أكد علاء أبو النصر أن معركة الشريعة في الدستور لن تنتهي إلا بالتطبيق الكامل للشريعة، وأن الليبراليين يعلمون جيدًا أن كلمة مبادىء لا تعني سوى اثنين في المئة فقط من الشريعة. أحمد حسن من القاهرة: في لقائه مع "إيلاف"، فجر علاء أبو النصر، أمين عام حزب البناء والتنمية، مفاجأة بقوله إن المبادىء التي يدور الخلاف الدستوري حولها لا تحتوي إلا على 15 نصًا، وهناك 12 منها منصوص عليها في القانونين الكنسي والروماني، معتبرًا المطالبة بتطبيق الشريعة جهادًا وطنيًا وقضية أساسية للشعب المصري. كما طلب الصبر على الرئيس محمد مرسي لحين إقرار الدستور وانتخاب مجلس الشعب، وبعدها يكون الحساب العسير، مؤكدًا أن النظام القديم ما زال قائمًا حتى الآن. وفي ما يأتي تفاصيل الحوار: لماذا يزعم حزب البناء والتنمية الدعوة لمليونية تطبيق الشريعة الإسلامية؟ كان دافعنا إحساسنا بأن الشريعة والبلد في خطر، بعد ثورة عظيمة، وعهود من الفساد والظلم، وعشرات السنوات من إقصاء الشريعة الإسلامية عمدًا عن حكم البلاد. من هنا كان ضروريًا تنفيذ وقفة لتحكيم الشريعة. ما نطالب به هو نص واحد من أربع كلمات في الدستور، وهي أن تكون الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي للتشريع. أما أن تتبنى التيارات الليبرالية واليسارية والعلمانية قضية عدم تغيير المادة الثانية وبقائها كما هي بكلمة مبادىء، فهذا يعني ترك حبل هؤلاء على غاربه ليعيثوا فسادًا في الأرض، فهم يعلمون جيدًا الفارق بين الشريعة وأحكامها ومبادئها. الحدود آخر الشريعة ماهو مفهوم تطبيق الشريعة من وجهة نظركم ؟ دعنا نفند مزاعم الليبراليين والتيارات اليسارية والعلمانية في تطبيق الشريعة. فهم يوهمون الناس بأن تطبيق الشريعة ليس إلا تطبيق الحدود وقطع الأيدي ورجم الزاني. اختزال الشريعة في تطبيق الحدود معناه أننا لن ننفذ من شرع الله إلا اثنين أو ثلاثة في المئة من الشريعة الإسلامية. والشريعة كل متكامل غير متجزئ، معناها العبادات والعقائد والمعاملات والاقتصاد وتطبيق العدالة الاجتماعية والإحسان والمساواة وبر الوالدين وضمان الحريات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومراعاة المشاكل الحياتية للناس والعمل على حلها أيضًا. فالشريعة تنمية وبناء وتعمير الأرض وارتقاء بالصناعة والإنتاج، وفي آخرها حدود. فحدّ كل شيء نهايته وآخر شيء تنظر إليه الشريعة الإسلامية هو الحدود. وقد وضعت من القواعد والقيود ما تدافع به عن المتهم إلى أبعد الحدود، ويكفينا أن نؤكد أن حد الزنى لم ينفذ بشهادة أربعة شهود مطلقًا، وإنما نفذ باعتراف مرتكبي الذنب، وهذا تماشيًا مع قول الرسول، صلى الله عليه وسلم "ادرؤا الحدود بالشبهات". كما أن لحد السرقة ضوابط تجعل تنفيذه صعبًا جدًا، إذ وجب أن تكون السرقة مبلغًا كبيرًا، وأن تكون من حرز، وأن يكون السارق في غير حاجة إلى هذا المال الذي سرقه، حتى ولو ضبط السارق متلبسًا. لكن الأزهر كمرجعية إسلامية وافق على أن تبقى المادة الثانية من الدستور كما هي. فما مفهومكم للمبادىء والأحكام والشريعة؟ الأزهر حر فيما يراه. طلبنا من قبل أن تكون المرجعية للأزهر فرفض، وبالتالي لن يلزمنا بآرائه. الفرق شاسع بين مصطلحات المبادئ والشريعة والأحكام. فالمبادىء بحسب ما نص عليه دستور 71 وحسب ما عرفتها المحكمة الدستورية العليا تنطبق على الأحكام قطعية الثبوت وقطعية الدلالة، وإذا أحصينا ذلك في الشريعة الإسلامية لن نجد أكثر من 15 مبدأ من بينها دفع المضار مقدم على جلب المنافع والضرورات تبيح المحظورات ولا ضرر ولا ضرار والعدالة حفظ النفس والمال وعدم الإكراه في الدين والغرم بالغنم. والمفاجأة أن من بين 15 مبدأ هناك نحو 12 منها منصوص عليها في القانونين الروماني والكنسي، وبالتالي فإن المحكمة الدستورية العليا قد أفرغت نص هذه المادة من محتواها. بالمناسبة، فضح أحد الفقهاء الدستوريين الحاليين توجه الدستورية العليا حين قال إن المشرع الدستوري وضع عن عمد كلمة مبادىء ولم يعتمد كلمة أحكام. فلو قصد الأحكام ما أعجزه ذلك. والأخذ بالمبادىء يعني التحايل على أجزاء ضخمة من الشريعة، والالتفاف حول أغلب آيات القرآن والسنة، لأنها غير قطعية الدلالة، يتم تفسيرها على حسب الأهواء، فلا تتعارض مع بقية مواد الدستور المخالف للإسلام أصلًا، تحت ذريعة قابلية هذه الآيات للاجتهاد. فمبادىء الشريعة لا تفرق بين الزنى والزواج، ولا تفرق بين الربا والبيع، ولا تفرق بين الخمور والمياه، فهي إذن بلا قيمة من غير أحكام. لا يعارض قانونٌ الشريعة لماذا الاعتراض على كلمة مبادىء وقد أفردت مادة لشرح معناها؟ سأتلو عليك شرح كلمة المبادىء، التي جاءت في الفصل الرابع من الدستور. تقول: "إن كلمة المبادىء تشمل أدلتها الكلية وأصولها والمذاهب الفقهية". هل فهمت شيئًا؟ لماذا لا يكون شرح المادة متضمنًا في نفس المادة 2 من الدستور؟ نحن نعلم جيدًا حيل هؤلاء وخداعهم لتمرير الدستور بهذا الشكل، وهذا ما يدعونا للمطالبة بحذف هذه الكلمة من أساسها. ما نطالب به هو نص دستوري محدد، بأن لا يتعارض سقف أي قانون مع الشريعة. وللمجلس التشريعي أن ينتقي من المذاهب كلها، وليس شرطًا المذاهب الأربعة فقط، من الآراء المعتبرة غير الشاذة، والتيسير بما يتوافق مع مصلحة المجتمع، ويصدر ذلك في شكل قانون تشريعي. ما جدوى المليونيات وبإمكان مرسي اتخاذ قرارات تحقق العدالة الاجتماعية؟ ليس رئيس الجمهورية إلا رئيس السلطة التنفيذية، وعليه تنفيذ القوانين التي يقرها مجلس الشعب. وقد أكد أكثر من مرة أنه لن يتوسع في استخدام سلطاته التشريعية، وبالتالي اكتمال الدستور ومؤسسات الدولة هو الذي سيحقق ذلك، وعلينا أن نكون متنبهين لما يحاك للثورة والشريعة. لكن البعض ينتقد التدرج في تطبيق الشريعة فما موقفكم ؟ نحن مع التدرج في تطبيق الشريعة. فلو حملنا الناس على تطبيق الشريعة جملة واحدة لتركوها جملة واحدة. هذا ليس كلامي وإنما كلام أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز. فإذا ما اكتملت الضوابط الخاصة بالأحكام طبقت الأحكام، وأرى أن مجلس الشعب لا يمكنه إنجاز كل التشريعات التي تحتاج إلى تغيير أو تعديل في وقت قصير، فذلك ربما يتطلب سنوات عديدة. مارأيكم في الطرح الذي يريد أن تكون المادة الثانية للدستور محصنة وفوق دستورية ؟ مجلس شورى العلماء هم أول من طالب بذلك، ونحن نريد ما يمكن التوافق عليه، وأن يكون هناك نص صريح وواضح يقر بمرجعية الشريعة الإسلامية، ويقر بأنه لا يجوز تفسير أي مادة في الدستور بما يخالفها. هل من ضغوط خارجية لإبقاء المادة الثانية من الدستور لتتفق مع القوانين والأعراف الدولية؟ أنا لست مقيدًا بمضمون هذه القوانين كما إنني لست ملزمًا بالتوقيع على اتفاقيات دولية تتعارض مع جوهر ديننا. ومن الممكن ألا أوقع على بعض البنود، ويمكنني الانسحاب من هذه الاتفاقيات. فهذا مبرر واهٍ. وما المانع؟ لماذا تطالب الجماعة الإسلامية بإزاحة النائب العام عن منصبه؟ وهل في ذلك تصفية للحسابات؟ إقالة النائب العام خطوة أساسية في بداية مشوار طويل لتطهير القضاء. والجماعة ستصعد من آلياتها ووقفاتها حتى الإطاحة بالنائب العام لأنه أحد أذرع فساد العهد السابق. وما المانع في تصفية الحسابات؟ لقد كان النائب العام سببًا في ظلمنا لسنوات، والزج بنا في السجون... وقد جمعنا المستندات لرفع قضايا جماعية عليه. فهل ينكر أحد على أحد أن يقتص لحقوقه المهدورة؟ لا عنف ما هي خطواتكم التصعيدية في معركة تطبيق الشريعة في المرحلة القادمة؟ هل تعودون إلى العنف؟ لدينا من الآليات والفاعليات ما ندافع به عن شريعتنا. ويومًا بعد يوم، يكتسب حزب البناء والتنمية والجماعة الإسلامية تعاطفًا في الشارع المصري. ومن أهم وسائلنا المليونيات والاعتصامات والحشد ضد الدستور. ومن حقنا التصعيد طالما أنه تصعيد سلمي. وأؤكد في هذا السياق أن لا عودة إلى العنف. فعصر العنف قد ولى، ولا مبررات لأي فصيل تسوغ له ذلك. لكن!.. عنف الجهادية السلفية في سيناء له مقدماته وظروفه، ولا يجب تعميم الأمر. فلسيناء طبيعتها الخاصة، والجماعة والحزب مع حزب النور السلفي يقومون بجهود كبيرة من أجل تهدئة الأوضاع ومن أجل التوعية، لأن معظم الجهاديين كانوا معنا في سجون مبارك. وكانت الحوارات تتم أيضًا داخل السجون، وبعض قيادات الجماعة تعمل في سيناء للتهدئة. البعض يرى أزمة ثقة بين الإسلاميين والشارع. فكيف ترون ذلك؟ لا أستطيع أن أسمي ذلك أزمة ثقة، لكن يمكن أن يكون هناك تراجع في أسهم التيارات الإسلامية في الشارع. ليس تراجعًا من أغلبية إلى أقلية، فتقييم هذا الأمر لا يجب أن يكون بمعزل عن الإعلام الذي لا عمل له سوى تشويه صورة الإسلاميين. لكننا كحزب وجماعة نمد جسور التعاون مع الجميع، من التيارات الإسلامية إلى الليبرالية، وكان من ثمرة ذلك ولادة الرابطة الإسلامية التي تضم 17 حزبًا وحركة وائتلافًا حتى الآن، أملًا في حدوث تحالفات وتنسيق كبير في الفترة القادمة.