مرسي، ولا يعترض على سياسات تقاربه مع طهران. ويقول ناصر الدين إبراهيم، النائب السابق عن حزب الحرية والعدالة، إنه يتفهم غضب السلفيين، لكن يوضح في المقابل أن «السياسة تعتمد على التعامل مع من يجاور مصر في الإقليم على كافة المستويات العلمية والاقتصادية والسياحية، خاصة إذا كانت دولة مثل إيران، بحيث يكون هناك نوع من أنواع التكافؤ بقدر يمنع التدخل في شؤوني الداخلية».
وتقول إيران إنها لا تسعى لنشر التشيع في مصر، وإنه ليس لها أطماع في المنطقة، وإنها تريد فقط التقارب مع مصر من أجل مصلحة المنطقة والعالم الإسلامي. وفتحت قنوات تلفزيونية شبه رسمية في مصر مجال الحديث لرئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية في القاهرة، السفير أماني، وحاول أكثر من مرة إقناع المصريين والسلفيين ب«حسن نوايا» بلاده. ويقول أبو الحسن نواب، رئيس جامعة الأديان والمذاهب التابعة لوزارة العلوم والتكنولوجيا والأبحاث في إيران، في اتصال من مقره بطهران عبر الهاتف مع «الشرق الأوسط»، إنه توجد «مشكلات في عودة العلاقات بين بلاده ومصر»، مشيرا إلى أن هذه المشكلة «من جانب مصر وليست من جانب إيران». وأضاف: «لا توجد لدينا أي مشكلة من جانبنا». وعن مخاوف بعض المصريين من التشيع، قال نواب، إنه لا توجد مشكلة بين السنة والشيعة، مشيرا إلى أن إيران سوف تستضيف الأسبوع المقبل مؤتمرا لعلماء من العالم الإسلامي، وقال إن 70 في المائة من هؤلاء العلماء من أهل السنة. وقال: «نحن في حوار دائم وشامل في هذا الموضوع».
وتابع نواب قائلا عن الأزهر: «ليس لدينا أي مشكلة معه.. الأزهر منا ونحن من الأزهر»، موجها الدعوة لعلماء الأزهر من أجل زيارة طهران. وأضاف موجها حديثه للمصريين المتخوفين من التقارب مع إيران: «أقول للمصريين كما قال (الرئيس الراحل) جمال عبد الناصر: كلنا مسلمون.. توفي رسولنا، صلى الله عليه وسلم، وترك لنا ميراثا 95 في المائة منه مشترك، و5 في المائة منه فيه خلاف»، مشيرا إلى أن بعض المصريين تركوا الميراث المشترك وأخذوا بال5 في المائة التي تركز على الخلافات.
وبشأن أمن الخليج الذي يطالب به المصريون أوضح أبو الحسن نواب قائلا: «لا توجد مشكلة بين إيران ودول الخليج.. ونحن منذ قرون نعيش مع أبناء دول الخليج بهدوء وراحة». أما بالنسبة لاتهامات قطاع من المصريين لإيران بأنها تدعم النظام السوري ضد شعبه، فقال نواب: «إيران حين بدأت تساعد سوريا قبل ثلاثين سنة، فإنها وجهت هذه المساعدات في كل المجالات للشعب لا إلى النظام»، مشيرا إلى أن موقف إيران وروسيا والصين في المسألة السورية يختلف مع آراء الآخرين، وأضاف: «أعتقد أن المسألة السورية لا بد أن تحل بيد السوريين».
ويقول مجتبي أماني إنه حان الوقت لتحقيق التقارب بين أكبر قوتين إسلاميتين في منطقة الشرق الأوسط، لافتا إلى أن طهران يمكنها مساعدة مصر بما تمتلكه من خبرات في مجال الطاقة النووية وتكرير البترول وصناعة السيارات.
ويرى السفير أماني أن أكثر من 60% من المصريين يؤيدون عودة العلاقات بين البلدين، قائلا إن هناك أعداء لا يريدون استقرار مصر أو عودة العلاقات بينها وبين إيران، مشيرا إلى أن اتهام إيران بالسعي إلى نشر التشيع في مصر «اتهام كاذب».
وعلى العكس من كل ما سبق، لا يوافق القطب الشيعي المصري، الدكتور أحمد راسم النفيس، على عودة العلاقات المصرية مع إيران، بسبب أن مصر في الوقت الحالي - حسب قوله - لا ترقى إلى كونها دولة، وإنما «إمارة إسلامية حليفة لحماس»، معربا عن اعتقاده أن الوضع في مصر مضطرب ولا توجد استراتيجية ولا رؤية، «وطبعا، القضية لا تتعلق فقط بالملف المصري وحده في ظل حالة الاشتباك القائمة في الإقليم، حيث إن مصر في وضع لا يحسد عليه، وليس من السهل عليها أن تتخذ قرارا منفردا» بشأن إعادة العلاقة مع إيران.
ويقول مصدر في الحكومة المصرية عن العلاقات بين مصر وإيران، ولماذا هي ما بين العودة واللاعودة، رغم الزيارات المتبادلة بين البلدين إنه يوجد تضخيم محلي وإقليمي للمخاوف من عودة العلاقات مع طهران، رغم أن العالم كله يتعامل مع إيران، مشيرا إلى أن بلاده حين تسعى للتقارب مع طهران فإن هذا لا يعني أنها قررت أن تدخل في محورها، لأن مصر لديها مواقفها المعروفة للجميع، ومنه الموقف تجاه الأزمة السورية. وتابع المسؤول الحكومي، الذي طلب عدم نشر اسمه بسبب حساسية الموضوع، متسائلا: «هل يتصور البعض، خاصة في الداخل المصري، أن إيران يمكن أن تغير من طبيعة الشعب المصري أو أن تقوم بنشر التشيع كما يتصور البعض.. هذا تضخيم للأمور»، مشيرا إلى أن مصر «لا يمكن أن تنحاز إلى أي محور غير محورها العربي، ومن يرى غير ذلك فهو لا يفهم عروبة مصر ودورها في المنطقة المبني على هذا الأساس».
وعن السبب في عدم عودة السفارات بين البلدين رغم قول الرئيس نجاد حين كان في زيارة لمصر هذا العام إنه سيعاد فتحها قريبا، أوضح المسؤول المصري أن «الأمر لا يتعلق بمسميات، لأن لدينا علاقات فعلية مع الإيرانيين، حيث توجد بعثات يرأسها دبلوماسيون، عدد كبير منهم بدرجة سفير ولا يطلق عليه هذا الاسم ولكنه يعتبر قائما بأعمال فقط»، مشيرا إلى أن مصر لا تريد حدوث ضجة لا مبرر لها من وراء عودة السفراء، و«الأمر برمته في موضوع العلاقة الدبلوماسية الكاملة مع إيران ربما يحتاج لبعض الوقت».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.