هل أدرك المصريون الآن قيمة جنوب السودان؟! وقبل هذا كله هل عرف المصريون معنى ومغزى صلة الرحم مع أهلنا في السودان.. مع نصفنا في السودان وبعد هذا كله هل استوعب المصريون أهمية جيراننا في إثيوبيا الذين نتقاسم معهم شربة الماء وتتقاسم أرضنا مع أرضهم شرف الانتساب للنيل العظيم؟! هل نتفق جميعاً في هذه اللحظة التاريخية بالفعل على أن ثورة يناير "المباركة" بالفعل إنما جاءت لتكشف المزيد والمزيد من سوءات النظام القديم؟! هل أدركنا الآن إنها ثورة النيل الخالد التي ستوقظنا حتماً وستحمينا حتماً وستنتشلنا حتماً؟! هل أدرك الخبراء الاستراتيجيون العظام الذين ناموا 30 عاماً أهمية دولة أريتريا الوليدة التي شهدت مصر تكوُّن حلمها الأول على يد عثمان صالح سبي وإدريس آدم وحامد عواتي؟! هل عرف هؤلاء ماذا يعني الصومال العربي المسلم "كله" بالنسبة لنا! ليس على صعيد النيل لأنه ليس من دول الحوض، وإنما لأنه يشتبك جغرافياً وسياسياً مع إثيوبيا التي تشتبك أو تشترك معنا فيه؟! كنت الشاهد على مدار 20 عاماً لصرخات المناضلين في أريتريا والثائرين في الصومال وهي تنادي مصر فيما كان النظام بأركانه وتجاره وخبرائه يغطون في نوم عميق! هل يدرك خبراء الندامة الذين ساهموا برأيهم وجهدهم في انفصال جنوب السودان حجم مرارة الانفصال الآن؟! هل يدرك القادة الأركان الذين كانوا يشجعون ويدعمون صديقهم الراحل جون قرنق أن الانفصال لا يعني مجرد الاستغناء عن جزء من الأرض أو من الشعب بقدر ما يعني التنكر للأرض والشعب؟! هل يتذكر المصريون كيف أصبحوا ذات يوم على شوارع مدينة نصر والمهندسين وغيرهما وقد غصت بآلاف من الجنوبيين الذين جاءوا ترانزيت مولين وجوههم لجهات أخرى ولمآرب أخرى الله وحده يعلم بها؟! لقد جاءت أزمة النيل بمثابة ثورة لا تقل خطورة وأهمية وبسالة عن ثورة 25 لكن الفرق الكبير بين النهر وبين الميدان.. بين نهر النيل وميدان التحرير وافهموا! النيل ليس ميدان التحرير حتى تنزله مرة واثنتين وثلاثاً وتعبث فيه وبه مرة واثنتين وثلاثاً! النيل ليس ميدان التحرير حتى ترتدي له مرة زياً مدنياً وآخر عسكرياً وثالثاً إسلامياً!! النيل ليس ميدان التحرير حتى تخدعه مرة بمناداة العسكر للنزول وأخرى بمناداتهم والهتاف ضدهم بالرحيل! النيل يكشفكم أولاً بأول ويفرزكم أولاً بأول وسيقتص منكم لكل ما فعلتموه وتفعلونه وتتأهبون لفعله في ميدان التحرير وفي الاتحادية وفي كل الميادين! النيل بنفسجة الأرض وذاكرة الياسمين وهدوء الينسون يصبر ويكظم لكنه يثور! النيل شعب جسور يعرف كيف سيتصرف العقلاء بحق والحكماء بحق والممثلون بحق والأراجوزات بحق.. النيل إذا ثار سيطمر الوجوه الكاذبة والجماعات الكاذبة والأحزاب الكاذبة.. سيخلط السيل بالويل لكل المرجفين والكاذبين والفرحين باشاعة عطش مصر من أجل أن يرحل الرئيس!! الداعون للرحيل.. لرحيل الرئيس الآن.. يظنونها أو يتعاملون معها -مع مصر- باعتبار أنها شركة تابعة لهم! وحتى بافتراض ذلك! الشركات الخاسرة لا "ترفد" رئيسها لخسارته في الربع الأول!! وهذا على افتراض أن العام الأول للرئيس الشرعي المنتخب كان كله خسارة.. وهذا غير صحيح. ناهيك عن أن المحاسب أو المراقب الذي يتولى الآن مراقبة "الشركة" غير محايد ! المحاسبون مشكوك في نزاهتهم.. القضاة متهمون في سمعتهم، المشجعون الإعلاميون مطعون في ذمتهم المالية.. ومع ذلك ينادون ويتنادون بالرحيل! سمعت أحدهم ينادي أيضاً برحيل عمرو موسى من جبهة الإنقاذ لأنه خائن، ورحيل أيمن نور لأنه عميل والحق عندي وعند كثيرين في الوسط الإعلامي والثقافي أن الشاعر الفصيح الذي أفتى بذلك كان "مخبراً" وشاعر العامية الثائر كان "مخبراً" والنائب الجمهوري كان "مخبراً" والمذيع الألمعي كان "مخبراً". [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (41) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain