| أنوار مرزوق الجويسري | في بعض الأحيان تمرُ على الكاتب أوقات يلجأ فيها للكتابة عما يحتاجه وما يهمه على الرغم من أن مسؤوليته المجتمعية تحتم عليه الكتابة في ما يحتاجه الجمهور القارئ، بعد النظر في هذا الرأي وجدتُ أن الكاتب لا ينفك عن كونه قارئاً في نفس الوقت، وأن احتياجات الكاتب في فترة مُعينة هي ذاتها احتياجات القارئ في فترة أخرى، لذلك كانت الكتابة في ما تحتاجه نفسُ الكاتب تُعد أحد أشكال الالتزام بالمسؤولية المجتمعية، من هذا المنطلق سوّلت لي نفسي الكتابة في ما أحتاجه، فاحتياجات البشر واحدة على الرغم من اختلاف تكوين كل فرد. لربما كانت ظروف الحياة أقسى من أن تُكتب لتسد الكتابة حاجة أو لتقلل من صعوبة ظرف قد يمر به أي واحد منا، لكن لطالما كانت القراءة تمدنا بتفسيرات لما نُعايشه، قد تخفَى عنّا الكثير الكثير من الآراء والاعتبارات والعوامل في أوقاتنا الحرجة، فوجودنا وسط المعمعة يُعمينا عما نحتاجه حقيقة ويُخفي عنّا الحل الظاهر البسيط، لذلك نلجأ للقراءة فنبدأ من القرآن الكريم وننتهي بالتغريدات البسيطة جداً مروراً بالمقالات وبالكتب التخصصية التي قد تعين في حل المشكلة، فما أن يُمد القلب بالطمأنينة والعقل بالحكمة أو بشيء من الحكمة حتى تهدأ نفوسنا ويعود الاستقرار لتكويننا الداخلي. القدرة على الكتابة قدرة على التغيير، وتبدأ القُدرة على التغيير من إمكانية البوح بما تُريد تغييره، ما يُزعجك، ما تفتقدهُ وما تحتاجه، وما أن تبدأ بالبوح حتى تتضح لك تماماً اهتماماتك و احتياجاتك، فالمعرفة سبيل للانطلاق في الطريق الصحيح والاستمرار للوصول لنتيجة تُشعرُك بالأمان على وضعك الحالي وتُتيح لك مساحةً أوسع للعمل للمستقبل، لذلك كانت الكتابة ملاذاً لدى البعض وكان عجزهم عن الكتابة ما هو إلا موت بطيء لكل أشكال الحياة، فالكاتب يعيش بين القلم و الورقة، بين أزرار الكتابة وصفحة خالية تنتظرُ أن تُملأ في مذكرة الهاتف النقال، ففراغ الصفحة وهجران القلم يعني أن هناك خللاً ما في نفس الكاتب وأن عجزه ذاك تولّد عن ظروفٍ صعبة و اضطرابٍ غير مسبوق، فالكتابة في نظر الكاتب صدقٌ محضٌ وواقعٌ قاسٍ ومواجهةُ للحقائق، فما أن يُرهق الكاتب من الحقيقة حتى يأخذ فترة راحة ينقطع فيها عن حياته - قلمه وورقته -. كُل ما يحتاجه الفرد سواء كان قارئاً أو كاتباً يجده بين دفّات الكُتب، وأُكرر أن الكتب تبدأ بالقرآن العظيم وتنتهي بمئة وأربعين حرفاً في تغريدة واحدة، وجُل ما يحتاجه الكاتب يجده بالكتابة بعد القراءة، ويظلُ القارئ أرقى من يتعاطف مع الكاتب حال ألمه وأقوى سبب يجعل الكاتب يستمر بالكتابة مهما آلمتهُ الحقائق. @anwar1992m [email protected]