اجتياح بري سيورط اوباما ويهدد مصالح امريكا... المنطقة ملتهبة ولا تتحمل حربا جديدة.. ومصر مفتاح الحل.. دعمها لن يتجاوز التضامن لندن 'القدس العربي': تمثل الهجمات على غزة معضلة لحركة فتح والسلطة الوطنية التي تلقى دعما من الغرب، فالحرب جعلت من فرص المصالحة اكثر مما كانت عليه، وفي مصر الساعية لتهدئة فالرئيس المصري محمد مرسي وان عبر عن دعم لحماس واهالي غزة الا ان عليه موازنة هذا الدعم بحماية المصالح الاقتصادية المصرية، فالدعم الشعبي المصري المطلق لغزة لا يعني ان هناك شهية لدى المصريين للحرب. وكل هذا يعتمد على مسار الحرب التي مضى عليها الآن سبعة ايام، حيث تواجه اسرائيل التي بدأت العدوان خيارات صعبة فاما ان تدفع باتجاه الحرب البرية مما سيعقد الوضع ويجهض الجهود الدولية او توافق على تهدئة مع حماس التي تطالب وبقوة اسرائيل وقف الهجمات وفك الحصار عن غزة، كل هذا يعني ان اسرائيل لم تحل 'مشكلة' حماس، خاصة انها بدأت الحرب من اجل 'تدمير البنية التحتية للارهاب'. ايران هي الهدف وتتهم اسرائيل ايران بتزويد حماس بالتكنولوجيا والصواريخ طويلة المدى، فجر 5 ونقلت 'واشنطن بوست' عن مدير وزارة الشؤون الاستراتيجية قوله ان ايران هي المصدر الرئيسي لسلاح المنظمات الفلسطينية. ومن هنا يقول محللون اسرائيليون ان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ربما اراد من العملية على غزة تهيئة الظروف لهجوم اكبر على ايران وضرب برنامجها النووي. فيما يلقي محللون اللوم على حماس وانها التي بدأت حملة اطلاق الصواريخ بداية الخريف بناء على طلب من ايران. وفي الوقت الذي يقول فيه مسؤولون مصريون ان التوصل لوقف اطلاق النار قريب الا ان مسؤولين امنيين سابقين نقلت عنهم الصحيفة قالوا ان الاحتمالات لا تزال بعيدة، حيث نقلت ايضا عن اللواء سامح سيف اليزل قوله ان المسألة هي 'من يوقف الهجمات اولا'، مشيرا الى انه لا تزال هناك الكثير من القضايا والخلافات. ويجمع المحللون ان عملية اسرائيل لاجتثاث حماس كما تقول ستفشل لان الحركة متجذرة في داخل المجتمع والخط الفاصل بين ما هو حماس ومدني رقيق جدا، مع ان الحركة لديها قوة عسكرية مكرسة للقتال الا ان افرادها ايضا يعملون في المؤسسات الامنية والاجتماعية التابعة لها. ومن هنا فاسرائيل تخلط في استهدافها لغزة بين ما هو مدني وعسكري، فالمواقع التي تقول انها 'مواقع ارهاب' هي مقرات حكومية معظمها انشىء في عهد السلطة قبل ان تسيطر حماس على القطاع. وبالنسبة لاهل القطاع فكلهم اما حماس او فتح او الجهاد. ومن هنا فالحديث عن عدم شرعية هذه المنظمات يعني اضفاء ظلال من الشكوك على شرعية المجتمع. حماس غير الشرعية ولكن حماس تظل في العرف الامريكي والاوروبي منظمة ارهابية، ولعل صحيفة 'نيويورك تايمز' عبرت بوضوح عن هذا الموقف في افتتاحيتها 'لا شرعية حماس' والتي قالت فيها ان مقتل مئة فلسطيني في الايام الستة الاخيرة لم يكن كافيا لخالد مشعل الذي تحدى اسرائيل.وقالت ان مشعل تجاهل حقيقة انه لو قامت اسرائيل بغزو شامل ستقتل عددا اكبر من الفلسطينيين وتدمر اكثر، مما سيفاقم وضع القطاع الذي توقعت الاممالمتحدة انه لن يكون صالحا للعيش فيه بحلول عام 2020. وتقول الصحيفة ان حركة حماس يأكلها الحقد على اسرائيل لدرجة انها تمارس العنف بدون الانتباه للثمن الذي يدفعه اهلها جراء ذلك. وتقول ان حماس كانت البادئة بالعدوان عندما اطلقت ما بين 750 800 صاروخ هذا العام، وتصرفها يدمر فرص بناء الدولة الفلسطينية التي يريدها الجميع، لكن 'هذا كل ما لدى حماس لتقدمه'. ومع انها تحمل اسرائيل جزءا من المسؤولية، مؤكدة على حقها بالدفاع عن نفسها، لكن ما يهم الصحيفة ان الحرب على غزة يحرف الانتباه عن قضايا تشغل المجتمع الدولي من مثل التهديد النووي الايراني والحرب الاهلية في سورية، اضافة الى ان ضرب غزة لا يعمل الا على تهميش السلطة الوطنية التي تدير الضفة الغربية. مشكلة عباس فصحيفة 'نيويورك تايمز' تقول في تقرير لها ان موقف اهل الضفة من الهجمات على غزة لا يقتصر على التعاطف بل السخرية من السلطة وتعريف انفسهم من خلال المقاتلين الاسلاميين. وتشير الى اغنية انتشرت بين الفلسطينيين من غناء شادي البوريني وقاسم النجار 'اضرب اضرب تل ابيب.. اضرب تل ابيب اضربها والصهيونية ارعبها يا بتعمر يا من خربها.. اضرب اضرب تل ابيب.. لازم تعرف يا محتل الفلسطيني ما بنذل.. ما بدنا هدنة ولا حل بدنا نضرب تل ابيب.. يا جيش اسرائيل الغاشم كله ولا غزة هاشم'. وتقول ان كل اغاني البوب عادة ما تتسم بالنزعة البطولية لكن هذه الاغنية تعكس شعورا قد لا يعجب الرئيس عباس والسلطة الوطنية. وتقول ان محادثات الهدنة في القاهرة والتي تشارك فيها قطر وتركيا اضافة للراعية مصر، يتواجد فيها خالد مشعل وليس عباس، الذي يطمح بالتحدث نيابة عن الفلسطينيين. وتشير احاديث بعض المواطنين الى حس العزلة التي يعيشها الرئيس عباس حيث قال احدهم انه يجلس على كرسيه المريح وشعبه يقتل في غزة، وقالت اخرى ان ما يحدث هناك يترك السلطة معزولة. وفي الوقت الذي يقول فيه المسؤولون الفلسطينيون في رام الله انهم يتابعون المحادثات في القاهرة عن كثب الا انهم يعترفون ان الشيء الخطير هو حقيقة انه ما لم يستطيعوا فعله في المفاوضات تقوم صواريخ حماس بعمله، حسب مسؤول الذي وصف النشوة التي اعترت الفلسطينيين وهم يشاهدون المحتل يجري من الذعر، 'انها رسالة خطيرة'. ويعتقد فلسطينيون ان اسرائيل ضربت غزة من اجل منع عباس السفر للامم المتحدة وطلب العضوية لفلسطين فيها، لكن موشيه يعلون، المسؤول الاسرائيلي يقول ان ما تظهره هذه الحادثة هو عدم اهمية ابو مازن. الحلقة المفرغة وتشير صحيفة 'اندبندنت' في واحدة من افتتاحياتها الرئيسية حيث تقارن بين 'ستة' ايام في حزيران احتلت فيها اسرائيل بقية فلسطين واراضي دول عربية مصر وسورية بعملية منسقة دخلت كتب التاريخ العسكري، لكن 'ستة' ايام في غزة لم تجلب معها الا النزاع والدمار بدون منظور لحل. وتمضي بالقول ان استمرار اطلاق الصواريخ بين الفترة والاخرى يعني ان الهدف الذي اعلنت عنه اسرائيل وهو تدميرها لم يتحقق، على الرغم من الضحايا والدمار الذي احدثته في غزة. وفي غياب وقف اطلاق النار فاسرائيل ستجد نفسها امام خيارات مخاطر عمل بري تقوم به، واهم المخاطر التي ستنجم عنه لن تكون التدمير والقتل بل تراجع موقف اسرائيل في العالم. وترى ان استمرار العملية ومنظور اجتياح غزة سيؤدي الى تراجع التعاطف الغربي الرسمي مع اسرائيل، مع ان موقف الدول هذه كان الى جانبها، مع دعوات لنزع فتيل العنف من الولاياتالمتحدة وبريطانيا والدول الاخرى، مع ان هذه الدول لم توضح كيف وقف العنف. وتعتقد ان الحلقة المفرغة من الغضب والاحباط والتفاوض يجب ان تكسر وان لا تتكرر لان المنطقة ملتهبة بدون هذه المواجهات المدمرة التي تحدث بين الفترة والاخرى بين اسرائيل وغزة. وفي غياب سلام دائم والذي يبدو بعيدا جدا، فيجب البحث عن هدف واقعي ومحدود. نتعاطف ولا نريد الحرب وفي تقرير اخر عن الموقف المصري قالت 'اندبندنت' ان التعاطف الشعبي المصري مع غزة وشجبهم لاسرائيل لا يعني ان لديهم شهية للحرب. فعلى الرغم من الموقف المصري الرسمي من العدوان الا ان محمد مرسي بحث عن السلام لا الحرب وهذا هو موقف الكثير من المصريين، الذين يعيشون في الاحياء المكتظة الى الذين يزورون النصب التذكارية للحروب التي خاضتها مصر مع اسرائيل فالكل لا يريدون الحرب مهما كان شجبهم لاسرائيل قويا. فكل المصريين هم ضد اسرائيل كما يقول محمد، مدرس الموسيقى، لكن مرسي يمكنه مساعدة غزة بالمواد الطبية او المال، و' لا نريد ان نتورط في حرب، لان اقتصاد مصر غير مستقر'. ومع ان المصريين شعروا بالحنق على الموقف المذعن لمصر اثناء حكم مبارك خاصة اثناء حرب 2008-2009 الا ان حكومة مرسي تسير على خيط رفيع، فمن جهة تدعم اهل غزة قدر الاستطاعة بدون ان تخرق بنود معاهدة السلام مع اسرائيل من جهة اخرى. ولم يتحدث مرسي عن مواجهة مع اسرائيل حيث يشعر بعض المواطنين ان هدف اسرائيل من ضرب غزة هو امتحان المصريين والكيفية التي سيردون فيها على الحرب. لكن كل ما تريده مصر الثورة الان ليس الحرب بل التصدي للاولويات الملحة خاصة الاقتصاد. حسابات مصر وهذا ما اشار اليه شانشك جوشي في تحليل لصحيفة 'ديلي تلغراف' الذي قال ان رد الفعل المصري الخطابي المتعاطف ودعوة السفير المصري من تل ابيب ينبع من مشاكل مصر بعد الثورة، حاجتها لقرض من البنك الدولي، الدعم الامريكي للجيش المصري، مشاكل الفوضى والسلاح في سيناء والتهريب عبر الانقاق. ولهذا السبب يحاول مسؤولو الاستخبارات المصرية التوسط بين الفلسطينيين والاسرائيليين لانهم يعرفون ان غزوا بريا لغزة سيعرض سياستهم هناك للخطر. ويشير الى التعاون المصري قبل اربعة اعوام مع اسرائيل في احكام الحصار على غزة اثناء الغزو، لكن الوضع الان مختلف، فقد تقرر مصر تخفيف الرقابة على الانفاق وتفتح المعابر مما يعني تدفق المساعدات وربما الاسلحة. ويقول انه بعيدا عن تصريحات المسؤولين الاسرائيليين التهديدية فاسرائيل تفضل تحقيق اهدافها من الجو، مستبعدا هجوما بريا وان استدعاء 75 الف جندي احتياط ما هو الا رسالة لحماس للموافقة على وقف للنار بشروط اسرائيلية. ولكنه يرى ان تحقيقه صعب نظرا لوضع حماس في غزة التي تجد نفسها امام منافسين متشددين من السلفيين. وفي الوقت الذي جلبت فيه السنوات الاخيرة تغيرات من ناحية الربيع العربي وتخلي حماس عن دمشق وتقليل ايران دعمها الا ان الحركة ليست على شفير الهزيمة او قوية بما فيه الكفاية بسبب وضعها الداخلي ومحاولتها السيطرة على الجماعات المنافسة، مشيرا الى ان حماس لا تريد وقف اطلاق نار يؤدي لاندلاع حرب اهلية ولكن تريد ان تحفظ ماء وجهها. ويختم بالقول ان التغير في المنطقة وظهور حكومة اسلامية في مصر لم يمنع اسرائيل من شن هجوم على غزة، مما يعني العودة للوضع السابق. تهديد لاوباما لكن المراقبين حسب 'لوس انجليس تايمز' يرون في الحرب الجديدة تهديدا لجهود اوباما لحل الازمة السورية وتحسين العلاقات مع مصر، ودعم المعتدلين الفلسطينيين. وترى ان العملية خاصة ان دفعت اسرائيل بعملية برية، حيث ستضع العملية امريكا في موقف حرج، حيث سيدعو الى وقفها هو الذي دعمها او ينظر اليه على انه مشارك في حمام الدم في غزة. وفي الوقت الذي دعا فيه اوباما مصر للتوسط لوقف اطلاق النار فانه يواجه مشكلة في الكونغرس حيث يطالب النواب مصر بالعمل على وقف هجمات حماس او انها ستفقد الدعم السنوي الامريكي. واشارت لتصريحات النائب الجمهوري ليندزي غراهام الذي حذر مصر الاحد الماضي وطلب منها ان تراقب ما تفعل وكيف تفعل والا فانها تلعب مع الكونغرس الذي سيقطع الدعم 'حالة استمريت بالتحريض على العنف بين الفلسطينين والاسرائيليين'، فيما وصف النائب الديمقراطي كارل ليفين جهود مصر حتى الان بالضعيفة.