على الرغم من ارتفاع أصوت المحال ودق المسامير في ورش البناء المنتشرة في العاصمة بيروت وضواحيها، لكن البعض منها لم يكتمل بسبب توقف العمل فيها مؤقتا. هذا الواقع يشي بالجمود الحاصل في القطاع العقاري منذ سنتين بحسب الخبراء. الخبير الاقتصادي لويس حبيقة يرى أن الجمود أصاب القطاع منذ عامين وهو مرشح أن يستمر أكثر. ويكشف الخبير حبيقة أن "أسعار الشقق في لبنان وخاصة الكبيرة منها التي تتجاوز مساحتها 200 متر مربع انخفضت بين 10 و20% كمعدل وسطي، نتيجة ارتفاع العرض وانخفاض الطلب، لا سيما بعد الاضطرابات التي تمر بها المنطقة العربية". ويؤكد أن هناك المزيد من الانخفاض في الأشهر القادمة، ناصحا أصحاب الملك بالبيع الآن، لأن السعر سينزل بسرعة فائقة. في المقابل، أكد حبيقة أن الأسعار لم تنخفض بشكل كبير رغم انخفاض حجم الطلب. فتراجع الأسعار يبقى محدودا بسبب أولا التضخم الحاصل الذي رفع الأسعار بشكل لا يتناسب في الواقع مع السعر الحقيقي وثانياً لأن سعر الأراضي يبقى مستقرا نتيجة ندرة في الأراضي المعروضة للبيع. ويرى أن هناك ازديادا على طلب الشقق الصغيرة التي لا تتجاوز 200 متر مربع، بينما العرض يقدم شققا فخمة واسعة لا تتناسب وإمكانيات السوق المحلية. ويشير حبيقة إلى أنه مع غياب المستثمر العربي والمغترب اللبناني فقد الطلب على الشقق السكنية الكبيرة التي يفوق سعرها المليون دولار. ويجزم حبيقة "لكن هذا الواقع لم يدفع عارض الشقق أن يخفض الأسعار أملا منه في أن يتحسن وضع السوق مع انتهاء الأزمة في سوريا". من ناحيته، أعلن كبير الاقتصاديين في بنك بيبلوس غبريل في حديثه ل"العربية.نت" أن المؤشرات تشير إلى أن القطاع العقاري يشهد تباطؤا ملحوظا في الحركة. إذ إن رخص البناء خلال الأشهر الأربعة الأولى لسنة 2013 شهدت تراجعا بنسبة 12.5% في الوقت الذي كان التراجع في 2012 اقل بحيث وصل الى 9.8%، فيما كانت معاملات رخص البناء تسجل ارتفاعا 8.2% بحدود في 2011. ويؤكد غبريل أن الواردات الضريبية من المعاملات العقارية التي هي تعتبر أيضا أحد مؤشرات السوق تراجعت بنسبة 23% منذ 2011. الا أن حركة البيع تبقى طبيعية ضمن معادلات العرض والطلب، إذ إن ليس هناك من انسحاب للمالكين غير المقيمين في لبنان من مستثمرين عرب ومغتربين وفق غبريل. وبالنسبة له سبب التباطؤ هذا يعود إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير منذ الطفرة التي وصفت آنذاك ب"العشوائية والجنونية"، ما أدى لتضاعف الأسعار، ناهيك عن تصاعد التوتر الأمني في لبنانوسوريا . هذا الواقع أدى الى إحجام المطورين عن الاستثمار، مفضلين الحفاظ على سيولة خاصة في ظل حالة عدم الاستقرار التي تسود البلاد. في المقابل، يرى المطور العقاري رجا مكارم أن القطاع العقاري يشهد هدوءا لكنه لم يتوقف أبدا، فما زال الطلب على الأراضي يفوق حجم العرض. كما يجزم أن 83% من الشقق التي تم تشييدها في 2012 بيعت وهذا يدل على قوة القطاع التي تعتمد بشكل أساسي على السوق المحلي. فبالنسبة إلى الاستثمارات الأجنبية، يقول مكارم أن الأموال الخليجية التي كانت تشكل 15% من مجمل الاستثمارات في لبنان انخفضت منذ حرب إسرائيل في 2006 وهذا ليس شيئا مستجداً.