تثير بعض الدول العربية في منطقة الخليج الفارسي، منذ فترة، وبفعل ايحاءات وسائل الاعلام الغربية هواجس بشأن مواصفات الامان لمحطة بوشهر الكهرونووية. الاجتماع الاخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية شهد احدث موقف لهذه الدول في هذا الخصوص، حيث دعت ايران لتقديم ضمانات بشان امن المعدات والاجهزة المنصوبة في المحطة. طهران (فارس) طبعا ان جذور هذه المزاعم تعود الى الزلازل الاخيرة التي ضربت محافظة بوشهر وحاولت وسائل الاعلام الغربية استغلالها لاثارة الشكوك والهواجس حول مواصفات الامان للمحطة. كما ان وكالة "اسوشيتد برس" وفي خطوة صنفها البعض ضمن الحرب الاعلامية والحرب النفسية نشرت خبرا نسبته الى دبلوماسيين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية زعمت فيه ان هناك معلومات تشير الى حدوث اضرار في محطة بوشهر الذرية جراء الزلزال. واضافت الوكالة دون تسمية هؤلاء الدبلوماسيين المزعومين ومناصبهم ان تشققات كبيرة ظهرت في جدران احد اقسام المحطة. وبما ان مثل هذه المزاعم اثارت هواجس بعض الدول الجنوبية في الخليج الفارسي لاسيما حول مواصفات الامان التي تحظى بها محطة بوشهر النووية والقضايا البيئية، بات من الضروري لفت انظار الجيران العرب في الخليج الفارسي الى النقاط التالية: 1 - جميع معدات واجهزة محطة بوشهر النووية وانظمة الامان المنصوبة فيها تخضع لرقابة واشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل كامل. 2 - الخليج الفارسي هو ارث مشترك وثمين لجميع الدول المتشاطئة عليه، لذلك فان طرح اي موضوع حول القضايا البيئية لهذا الحوض يجب ان يتم بعد الاخذ بنظر الاعتبار جميع ابعاد المسألة. 3 - بناء على البحوث الجارية فان المصدر الاساسي للتلوث البيئي في الخليج الفارسي يعود الى تواجد الاساطيل البحرية والعسكرية الاجنبية، وللاسف فان دول جنوب الخليج الفارسي هي التي دعت هذه الاساطيل وتستضيفها خلال السنوات الماضية. 4 - لقد تم تناقل عدد من التقارير خلال العام الماضي تشير الى ان بيئة الخليج الفارسي تعرضت لاضرار جسيمة جراء اصطدام الغواصات النووية والسفن العملاقة ببعضها بعضا، وعلى سبيل المثال يمكن الاشارة الى اصطدام غواصة نووية امريكية مع سفينة تجارية يابانية، لكن الجهات العربية المتشدقة بالدفاع عن البيئة لم تنبس ببنت شفة ولم تبد احتجاجها. 5 - لقد قامت الامارات خلال الاعوام الماضية ببناء جزر اصطناعية في مياه الخليج الفارسي، وتم تجاهل جميع التحذيرات التي اطلقت بشان هذه العمليات رغم الاضرار الجسيمة التي تركتها على النظام البيئي لحوض الخليج الفارسي. 6 - ان الكم الهائل لعمليات الاكتشاف والاستخراج للنفط والغاز من قبل الدول العربية في الخليج الفارسي والتنافس القائم بينها في هذا الخصوص يبادر الى الذهن شكلا من اشكال السباق لتدمير البيئة. لذلك ينبغي على دول الخليج الفارسي الصديقة والشقيقة ان تمنح الحق لجمهورية ايران الاسلامية بان تشكك في نواياها وقلقها حيال البيئة وموضوع مواصفات الامان لمحطة بوشهر الكهروذرية، تلك الاتهامات التي تثار بناء على معلومات مغلوطة ناتجة عن الحق الدفين. حتى يبدو ان ماهية المواقف الجديدة لهذه الدول هي سياسية ونفسية قبل ان تكون فنية وحقوقية، ما تعزز الشكوك حول انها قد تكون بسبب الشعور بالاحباط حيال التطورات العلمية والتقنية التي حققتها الجمهورية الاسلامية الايرانية. وفي الختام نلفت انظار الجيران الجنوبيين الى نقطة هامة وهي انه لايمكن الاستثمار السلمي للموقع الجيواستراتيجي للخليج الفارسي على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية والبيئية ما لم تتغلب الارادة السياسية للحكومات على نزعات التنافس والمواجهة.