سقطت مدينة القصير على يد الجيش السوري و"حزب الله"، وفُتحت سجلات الربح والخسارة على المستويات المحلية والاقليمية، فيما تبقى الأزمة السورية مفتوحة على كافة الاحتمالات، ومعها تبدلّت الحسابات والأولويات اللبنانية، في الوقت الذي شهدت فيه الساحة المحلية اشتباكات عنيفة في الشمال واطلاق صواريخ على مدينة بعلبك وتهديدات أخرى بضرب معاقل "حزب الله". بيروت (فارس) وكما كان متوقعاً، انتقل الحدث السوري الى الداخل اللبناني، وتزامنا مع اعلان سقوط القصير وانسحاب المسلحين منها، كان لبنان يسدد فاتوة أمنية من العيار الثقيل، تعيش معها البلاد على وقع هزات ارتدادية من الشمال الى الجنوب. وقد تلت عملية سقوط القصير حوادث أمنية متفرقة في لبنان، حيث سقطت ثمانية صواريخ على مدينة بعلبك، أطلِقَت من داخل الأراضي السورية، كما وقع اشتباك على حاجز للجيش اللبناني بين الجيش ومسلحين، وسجل توترا مستمرا في صيدا بين أنصار الجماعة الاسلامية والتنظيم الشعبي الناصري، وذلك على وقع المسلسل المستمر للاشتباكات العنيفة في الشمال اللبناني. وعن استمرار "حزب الله" في القتال الى جانب النظام السوري، يعزي المحللون بأنّ ما حصل في القصير ليس سوى جولة أولى من معركة لا تزال طويلة، وبأنّ أي خطوة مستقبلية ستكشف عن انّ الحزب سيتدخل حينما تستدعي المصلحة الكبرى، فالحرب فُرضت على الحزب وما مشاركته سوى لإمكانية الوصول الى تسوية ما يمكن أن يأتي بها مؤتمر جنيف2. ولا يزال البعض يعتبر ان حل الازمة السورية لن يكون الاّ عبر مؤتمر جنيف2، الفرصة الاخيرة للحل السوري، وتحشد فيه كافة القوى طاقاتها الدبلوماسية لتسيير الدفة وفق حساباتها الخاصة ومصالحها في الشرق الاوسط. وقد أضحت سوريا ميداناً لتصفية حسابات دولية واقليمية بين محورين، استطاعت ان تسجل فيه روسيا وحلفاؤها نقطة في مرمى مؤتمر جنيف من خلال سقوط القصير ستعرف حتما كيف تستغله وترد من خلاله على الضربات الاميركية والقادمة من دول الخليج الفارسي تحديداً. اذاً، ارتدادات سوريا تصيب لبنان بعمق، ولعلّ النقطة الأهم هي تأثير الحدث على اللبنانيين نظراً لتأثيره المباشر عليهم، وخاصة مع تصاعد العمليات الأمنية والتي تأتي في إطار المواجهة السنية - الشيعية، مع التهديدات بحصول تفجيرات قد تصيب المناطق الحساسة، وخاصة مع دخول العامل السوري بشكل أكبر وهو ما ظهر إثر الاشتباكات الأخيرة في طرابلس ونمو المجموعات المسلحة المدعومة من تيار "المستقبل" والمجموعات السلفية، والتي أثبتت وجودها في الشارع ما أدى الى تفلّت الشارع من يد القوى الأمنية، بعد أن أصبح محكوماً الى قادة المحاور وليس الى السياسيين، وذلك معناه استمرار القتال وحدة الاشتباكات الى وقت طويل. ويبقى لبنان بالتالي أسيراً ومرهوناً الى مرحلة ما بعد سقوط القصير، في الوقت الذي يستمر الجيش اللبناني في تلقي الضربات وكأنّه يسير في حقل ألغام، بانتظار حصوله على ضوء أخضر وغطاء سياسي للضرب بيد من حديد وفرض سيطرته لوقف استخدام السلاح، وإنهاء العمليات القتالية بين منطقتي باب التبانة وجبل محسن، بالرغم من انّ جميع القوى تطالب الجيش اللبناني بإتخاذ إجراءات حاسمة لسلامة طرابلس وأمنها، وخاصة اذا ما أتت هذه الاجراءات في إطار خطة واضحة ومسؤولة. الى ذلك، عادت العلاقة بين لبنان ودول الخليج الفارسي الى الواجهة، وعزم دول مجلس تعاون الخليج الفارسي على اعتبار "حزب الله" منظمة ارهابية مستبقة بذلك حتى قرار الاتحاد الأوروبي الذي يفكر في وضع الجناح العسكري للحزب على لائحة الإرهاب. وعاد الحديث عن تهديدات ستطال اللبنانيين الموجودين في دول الخليج الفارسي، المهددين بالطرد من عدد كبير من دول الخليج الفارسي، وذلك من ضمن مسلسل استمرار الضغط على "حزب الله" عبر لوي ذراع قاعدته الشعبية لتحميله مسؤوليات طردهم من بلدان الخليج الفارسي. /2336/ 2926/