من السهل جداً أن تغضب؟ من البساطة أن تكره؟ يسهل عليك الهجر والقطيعة؟ كيف حال الصراخ معك؟ من هو الشخص الجدير بالاحترام من وجهة نظرك؟ كيف ترى نفسك؟ وكيف تقيّم سلوكك؟ وأسئلة أخرى كثيرة كان لا بد أن تُطرح لا على الآخر وإنما على النفس، فالنفس أولى بالمحاسبة من غيرها، ومن لم يُحاسب نفسه يوماً لا يملك حق محاسبة أبنائه، ذلك لأنه ما عرف التربية وما استشعر ألمها ولذّتها معاً فما تربيته لأبنائه إلا وبال عليه وعليهم. في مجتمعنا نهاب من هو سريع الغضب عالي الصوت كثير الأحقاد مستبسط للبطش، يُقدّر ذلك الشخص وتعلو رتبته بين الناس لا من منطلق الحب والاحترام بل من منطلق الخوف والمهابة، حتى تشكّل المجتمع من غاضب طائش وصامت خائف، ومن فرد يهز رأسه ليدفع عن نفسه السوء وآخر لا يجد من يستحق الاحترام في حياته، وما ذاك المجتمع إلا اضطراب في موازين القوى وخلل في سلم القيم ووعي زائف للمفاهيم الأساسية التي تحدد علاقة البشر بعضهم ببعض. لسنا سواء، وتلك سنة نقر بها ونتعايش من خلالها، فنحن مزيج من الطباع والأخلاق والمبادئ والأمزجة والشخصيات والبيئات والسلوكيات، وتدافعنا أمر لا بد منه ولا حياة دونه، لكن التدافع الصحيح يُبنى على فهم سوي للمبادئ التي تجمع البشرية وللقيم التي نتفق عليها جميعاً وللمفاهيم التي تُحدد شكل علاقاتنا ومستقبلها، فأن نكون سواسية يعني أن نبرز في شيء واحد ونجهل كل شيء غيره، فتقف الحياة عند ذاك الشيء الذي قد يكون وجوده وحده لا يلبي احتياجات الإنسان والعالم، لذلك كان اختلافنا أمناً وراحة، ووجود القوي بجانب الضعيف استكمالاً للقيم وأداء الحقوق، لكن المشكلة مازالت تكمن في تعريفنا للضعيف وللقوي. ليس الحل بالمؤتمرات والحملات والشعارات العريضة حتى وإن كانت فائدتها كبيرة، إنما الحل يكمن في كل واحد منا، في تهذيب نفوسنا ومحاسبتها بالرفق والتودد، في تذكير أنفسنا بالقيم التي نحيا على أساسها، وفي تصالحنا مع المفهوم فنعيه وعياً سليماً متزناً، في اختيار رسالة تخدم المجتمع نسعى لتحقيقها ونشرها، وفي فهم ذواتنا وما تحتاج وكيف تسد حاجتها، بذلك نعي ونعمل وننهض. أنوار مرزوق الجويسري anwar1992m@ [email protected]