الكثير من التوصيات الصادرة من السلطتين، الحكومة والبرلمان، لا تنفذ على أرض الواقع لأسباب ليس هنا المجال للخوض فيها، وهي توصيات مشروعة وتصب في المصالح العليا للبلاد والعباد... فلو نظرنا في واقع التوظيف والبطالة ومخرجات التعليم لوجدنا المئات من الاقتراحات صدرت منذ أكثر من عقدين كلها تدق ناقوس الخطر في أن الدولة ستعاني وبشكل متزايد أزمة توظيف الشباب ومعالجة مشكلاتهم المهنية والسكنية على وجه التحديد، خصوصاً وأن الدولة غائبة عن معالجة الواقع السكاني المختل حيث تفوق نسبة الوافدين في التركيبة السكانية نسبة المواطنين، وترتفع نسبة العمالة الأجنبية على الوطنية في منظومة القوى العاملة. هذه المسألة رغم تكرار البحث فيها وتوصيات المجلس الأعلى للتخطيط لمعالجتها، والدراسات السكانية الكثيرة التي امتدت لأكثر من ثلاثة عقود إلا أن المشهد السكاني والوظيفي زاد تدهوراً في وقتنا هذا لدرجة أنه يستحيل تلبية مطالب السلطة التشريعية التي ناقشت هذا الواقع المزري في جلسة يوم 2 /5 /2013 وأكدت على نفس المشكلات مثل تدهور الأداء العام، والتفاوت في سلم الرواتب، وتكاثر تجار الإقامات، وزحف الوافدين، وخاصة العمالة الهامشية على قطاعات العمل الحكومي وغير الحكومي وغيرها.. تشير الدراسات إلى أن أكثر من (50%) من المواطنين لا يعملون، وأن هناك نسبة غير قليلة لا يداومون في أعمالهم بينما يتقاضون الأجور على مدار الأشهر والسنين. هذا في الوقت الذي لا يجد الشباب المتخرج في الجامعة الوظيفة المناسبة، وعليه انتظار بركات الحكومة ولمدة طويلة لكي يحصل على أي مكان يعمل فيه في أجهزة الدولة. لقد وصل عدد الطالبين للعمل إلى أكثر من (160) ألف مواطن في الوقت الحالي، ويعتقد أن هذا الرقم سيصل إلى (230) ألف طالب عمل بحلول عام (2015). فإذا كانت النسبة الحالية للبطالة تقدر ب (4.9%) فإن هذه النسبة سترتفع إلى (8%) بطالة من إجمالي سوق العمل بحلول عام (2017)، وهي نسبة مرشحة للزيادة بتقادم الزمن... إن البطالة بين الشباب كما قال وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير البلدية تشكل قنبلة، وهي قضية تعتبرها الحكومة من أولوياتها، وكما قال الوزير فإن الحكومة تتعهد بدراسة التوصيات ووضع آلية للمتابعة والمعالجة. نتمنى ألا تكون التوصيات مجرد أمنيات، فليس هناك قنبلة موقوتة مثل قنبلة التوظيف التي يعاني منها الشباب الباحث عن عمل يمكنه من أن يخدم نفسه ووطنه، ولا يجعله يشعر بالمذلة أمام حصوله على حق من حقوقه الذي يتكفل به الدستور، ويؤكد عليه الدستور في أن العمل حق للمواطن، وعلى الدولة أن توفر فرص العمل المناسب، وتتخذ كافة الخطوات التي تتيح المجال لعمل الشباب. الحكومة بيدها من الآن أن تتخذ العديد من الإجراءات التي تصب في توصيات المجلس النيابي، وهي إجراءات تعد من صلب اختصاصاتها، ولا تحتاج إلى تشريع أو انتظار لموافقة المجلس النيابي. فمن هذه الإجراءات الكثيرة تحديد نسبة العمالة الوافدة في التركيبة السكانية، والتخلص من العمالة الهامشية والسائبة، ووقف كروت الزيارة أو أذونات التصريح بالعمل، ووقف التعيين على بند المكافآت للوافدين في الأجهزة الإدارية والتي يقال ان هناك حالياً أكثر من (80) ألف وافد يعملون في الأجهزة الحكومية منهم نسبة تعمل في الإدارة الحكومية، وحض الشباب على العمل في الصناعة والمهن الحرفية التي يمتهنها الأجانب، وتقديم الدعم المادي والمعنوي للشباب للانخراط في سوق العمل ذات الطابع الخاص والمستقل، ووقف التعيينات في الإدارات الحكومية في أعمال لا فائدة منها، وتشكل بطالة مقنعة ومؤثرة في الأداء الحكومي، وكذلك في ضياع الشباب... د. يعقوب أحمد الشراح [email protected]