نهيان بن مبارك / المؤتمر السنوي الثالث عشر لمركز الخليج للدراسات / كلمة. الشارقة في 4 مايو / وام / اكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع اهمية المؤتمر السنوي الثالث عشر لمركز الخليج للدراسات الذي بدأ اعماله صباح اليوم في اطار الذكرى السنوية لرحيل المرحوم تريم عمران. وقال معاليه في كلمته الافتتاحية للمؤتمر الذي يعقد تحت عنوان " النظام الدولي : قواعد التنافس ومحددات الصراع " ان هذا المؤتمر يجسد أسمى معاني الولاء والانتماء والعرفان لما قدمه المرحوم تريم من عطاءٍ لوطنه وأمته بل يعبر عن التقديرالكبير لما تركه من مدرسة مرموقة في الأداء الصحفي والإعلامي تجسد رغبته الأكيدة في أن يرى دولة الإمارات والأمة العربية جمعاء وهي في المقدمة والطليعة بين الأمم والأوطان في العالم. واضاف معاليه إن هذا المؤتمر يعد انعكاسا صادقا وحقيقيا لما تتميز به دولة الإمارات العربية المتحدة باعتبارها مركزا محوريا للاقتصاد العالمي وملتقى حيا لتبادل الأفكار بل ونقطة جذْب وتطلع لكافة الأفراد والجماعات على اختلاف أجناسهم وثقافاتهم في ظل قيمٍ ومبادئ عربية أصيلة وفي إطار رؤية مجتمعية صائبة للتواصل مع الآخرين والانفتاح على مختلف الثقافات والإسهام النشط في كافة إنجازات التطور حول العالم. واكد معاليه ان دورنا في النظام الدولي هو محل دراسة وحوارٍ ونقاش ليس فقط داخل المنطقة بل وأيضا في خارجها وما نسمعه عن " صراع الحضارات" و " الحرب على الإرهاب " في دول الغرب دليل على ذلك وما نناقشه في هذا المؤتمر هو أيضا دليل على حاجتنا إلى الإحاطة الواعية بما يدور حولنا سواء تعلق الأمر بالعلاقات بين الدول بالتحالفات السياسية والعسكرية بالتطورات الاقتصادية حول العالم بحركات رؤوس الأموال عبر الحدود بالنمو المتزايد في المعارف بالتدفق المتواصل للمعلومات بالتطورات المتلاحقة في التقنيات بفرص تبادل الأفكار والاحتكاك مع الآخرين هذه كلها قضايا مهمة نحرص عليها ونتابعها كما تعلمون في دولة الإمارات في إطار سعينا الجاد نحو تحديد مكانتنا في النظام الدولي ونحو دحض أفكار التنافر والصراع وتشجيع مبادرات التعايش والسلام في العالم. وفيما يلي نص كلمة معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان.. معالي الأخ الفاضل الدكتور عبدالله عمران تريم.. الإخوة والأخوات الأفاضل المشاركون في المؤتمر السنوي الثالث عشر لمركز الخليج للدراسات ..السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أحييكم ويسرني ويشرفني دائما أن أكون معكم في هذا اليوم السنوي الذي أصبح بحمد الله معلمة ثقافية مهمة في الدولة والمنطقة على السواء برعاية ومثابرة الأخ والصديق الدكتور عبدالله عمران بل وبالعمل الجاد والمستمر من كافة العاملين بدار الخليج . وأقول دائما إن انعقاد هذا المؤتمر السنوي الذي أسعد كثيرا بحضوره والإسهام فيه في إطار احتفائنا بالذكرى السنوية لرحيل أخٍ عزيز وابنٍ بارٍ من أبناء الإمارات هو المرحوم تريم عمران عليه رحمة الله ورضوانه أقول إن انعقاد المؤتمر في هذه الذكرى إنما يجسد أسمى معاني الولاء والانتماء والعرفان لما قدمه المرحوم تريم من عطاءٍ لوطنه وأمته بل ويعبر عن تقديرنا الكبير لما تركه لنا من مدرسةٍ مرموقة في الأداء الصحفي والإعلامي تجسد رغبته الأكيدة في أن يرى دولة الإمارات والأمة العربية جمعاء وهي في المقدمة والطليعة بين الأمم والأوطان في العالم . إنني أنتهز هذه المناسبة كي أهنئ كافة الفائزين بجائزة تريم عمران الصحفية مؤكدا لهم أن جائزتهم تحمل اسم علمٍٍ نابهٍ ومرموق من أعلام الصحافة الوطنية والقومية بما يرفع من سقْف الأمل لديْنا في أن يستمر عطاؤهم ليكونوا بإذن الله في عملهم وإنجازاتهم على قدْر المسؤولية دائما جديرين بهذه الجائزة وما تمثله من آمالٍ وأهدافٍ وطموحات . يسرني كذلك أن أحيي كافة المشاركين في هذا المؤتمر شاكرا لهم همتهم العالية وسعْيهم الجاد بل وإدراكهم العميق لما يمثله هذا المؤتمر من مبادئ وأهداف وما يوفره لنا جميعا من فرصٍ للحوار والدراسة وتشكيل رؤيةٍ رشيدةٍ ومشتركة حول قضايا وأمور الساعة التي تواجه المنطقة والعالم. أيها الإخوة والأخوات : إنني أقول دائما إن هذا المؤتمر يعد انعكاسا صادقا وحقيقيا لما تتميز به دولة الإمارات العربية المتحدة باعتبارها مركزا محوريا للاقتصاد العالمي وملتقى حيا لتبادل الأفكار بل ونقطة جذْبٍ وتطلع لكافة الأفراد والجماعات على اختلاف أجناسهم وثقافاتهم وذلك كله في ظل قيمٍ ومبادئ عربيةٍ أصيلة وفي إطار رؤيةٍ مجتمعيةٍ صائبة للتواصل مع الآخرين والانفتاح على مختلف الثقافات والإسهام النشط في كافة إنجازات التطور حول العالم . لقد أدركْنا منذ البداية ومن خلال النظرة الرائدة لمؤسس الدولة الوالد الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عليه رحمة الله ورضوانه وبفضل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الوالد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله ورعاه وإخوانه قادة الوطن أدركنا أن نجاح التنمية الوطنية بالإمارات مرهونٌ بوجود تفهمٍ كامل للظروف العالمية المحيطة بنا مع إصرارٍ أكيد على أن يكون لنا دورٌ مرموق في تشكيل هذه الظروف وتحديد أنماط التطور المستقبلي فيها خاصة وأن النظام الدولي الآن يتسم بتداخل المصالح وتشعب العلاقات وتدويل كافة عناصر النشاط الإنساني بل والحاجة إلى تنمية مبادئ التعاون والتعايش والتنسيق في جميع أركانه هناك علاقةٌ متداخلة بين ما يحدث على مستوى الوطن وما يحدث على مستوى العالم علينا دائما أن نحيط بها وأن نتعامل معها بعقولٍ ذكية وعيونٍ مفتوحة . أيها الإخوة والأخوات : إنه في إطار ذلك كله وانطلاقا من الحرص التام على الإسهام الفعال في مسيرة العالم ودعم قدرة العرب على التعامل مع معطيات العصر يأتي موضوع هذا المؤتمر الذي أعتقد أنه سوف يسلط الضوء على سبل بناء قدراتنا التنافسية على مستوى العالم في إطارٍ فهمٍ واعٍ ومستنير لطبيعة وأبعاد العلاقات بين الدول في هذا العصر وفي هذا السياق اسمحوا لي أن أشير باختصار إلى عددٍ من الملاحظات : أضعها أمامكم وأنتم بصدد مناقشة الجوانب المختلفة للنظام الدولي : أولا : أن أية محاولةٍ جادة لفهم النظام الدولي تستلزم قراءة واعية للتاريخ للتعرف على ما شهده هذا النظام من دوراتٍ وتطورات عبر العصور خاصة وأننا لا نزال نعيش مع آثار النظام الدولي الذي كان سائدا في القرون الماضية سواء في فلسطين أو في دول المنطقة الأخرى .. علينا أن ندرك أن النظام الدولي في أي عصر إنما هو بطبيعته تجسيدٌ لتوازن القوى في العالم وانعكاسٌ لسعي الأقوياء والقادرين فيه إلى تحديد معالمه وخصائصه والسيطرة على مقوماته وذلك على حساب المبادئ والقيم في أحيانٍ كثيرة . ثانيا : علينا أيضا أن ندرك بوضوح أن النظام الدولي بطبيعته كائنٌ متطور يشهد تغييراتٍ مستمرة ومتلاحقة في موازين القوى العالمية تتبدل في إطارها قدْرات اتخاذ القرار لدى كل دولة وكل تجمعٍ إقليمي وكل منظمةٍ دولية وكل قوةٍ داخليةٍ أو خارجية من قوى الضغط السياسي والاجتماعي هناك الآن مثلا دورٌ متعاظم لوسائل الإعلام والاتصال هناك حركةٌ عالميةٌ نشطةٌ للتجارة والاستثمار والتنافس حول الموارد هناك آمالٌ وطموحاتٌ تتجدد لتحقيق الرخاء في جميع دول العالم هناك دورٌ مهم للجيوش والتقنيات العسكرية هناك كذلك تركيزٌ متنامٍ على عددٍ من القضايا والأمور الاقتصادية والاجتماعية مثل التنمية المستدامة حماية البيئة تغيرات المناخ بل وقضايا جودة الحياة بشكلٍ عام . ثالثا : أن كل ذلك يشير إلى أن النظام الدولي القائم لازال يمر في مرحلةٍ انتقالية تتميز بنوعٍ من الانسيابية التي تعكس قوة كل دولة وكل تجمعٍ إقليمي على حماية مصالحه واهتماماته الاستراتيجية إن النظام الدولي في ظل هذا الوضع هو الآن في مفترق طريق إما السيْر قدما في تحقيق الخير والتقدم والمشاركة للجميع وإما التركيز على المصالح الضيقة لكل دولة ولكل تجمع وهو أمرٌ قد يؤدي إلى انتشار ما بدأنا نشهده الآن من صراعاتٍ داخلية وفتنٍ طائفية وأنشطةٍ إرهابية وتنافسٍ بين دول الشمال ودول الجنوب بالإضافة إلى الانشغال بقضايا فرْعية تعوق السعي والعمل نحو تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الحقة . رابعا : على الرغم مما يقال من أن النظام العالمي الآن نظامٌ أحادي القوة فإن النظرة المتعمقة ربما تظهر لنا عدم صحة هذا القول تماما لأن الأمر لم يعدْ معتمدا على القوة العسكرية فقط وأن هناك مراكز قوةٍ اقتصاديةٍ عديدةٍ في العالم إننا يجب أن ندرك أن النظام الدولي القائم يعتمد الآن في واقع الأمر على التعايش بين قوةٍ عسكريةٍ ضاربةٍ ووحيدة وعددٍ من القوى الاقتصادية التي يتنامى تأثيرها حول العالم هذا التعايش القائم يعيد توزيع مناطق النفوذ في العالم ويمثل تحدياتٍ للدول الناشئة والنامية قد تؤثر في قدراتها على تحقيق التقدم والنمو . خامسا : أن المرحلة الحالية التي يمر بها النظام الدولي تشهد تحولا مهما في طبيعة الصراعات العسكرية لقد أصبح نادرا الآن أن نشاهد حروبا بين الدول بل أصبحنا نشاهد حروبا وصراعات داخل الدول نفسها : صراعات عرقية ودينية وطائفية دعوات : للانفصال وتقرير المصير أصبحنا نسمع عن " الفوضى الخلاقة " ونلمس آثارها من الواضح تماما أن النظام الدولي القائم نظام نشأت معظم منظماته ومكوناته في فترةٍ سابقة كان التركيز فيها للحفاظ على السلام بين الدول هذا النظام ما يزال يحاول التأقلم مع هذا الوضع الجديد . إن قراءتنا للتاريخ أيها الإخوة والأخوات إنما تشير إلى حقيقةٍ هامة هي أن ظهور قوى عالميةٍ جديدة غالبا ما يصاحبه صراعاتٌ وحروب مع القوى القائمة ظروف العالم الآن قد تغيرت لم تعد الصراعات عسكرية في ضوء ما هو متاح من ترسانات الأسلحة التقليدية والنووية سياسات المواجهة التقليدية مصيرها إلى الاختفاء والتحدي الذي يواجه العالم الآن هو ترشيد الصراعات الاقتصادية والثقافية : الخفية والظاهرة بين الدول والمناطق وتوفير إطارٍ واضح لنظامٍ دولي يكفل مكانة مرموقة للجميع بما يحقق لهم الخير والرخاء والسلام . سادسا : أن النظام الدولي القائم ترتبط أجزاؤه ومكوناته من خلال ظاهرة العولمة وما تمثله من فرصٍ وتحديات ولكن النظام العالمي القائم في الوقت نفسه يتسم أيضا بالتفتت وسعْي كل دولة لتحقيق مصالحها مازال هناك نوعٌ من عدم التكافؤ الاقتصادي والعسكري والتقني بين دول العالم كثيرٌ من هذه الدول تجد نفسها في موقعٍ تنافسيٍ صعب هناك حالاتٌ واضحة تطغى فيها ثقافة القوي على الضعيف أو تتأثر فيها الهوية الوطنية والثقافية بطريقةٍ غير مرغوبة نلاحظ بالذات أن قطاعاتٍ بعيْنها داخل دول الجنوب قد نجحت في الإفادة من ظاهرة العولمة بينما هناك قطاعاتٌ كثيرة في هذه الدول ما تزال منعزلة عنها ولا تتأثر بها وهذا من وجهة نظري يمثل فجْوة كبرى يتعين الالتفات إليها ومعالجتها بشكلٍ حاسم . بمناسبة الحديث عن العولمة لابد من الإشارة إلى دور الشركات العالمية العابرة للحدود والأقطار في تشكيل معالم النظام الدولي هذه الشركات لها دورٌ أساسيٌ ومهم في تحديد حركة السلع والخدْمات ورأس المال والتقنيات والخبرات حول العالم كما أن لها أيضا دورٌ أساسي في تشكيل طبيعة البيئة الاقتصادية في مختلف أنحاء العالم إن ما تتمتع به هذه الشركات من قدراتٍ اقتصادية وتقنية وإبداعيةٍ هائلة له الآن أثرٌ كبير في مسيرة العالم . وينبغي علينا أن نأخذ ذلك في الاعتبار . سابعا : أن الاقتصاد الدولي يمر الآن بمرحلةٍ مهمة بعد الأزمة المالية في عام 2008 م لدينا الآن في مناطق العالم المختلفة أزماتٌ ماليةٌ متتالية.. نموٌ اقتصاديٌ منخفض معدلاتٌ مرتفعةٌ للبطالة أرقامٌ مرعبةٌ للديون انخفاضٌ في معدلات نمو التجارة والاستثمار وهذا كله يضع ظاهرة العولمة ذاتها والتي شكلت مسيرة العالم في ربْع القرن الأخير موضع تساؤل . إننا نرى الآن أن النظام الدولي يسير نحو منظومةٍ تكون فيها القوة الاقتصادية والسيطرة على الموارد الطبيعية دليلا على المكانة القوية في هذا النظام بدلا مما كان عليه الوضع في فترات سابقة حيث كانت القدرة العسكرية أو الأفكار والمعتقدات هي أساس القوة والهيْمنة . ثامنا : أن القدرة على التنافس الاقتصادي حول العالم إنما تعتمد على توافر بنيةٍ أساسيةٍ قوية تشمل نظما مالية رشيدة واستقرارا ماليا واقتصاديا واضحا ونظم تعليم جيدة بالإضافة إلى وجود بيئةٍ تحفز إلى الابتكار وتشجع على الإبداع وتحث على المبادرة والمشاركة في الأسواق العالمية إن قراءة سريعة للتقرير السنوي للتنافسية العالمية يفسر لنا كيف أن دولا صغيرة مثل سويسرا والدانمرك تسبق في المنافسة الآن دولا أخرى أكبر حجما وأضخم اقتصادا . إن القدرة على التنافس الاقتصادي العالمي لا تقتصر فقط على الأداء الاقتصادي داخل الدولة وإنما تمتد أيضا إلى ما يوفره النظام الدولي من عبورٍ للحدود والأقطار ومن دوْرٍ مهم كما ذكرْت للشركات العالمية وهذا كله يدعونا في المنطقة العربية إذا ما أردنا بالفعل أن نكون جزءا مهما من النظام الدولي إلى التركيز على سبل رفْع قدْراتنا على المنافسة الاقتصادية بما يمثله ذلك من فرصٍ وآفاق لرفع مستوى المعيشة في المجتمع وتوفير فرص العمل المنتج للسكان وإثراء الحياة في دول المنطقة بل وتأكيد دوْرنا المهم في الاقتصاد الدولي . تاسعا : لاشك أن مستقبل هذا العالم ومستقبل النظام الدولي فيه هو رهنٌ بأدوار التكتلات والمنظمات والتجمعات الدولية المختلفة في هذا المجال وهي كلها أدوارٌ تتطور باستمرار في إطار سعي هذه التجمعات إلى أن تكون قادرة على مواجهة الطبيعة المتغيرة للنظام الدولي وأن تؤدي دورها في حل الصراعات والنزاعات وتحقيق التقدم والتنمية في العالم . يشير ذلك إلى ما نكرره دائما من الحاجة الملحة في المنطقة العربية إلى تفعيل دورها ككتلةٍ مهمة سياسيةٍ واقتصاديةٍ في العالم تحقق الأمن والأمان في المنطقة تؤكد على التجارة والاستثمار فيها تشجع على التكامل الإقليمي في سبيل تحقيق التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية في جميع دول المنطقة وحتى نكون مشاركين حقيقيين في مسيرة العالم . عاشرا : لابد لنا في هذا المؤتمر أيها الإخوة من الاهتمام بدور الإسلام في تشكيل طبيعة النظام الدولي بعض الكتاب المغرضين في الغرب يروْن في الإسلام تهديدا لهذا النظام مع أن أي شخصٍ منصف يستطيع أن يرى في الإسلام منظومة متكاملة في الحياة السليمة والعدالة الاجتماعية والسياسية وكيف أنه دعوةٌ حقةٌ للناس جميعا إن علينا واجبا ومسؤولية أن ندرس وأن ننشر وأن نحاور وأن نفكر في الموقع الاستراتيجي للعالم الإسلامي في النظام الدولي القائم علينا أن نبحث عن الأسباب التي تجعل من منطقتنا مواقع للحروب وعدم الاستقرار لماذا يحرص بعض المغرضين على تقديم الإسلام كمصدر تهديدٍ للنظام الدولي ؟ هل لدينا نحن المسلمين القدرة السياسية والاقتصادية والعسكرية لوضع وتنفيذ استراتيجيةٍ دوليةٍ مستقلةٍ بنا ؟ كيف نغير ما نراه الآن من توجهاتٍ لدى جهاتٍ عالميةٍ معينة للإساءة للإسلام والمسلمين كجزءٍ من استراتيجياتهم في هذا العالم ؟ إلى جانب كل هذه الأسئلة علينا أن نأخذ أنفسنا داخليا بثقافةٍ إسلاميةٍ مستنيرة ثقافة تستوعب الزمان والمكان والحياة ثقافة الوسطية والاعتدال والتي يكون قوامها العلم والعمل والسلوك القويم ثقافة تجمع ولا تفرق ثقافة قوامها المحبة والتعاون وأن الناس جميعا وفي الإنسانية سواء ولن يكون هذا أو شيءٌ منه إلا باستلهام حقائق الدين الإسلامي الحنيف والذي أراده الله رحمة للعالمين . أيها الإخوة والأخوات : إن المنطقة العربية كما نعلم لها موقعٌ مهمٌ للغاية في النظام الدولي ولها دورٌ عالميٌ مرموق في توازن القوى باعتبارها مصدرا حيويا للطاقة في العالم ومعْبرا أساسيا للنقل والمواصلات فيه بل وساحة استراتيجية مهمة لتطوراتٍ اقتصاديةٍ واجتماعية لها تأثيرها القوي في كافة ربوع العالم . دورنا في النظام الدولي هو محل دراسةٍ وحوارٍ ونقاش ليس فقط داخل المنطقة بل وأيضا في خارجها وما نسمعه عن " صراع الحضارات" و " الحرب على الإرهاب " في دول الغرب دليلٌ على ذلك وما نناقشه في هذا المؤتمر هو أيضا دليلٌ على حاجتنا إلى الإحاطة الواعية بما يدور حولنا سواء تعلق الأمر بالعلاقات بين الدول بالتحالفات السياسية والعسكرية بالتطورات الاقتصادية حول العالم بحركات رؤوس الأموال عبر الحدود بالنمو المتزايد في المعارف بالتدفق المتواصل للمعلومات بالتطورات المتلاحقة في التقنيات بفرص تبادل الأفكار والاحتكاك مع الآخرين هذه كلها قضايا مهمة نحرص عليها ونتابعها كما تعلمون في دولة الإمارات في إطار سعْينا الجاد نحو تحديد مكانتنا في النظام الدولي ونحو دحْض أفكار التنافر والصراع وتشجيع مبادرات التعايش والسلام في العالم . أعبر لكم مرة ثانية عن سروري بموضوع هذا المؤتمر وعن سعادتي بوجودكم جميعا هنا مؤكدا من جديد أنه لا يخاف النظام الدولي سوى الضعفاء وغير الواثقين ونحن كعرب قادرون تماما على التعامل مع هذا النظام طالما نتمسك بعقيدتنا ومبادئنا وطالما نحيط جيدا بعناصر النظام الدولي وأيضا بقدراتنا وإمكاناتنا وتطويرها على نحوٍ دائمٍ ومستمر . أحييكم جميعا وأشكر جميع الإخوة والأخوات الذين أشرفوا وساهموا في إقامة هذا المؤتمر سواء بالتنظيم أو بإعداد البحوث أو بالمناقشة والحوار وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يحقق لهذا المؤتمر جميع أهدافه وأن تكون فعالياته ومناقشاته على قدر ما نتوقعه جميعا بإذن الله . وفقكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. / وام /. تابع أخبار وكالة أنباء الإمارات على موقع تويتر wamnews@ وعلى الفيس بوك www.facebook.com/wamarabic. . . وام/root/د/هج/سر