GMT 0:00 2013 الإثنين 13 مايو GMT 6:29 2013 الإثنين 13 مايو :آخر تحديث مواضيع ذات صلة أمجد عرار يثلج الصدر أن نسمع من قادة سياسيين عراقيين تأكيدات على الوحدة الوطنية، بالتزامن مع دعوات زعماء عشائر، للحفاظ على استقرار العراق ووحدته وضرورة خروجه من أزماته الراهنة التي تصاعدت في الآونة الأخيرة بفعل زيادة حركة الأصابع العابثة، والموت المتنقّل . الصوت من أجل عراق موحّد ومستقر يعلو على صوت التفجيرات العمياء التي تضرب سكينة العراقيين وتهدّد سعيهم للسلم الأهلي والوفاق المجتمعي، رغم كل عوامل التوتير الطائفي المشبوه وكل مخططات الفتنة الهادفة لتقسيم العراق . عشر سنوات مرت على غزو العراق مملوءة بالدماء والمآسي من كل الألوان والأشكال . لكن لا جديد في الأمر إلا على من لا يقرأون التاريخ . المستعمرون والمحتلون لا يأتون لمستعمراتهم بالورود والهدايا . الاحتلال يعني القتل والإفقار والتهجير والتجهيل وبث التفرقة والشرذمة، حتى إذا رحل ترك خلفه حالاً يدوم لمصلحته، تماماً كما الوحش الذي لا تنتهي مآسيه بموته، إذ يتحوّل إلى جيفة أشد ضرراً على الصحة . القادة السياسيون يجمعون على العراق الواحد المستقر، ويؤكدون حرصهم على بناء الديمقراطية الحقيقية رغم التحديات، ذلك أن الديمقراطية والنار لا تلتقيان . ومن هنا يصر أعداء العراق على إبقاء النار مشتعلة حتى يبقى البلد مشغولاً في إطفاء حرائقه . والقادة العشائريون يصرخون في وجه ممتهني الفتنة والمخطّطين للتقسيم بأن وحدة العراق أقوى من رغباتهم ومخططاتهم . من هنا تعانقت المطالب من الجميع بالتمسك بالروح الوطنية وعدم السماح لطوفان الفتنة بأن يعرّض البلاد للخطر . أمام المشهد الدامي والموت المتنقل، فليس هناك من سبيل أمام العراقيين سوى وحدتهم على أساس الوطن، لأن هذه الوحدة كفيلة ببناء عراق حر لا مكان فيه لأمراء الحرب والمتسلّقين على سلّم الطائفية . يدرك العراقيون الذين ضربوا مثلاً تاريخياً في الوحدة الوطنية والاندماج الحضاري، أن وحدتهم مستهدفة باعتبارها كانت على الدوام مصدر قوتهم وعزتهم ومناعتهم القومية . ويدركون أيضاً أن مستقبل العراق بيدهم هم، وليس بأيدي القوى الإقليمية والدولية، حتى إن تظاهرت بالحرص على العراق . ونحن بدورنا ندرك أن حاملي فيروسات الفتنة والتقسيم الطائفي والمذهبي والعرقي، فئة قليلة ضالّة ومأجورة . أما التنوّع فهو سبب للتطوير والإثراء الثقافي والحضاري، شرط أن يتوحّد الجميع من كل الطوائف ضد كل هدّام في أي طائفة، باعتبار أن الوطن هو البيت والمستقبل، أما الطائفة فهي مجموعة، صغيرة كانت أم كبيرة، ولد فيها المرء قسراً وخارج منطق الاختيار . يكفي استعراض تجربة أي شعب اكتوى بنار الطائفية، لاستنتاج أن إذكاء نار الفتنة على أساسها هو الأسلوب الوحيد الذي يمكّن مشعليها من أن يتحوّلوا أو يستمروا كزعماء بلا كفاءة أو مؤهّلات . هؤلاء يعيشون ويتزعّمون بفضل مآسي الآخرين، وأول الحطب لنار فتنتهم يكون من أبناء طائفتهم التي لا تهمّهم في شيء سوء التجييش والتعبئة . هم ينفخون في قربة العنصرية ولا يعملون على الوحدة الوطنية لأنها تذيبهم وتلغيهم، بل يلعبون على التباينات الصغيرة، يكبّرونها، ويستغلّون أبسط الخلافات اللحظية فيحولونها إلى برنامج عمل يومي . يبحثون عن العناوين الصاخبة، ويوظّفون أية مصيبة حتى لو حدثت قضاء وقدراً، وينسبونها لخصوم في طوائف أو أحزاب أخرى لكي يصوّروا للمغفلين من قطيعهم أن "الطائفة" مستهدفة . لكنّها الخديعة التي لم تصمد كل الوقت مهما ملك المخادعون من ظروف مؤاتية ومن وسائل تضليل، ومهما رفعوا من شعارات مزيّفة .