عبداللَّه الصعفاني * صباح هذه الأثوار التي قدمت الكثير من دمائها ليس من أجل أن يأكل «الغرَّامة» اللحمة في زمن الغلاء فحسب.. وإنما صوناً للأرواح وتخفيفاً من ثأر القادرين العافين إكراماً للقادمين «الزاملين». * الثور عندنا صار فارس الرهان المذبوح وسيد المكان المبطوح، سواءً تعرض للذبح أو عاد سالماً انتظاراً لمهمة جديدة. عند الفرح يحضر الثور.. عند الحزن نضحي بالثور.. عند الاعتداء أو الشتيمة وهتك العرض.. فتش عن الثور.. وإلا فأنت غريب على عالم القبيلة. * أنت وأنا وهم نحتاج للثور مرة في حياتنا على الأقل.. إذا لم يكن للهرب من جريمة ارتكبناها فعلى الأقل حفاظاً على ما تبقى من الكرامة بسبب التعرُّض لملاطيم في سوق القات أو حتى في فندق الموفنبيك.. فيما نحن، مسئولين ومواطنين، ما بين باكية على ضحايا عرس وباكٍ لأن الدوحة بلا قمامة. * لست هندوسياً حتى أترافع عن حق الثيران في الحياة إلى أن تموت هرماً، ولكن من حق ثيران اليمن أن تموت.. هناك.. في المسلخ وفي أجواء طبيعية تفرضها الحاجة إلى اللحم وليس للتغطية على إهدار حقوق الإنسان في الحياة الكريمة. * لقد صارت الثيران إحدى وسائل دفع كلِّ عدواني لأن يرتكب الحماقات والجرائم وهو يفكر بأن الثور هو الحل والثور هو الملاذ، حتى صار هناك من يحتفظ بثور أو أكثر يقوم بتأجيرها للناس كما تؤجر الخيام في الأعراس.. والفضل لهذه الثقافة التي دفعت القانون في اليمن لأن يتوارى إما خجلاً أو رياءً ونفاقاً.. وهو ما جعل أقل العدوانيين عدوانية هو من يكتفي بإرعاب نساء وأطفال غريمه بالقنبلة الصوتية التي تنشر الخوف في أرجاء الحارة النائمة. * والفضل في الذي وصلنا إليه لهذه القوانين التي إذا سلمت من الحذف والتزوير في المسافة الممتدة بين مقر الحكومة والبرلمان لم تسلم من أقطاب ووجاهات رسمية وقبلية لا ينام الواحد منهم قبل أن يتأكد من أنه خالف القانون.. والنتيجة أن القادرين المسلحين استبسطوا الخوف والقتل حتى وصل بنا الحال درجة اختطاف القاضي وسحبه بملابسه حتى التقطيع ونقله من سيارة إلى أخرى على مرأى ومسمع.. والمثير للدهشة أن تحضر الثيران إلى مؤسسات حكومية فيرتصُّ أبناء المؤسسة الحكومية استقبالاً للقبائل قبل أن يتحقق العفو ويُطاح برأس الثور. * أما لو استعرضنا مشوارنا في مهادنة الدولة للقاتل والخاطف وقاطع الطريق والإغراء بالمال والرتب بل وتفسير ما يحدث مؤخراً من الجرائم الأمنية بأنها مجرد ولادات متعسرة لليمن الجديد فإن في الأمر ما يجعلنا نتمنى لو تتحول الحكومة إلى بقرة سحرية تطير في السماء قبل أن تجثم على كلِّ المجرمين انتصاراً لخائب الرجاء المسمى ثوراً. * جمعتكم مباركة. *صحيفة اليمن اليوم