كشفت دراسة رسمية حديثة إن استمرار الحكومة في تعزيز السلطة المشيخية في البلاد, يضعف كثيراً وبصورة خطيرة لسياسات الدولة في تعزيز الحكم المحلي ويمنح القوى المشيخية النافذة السيطرة على الموارد المحلية من مصادر المياه والأراضي العامة للمجتمعات المحلية لصالح القلة, ويحرم كثيرا من المواطنين من الحصول على الخدمات الحكومية إلا عن طريق القوى المحلية المتنفذة. وأشارت إلى أن بقاء النظم التقليدية واستمراريتها، يعيق عملية التنمية الريفية، ولم تعد اليوم من مبررات لذلك في ظل توجهات الدولة لتعزيز وتطوير الحكم المحلي ودمقرطة المجتمع. دراسة "ظاهرة البطالة في اليمن (الأسباب، الآثار، المعالجات)" الصادرة عن المركز اليمني للدراسات الاجتماعية وبحوث العمل التي أجريت على عينة حجمها 5600 أسرة في محافظات (شبوة، عدن، لحج، المهرة، حضرموت، الضالع، تعز، الأمانة)، أوضحت أن العلاقة بين التعليم وسوق العمل علاقة غير إيجابية، وأن البطالة تنتشر في أوساط المتعلمين أكثر من غير المتعلمين، مما يعني أن هيكل التعليم ومخرجاته لا يتوافق مع متطلبات سوق العمل. 25 بالمائة بطالة عامة وخلصت الدراسة- التي حصلت (السياسية) على نسخه منها- إلى أن معدل البطالة السافرة طبقا للبيانات المسحية بلغ 15 بالمائة, 12.6 بالمائة لدى الرجال 23.1 بالمائة عند النساء، والبطالة الناقصة وهي حالة العمل الغير دائم, بأجر, أو بدون أجر, رفعت البطالة العامة إلى 25 بالمائة. وقالت إنه لعدم وجود قاعدة بيانات دقيقة وشاملة حول البطالة فتشكل الدراسة البداية الحقيقة لبناء قاعدة معلوماتية حول البطالة. وبينت أن البطالة أكثر تفشيا في الحضر 19.2 بالمائة عنها في الريف8.1 بالمائة، لأسباب أهمها انتقال كثير من سكان الريف للعمل أو للإقامة الدائمة في الحضر، حيث تبين ذلك في زيادة النمو السكاني في الحضر إلى متوسط نمو سنوي قدره 4.8 بالمائة تقريبا، وهو نمو يفوق متوسط نمو السكان بنحو 1.8 بالمائة. لافتا إلى أن نسبة الأطفال تحت سن الخامسة عشرة عاماً بلغت 39.3 بالمائة من أفراد العينة الكلية, والمتقاعدون والمسنون 4.6 بالمائة، ونسبة إجمالية بلغت حوالي 44 بالمائة حجم فئة المعالين اجتماعيا يشكلون عبئاً اقتصادياً على الأسرة اليمنية، وأن معدل الإعالة الكلية بلغ 178 بالمائة، وبلغ معدل الإعالة الاقتصادية الكلية 425 بالمائة، وتساوي هذه النسبة 554 بالمائة وبما يوافق تعداد 2004. 75.6 بالمائة من العاطلين شباب وكشفت الدراسة أن فئة الشباب من الرجال والنساء من أكثر الفئات العمرية تضرراً من الآثار الناتجة عن البطالة، أكثر من 75.6 بالمائة من إجمالي العاطلين ينتمون إلى الفئة العمرية 15-29 سنة74.1 بالمائة في الحضر بينما أرتفعت في الريف إلى 81 بالمائة, وبلغت نسبة البطالة عند النساء 78.3 بالمائة مقابل 74 بالمائة للرجال, بينما بلغت نسبة العاطلين الذين هم في المراحل العمرية 30-60 فأكثر 24.5 بالمائة. وأشارت إلى أن معدل البطالة يتصاعد كلما ارتفع الفرد في مستوى التعليم, حيث بلغ معدل البطالة بين خريجي التعليم الأساسي12.7 بالمائة، 60 بالمائة لخريجي الثانوية فأكثر, وبطالة النساء الأميات 4.9 بالمائة,11 بالمائة للائي يجدن القراءة والكتابة,31 بالمائة للحاصلات على التعليم الثانوي, 44 بالمائة لخريجات التعليم لما بعد الثانوي والجامعي. أكدت تضاعف حجم قوة العمل النسوية من 151 ألفا طبقا لتعداد 1994 إلى 596 ألفا طبقا لمسح ميزانية الأسرة 2005/2006، بمعدل نمو سنوي قدره 13.3 بالمائة مقابل4.7 بالمائة للرجال خلال الفترة نفسها. وأرتفع معدل البطالة بين النساء من 10.6 بالمائة عام 1994 إلى 46.4 بالمائة طبقا لبيانات مسح ميزانية الأسرة, وتوقعت أن ترتفع نسبة الفتيات والنساء في قوة العمل إلى 22 بالمائة بحلول عام 2015 حيث يتجاوز عدد اثنين مليون إمرأة, مع تصاعد معدلات البطالة بين النساء إلى 100 بالمائة خلال الفترة نفسها.وبينت إن نسبة النساء خارج قوة العمل يمثل ما مجموعه 72 بالمائة من إجمالي السكان خارج قوة العمل، مقابل 28 بالمائة للرجال, ويعود ذلك إلى سطوة المجتمع البطريكي وثقافته المهيمنة الذي حدد للمرأة البيت كحيز وظيفي للنشاط النسوي. وكشفت عن بقاء مشكلة الأمية واستمرارية تنامي أعداد ضحاياها, يُضاف إليهم أولئك الذين يحسنون مجرد القراءة والكتابة حيث بلغوا جميعا نسبة تزيد على 28 بالمائة من إجمالي العاطلين. وأظهرت نتائج الدراسة أن نسبة أسر العاطلين التي لا تتوفر لها مستويات الحد الأدنى من المعيشة المحرومة من الخدمات بلغت متوسط قدره 27.4 بالمائة, والمحرومة من الخدمات 34 بالمائة, والأسر التي لا تتوفر لها خدمات الشبكة العامة للمياه 22.2 بالمائة، والأسر التي لا تستخدِم الغاز في مطابخها ونسبتها 17.8 بالمائة. اليأس والعجز والضجر وأكدت إن البطالة أدت إلى بروز حالات اليأس والعجز والضجر وعدم الرضا عن النفسية والمحيط الأسري والاجتماعي مما ينتج عنه حالة الشعور بتدني الذات وعدم الارتباط والانتماء للمجتمع وهذا يوثر بدوره في تحقيق مبدأ المواطنة, ويؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم, وارتفاع نسبة الكلسترول, التهاب المفاصل إلى أمراض القلب, الإصابة بالذبحة الصدرية, حالات سوء التغذية. بالإضافة إلى ظهور حالات عدم التوازن والاستقرار النفسي وبخاصة في حالة تعطل الفرد عن العمل, وعدم القدرة على تنظيم الوقت واستغلاله بشكل مثمر وحالة اللامبالاة والفتور التي تنعكس على العاطلين, وظهور حالات الاكتئاب مما يؤدي إلى الانعزالية والانسحاب نحو الذات. أسباب تنامي البطالة وأرجعت الدراسة أسباب تنامي البطالة في اليمن بحسب الدكتورة أسمهان علس إلى تراجع الدور المحوري للدولة في عملية التوظيف إلى الحدود الدنيا, وانحسار دور الدولة في النشاط الاقتصادي وذلك في خفض إسهاماتها الاستثمارية, وخصخصة بعض مؤسساتها الإنتاجية ، وتسريح عمالها وعدم إعادة تشغيلهم وتأهيلهم في أعمال ووظائف أخرى, وعدم فرض الحكومة حد معين لاستقدام العمالة الأجنبية للقطاعين, وتزايد عدد السكان وارتفاع نسبة الأطفال, وبقاء المتقاعدين في إطار الوظيفة الحكومية بعد وصولهم سن التقاعد الاعتيادي، بسبب عدم قدرة صندوق التقاعد على دفع معاش المتقاعدين. وأضافت إلى ما سبق: الاختلال بين مدخلات التعليم ومخرجاته نتيجة لسوء التخطيط الاستراتيجي, وضعف معدل النمو في القطاع الزراعي، بسبب الجفاف المزمن, وضعف معدل الاستثمار المحلي، وضآلة ما يتدفق على البلاد من استثمارات أجنبية مباشرة, وعدم نجاح الحكومة اليمنية في تحفيز الرأسمال الوطني للاستثمار في المشروعات الإنتاجية الكبرى نظراً لهيمنة الثقافة التجارية لدى القطاع الخاص الذي يهدف إلى الاستثمار في المشاريع ذات العائدات السريعة, وانتشار ثقافة احتقار العمل اليدوي أو الحرفي والحط من شأنه وفي مقابل ذلك إعلاء شأن العمل المكتبي أو الذهني المرتبط بالوظيفة العامة. التوصيات وأوصت الدراسة بتطوير قانون الاستثمار, مع المراجعة الدورية له وغيره من القوانين النافذة ذات الصلة, وتوجيه السياسات العامة للحكومة لحث المؤسسات الحكومية المعنية لإعداد الخطط والبرامج والمشروعات الاقتصادية والاجتماعية للحد من البطالة بين الشباب, وتوظيف الاستثمارات المحلية والوطنية لإيلاء جزء غير يسير من إمكاناتها المالية كمواجهة الآثار والمشكلات الناجمة عن البطالة. وأوضحت ضرورة فتح المجال أمام الاستثمارات المحلية والوطنية والعربية والدولية للاستثمار في القطاعات الواعدة لضمان امتصاص البطالة والكشف عن الاختلالات الهيكلية التي تخلفها سياسات الاقتصاد الكلي والجزئي والسياسات المالية التي تشكل عاملاً من عوامل زيادة معدلات البطالة, وبحث الفرص الداعمة لتحسين سياسات الإصلاح المالي في الأجهزة الحكومية المختصة,وتوفير خدمات البنى التحتية وتحسينها وإعادة النظر في أولويات خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومراجعة أهداف الألفية للتنمية. نظام للتأمين ضد البطالة كما أوصت بتحسين آلية عمل مكاتب العمل الحكومية والتشغيل الخاصة وتقديم كافة الإمكانات الفنية لها لتمكينها من القيام بمهامها وأدوارها ومسؤولياتها في التصدي لهذه الظاهرة, وتحسين مخرجات التعليم الجامعي والفني وبرامج التدريب المهني لجعلها ملبية لاحتياجات سوق العمل وإنشاء مجلس للتشغيل يضم الجهات الحكومية الرئيسية (وزارات التعليم الثلاثة، وزارة العمل، الاتحاد العام للغرف التجارية برئاسة نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير التخطيط والتعاون الدولي), وتعزيز مجالات الحوار الاجتماعي بين أطراف الإنتاج الثلاثة حكومة وأصحاب عمل وعمال لتحسين بيئة العمل والتخفيف من مشكلات العمالة الناقصة والعمالة الموسمية وغيرها. وتنفيذ سياسات وبرامج الحماية الاجتماعية للعاملين المعرضين للفصل التعسفي أو للعجز المهني, ووضع أنظمة حماية اجتماعية للعاطلين عن العمل في إطار برنامج شبكة الأمان الاجتماعي, ونظام للتأمين ضد البطالة للعاطلين عن العمل. وشددت على أهمية إجراء المزيد من الدراسات التحليلية والتشخيصية حول الظاهرة وأسبابها والعوامل التي تحيط بها لاتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لمعالجتها والكشف عن الجوانب الخفية التي تخلفها التي من شأنها أن تولد المزيد من التطرف والإرهاب والجريمة والعنف, وإعداد مسوحات وطنية شاملة ترتكز عليها الحكومة في رسم السياسات وأعداد الخطط والبرامج والمشروعات التنموية, وتوفير إمكانيات للدعم المالي والفني للأجهزة والمؤسسات البحثية والإحصائية لتمكينها من تنفيذ مسوحات ودراسات اجتماعية. إلى جانب وضع خطط إحلال لتوظيف العمالة الوطنية محل العمالة الوافدة في المؤسسات الإنتاجية والاستثمارية التي تستقدم عمالة وافدة وإلزامها بتوظيف اليمنيين, وعدم استقدام العمالة الأجنبية إلا في الحالات القليلة التي لا تتوفر لليمني فيها الخبرات والمعارف الفنية والتقنية العالية. الاهتمام بالموارد البشرية ودعت الدراسة في توصياتها إلى تطوير البنى المؤسسية للمؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية الرامية إلى معالجة البطالة, وبناء قدرات العاملين في المؤسسات الإنتاجية والاستثمارية لمساعدتها على توليد فرص عمل جديدة ومجزية للشباب من النوعين, والاستعانة ببعض الخبرات الناجحة في هذا الجانب. وطالبت بإعادة النظر في أولويات التنمية وتوجيه الاهتمام الأكبر بالنشاطات الإنتاجية وبالموارد البشرية, والاهتمام بالتنمية الريفية والتنمية المحلية إجمالاً, وتشجيع قيام المشروعات الصغيرة والمشتركة بين الشباب وتقليص الاعتماد على الدولة في توفير الوظائف من خلال زيادة جهود صندوق تمويل الصناعات والمنشآت الصغيرة والتركيز على تطوير كفاءاته كوادره الإدارية, والتسريع بما وعد به رئيس الجمهورية بالقيام بمشاريع للشباب تشتمل على توزيع أراضي زراعية وإقامة مدن سكنية, كما جاء في أحد خطاباته قبل عامين. الشباب والمعارف الضرورية والتركيز على التعليم الفني والمهني وتوسيعه حتى يحصل الشباب على المعارف الضرورية التي تفتح لهم أسواق العمل في مناطق الجوار, ويكون بمقدورهم المنافسة العالية في تلك الأسواق, وتشجيع رؤوس الأموال الوطنية للاستثمار في المشروعات التي تتطلب عمالة كبيرة, وتعليم العاطلين والخريجيين للمهارات الخاصة بالحاسوب والأعمال الإدارية والمحاسبية والتسوقية والخدماتية عن طريق المدارس الثانوية والجامعية والمعاهد, وسرعة تصميم برامج عملية قصيرة، متوسطة وطويلة الأجل لمكافحة البطالة في أوساط الشباب وتصميم إستراتيجية لمكافحة البطالة، تشترك فيها مراكز صناعة القرار مع المؤسسات الأكاديمية المتخصصة. السياسية