الزلازل الاخيرة التي ضربت مناطق من ايران كما هو الحال في سائر نقاط العالم، تحولت الى ذريعة لدول الخليج الفارسي لتواصل من خلال تفعيل ماكنتها الاعلامية سياسة الترهيب من ايران "ايران فوبيا" عبر اقامة الاجتماعات والندوات بهدف تأليب الاجواء من خلال طرح قضايا مزعومة مثل خطر الاشعاعات النووية. طهران (فارس) التقرير التالي هو خطوة من اجل الرد على هذه المزاعم، حيث يسعى التقرير الى التركيز على جانب الامان في المحطة، والكشف عن توجهات هذه الدول حيال البرنامج النووي الايراني والاهداف الحقيقية منها. مواصفات الامان في محطة بوشهر النووية رغم اعلان مسؤولي الجمهورية الاسلامية الايرانية مرارا وتكرارا بأن محطة بوشهر النووية تحظى باعلى مواصفات الامان ، الا ان دول الخليج الفارسي ودون تقديم أي دليل تواصل المناورة على تهديدات محطة بوشهر النووية . وفي هذا الاطار فان ذكر بعض مواصفات الامان المتبعة في محطة بوشهر جديرة بالاهمية : 1- الزلزال الاخير الذي ضرب محافظة بوشهر يبعد عن المحطة الكهروذرية حوالي مائة كيلومتر وكانت شدته 6 درجات على مقياس ريختر في حين ان المحطة مصممة للصمود امام زلزال بقوة 8 درجات على مقياس ريختر . كما ان مركز الزلزال كان في سراوان التي تبعد كثيرا عن المحطة النووية وهذا ما يكشف عن ان التهديدات التي تناور عليها الماكنة الاعلامية العربية هي للدعاية والاستهلاك الداخلي . 2 - لقد اعلن مسؤولو ايران وشركة " اتم استروي اكسبورت " الروسية المعنية بتصميم وبناء المحطة بان المفاعل لم يتعرض الى اي ضرر ولا مؤشرات على وجود اشعاعات نووية في المنطقة . وعدم تضرر المحطة هو دليل واضح على انها تحظى بمواصفات الامان . 3 - لقد اجرت الشركات الغربية المعنية ببناء المحطة العديد من الدراسات لتحديد مكان بناء المحطة قبل انتصار الثورة الاسلامية وفي النهاية تم اختيار المكان الحالي ومنطقة دارخوين بمحافظة خوزستان . لكن الدول المشاطئة للخليج الفارسي لم تبد آنذاك اي معارضة للمشروع . 4 - المعدات ومبنى محطة بوشهر النووية تحظى بمنتهى مواصفات للامان . فاهم معدات المحطة تتمثل في المعدات المخصصة لتحديد مدى التسرب النووي والاستخدام الآمن للمحطة وهي تتصل بقلب المفاعل بشكل مباشر . كما ان هناك ست مجسات منصوبة في المبنى الكروي لمحطة بوشهر تقوم باطفاء المحطة بمجرد تسجيل هزة ارضية تزيد عن درجتين على مقياس ريختر . 5 - الحادثة النووية تطلق على الحادثة التي يتم بسببها تسرب المواد النووية من المكان المحدد لبناء المفاعل وتلويثها للبيئة ، ومثل هذه الحادثة لن تحصل الا بزلزال تفوق شدته عن 8 درجات على مقياس ريختر . اما ما حدث في محطة فوكوشيما اليابانية فهو تسونامي ادى الى قطع التيار الكهربائي للمحط وشبكة الكهرباء العامة بشكل متزامن . هذا في حين ان الزلازل التي ضربت المناطق المحيطة بمحطة بوشهر هي اقل قوة من ثمان درجات . لذلك يتبين من خلال هذا العرض ان دول الخليج الفارسي تتوخى تحقيق اهداف اخرى غير التي تعلن عنها . 6 - امن المحطة هو من الاولويات التي اعلنت عنها الجمهورية الاسلامية الايرانية لانه في حال تعرض المحطة لاي ضرر فان الشعب الايراني هو المتضرر الاول ولذلك من الطبيعي ان تحظى المحطة بمنتهى مواصفات الامان . 7 - ان بناء وتدشين اي محطة نووية لاي بلد عضو في الوكالة الدولية للطاقة الذرية يخضع لضوابط وتعليمات خاصة على صعيد الامن النووي والرقابة القانونية المستمرة على جميع النشاطات ، بدءا من مراحل انتخاب مكان بناء المحطة وحتى تصميمها وانتاج قطعاتها ومعداتها وتدشينها والاستقادة منها او اغلاقها . فان كان كما يدعي العرب ان المحطة تواجه مشاكل فان الجهة الاولى التي ينبغي ان تصدر انذارا بهذا الشان وتطلب ارسال الخبراء هي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وليس دول الخليج الفارسي . ازدواجية معايير الدول العربية حول البرنامج النووي الاسرائيلي والايراني غالبية الابحاث التي تم اجراؤها تصنف الكيان الصهيوني على انه البلد النووي السادس الذي حاز على القنبلة النووية في العالم . كما ان الكيان الاسرائيلي هو البلد الرابع الذي يمملك السلاح النووي الى جانب الهند وباكستان وكوريا الشمالية ولم يوقع على معاهدة حظر الانتشار والاستخدام النووي . تجدر الاشارة الى ان البرنامج النووي للكيان الصهيوني المحتل بدا مباشرة بعد الاعلان عن تشكيل هذا الكيان عام 1948 بمساعدة الفرنسيين ، وتم بناء اول مفاعل له عام 1950 . طبعا هناك احتمالات تشير الى ان الكيان الاسرائيلي حاز على سلاحه النووي الاول عام 1960 . الخبير النووي "مردخاي فعنونو" الذي كان يعمل في مفاعل "ديمونا" هو اول من سرب خبر امتلاك هذا الكيان للسلاح النووي الى الصحف البريطانية عام 1986 . يقال ان الكيان الصهيوني يملك ما بين 75 و 400 راس نووية يمكن اطلاقها بواسطة الصواريخ البالستية والطائرات والغواصات . بناء على الموارد آنفة الذكر ينبغي ان نتساءل لماذا لا تتحدث الدول العربية عن الكيان الصهيوني الذي احتل اراضيها وشن الحروب عليها عدة مرات ويدعي ملكيته لمنطقة تتسع من النيل الى الفرات ويملك ما بين 75 و 400 راس نووية ولا تخاف من الاسلحة النووية لهذا الكيان ولكنها في المقابل وبذرائع واهية تعادي ايران . ورغم ان دول الخليج الفارسي وتحت يافطة القومية العربية كانت تعادي ايران قبل الثورة الاسلامية الا ان هذا العداء بلغ ذروته بعد انتصار الثورة الاسلامية . نظرة عابرة على دواعي تشكيل مجلس تعاون دول الخليج الفارسي واهدافه تبين ان ايران ( التي تملك اطول خط ساحلي واستراتيجي في المنطقة ) هي ليست عضوا في هذا المجلس ، وهذا يعني انه ليس من المستبعد ان يكون الهدف الرئيسي لتشكيل هذا الاتحاد هو التصدي للجمهورية الاسلامية الايرانية . الادلة الموجودة على اثبات هذا الادعاء كثيرة لا لبس فيها . هذا فضلا عن ان بعض دول الخليج الفارسي وخلال الحرب المفروضة على ايران من قبل النظام البعثي لم تألوا اي جهد لمساعدة النظام الصدامي البلائد كما فعلت حين تم طرح موضوع الملف النووي الايراني في الاوساط الدولية . ومن جملة هذه النقاط نستطيع الشارة الى : 1- الاجتماع الدوري لوزراء خارجية دول مجلس التعاون في الخليج الفارسي الذي عقد في جده ( 13 سبتمبر 2004 ) اشار الى القدرات النووية الايرانية ودعا الى منطقة شرق اوسطية منزوعة السلاح . ! 2 - مجلس التعاون وفي البيان الختامي لاجتماعه الخامس والعشرين الذي عقد بالمنامة وصف البرنامج النووي الايراني بانه ذو طابع عسكري . 3 - الامين العام لمجلس التعاون عبد الرحن العطية وفي عام 2005 قال ان السعودية وسائر دول الخليج الفارسي لا تري اي مبرر للنشاطات النووية الايرانية وتعتبر هذه الخطوة الايرانية بانها مغامرة تهدد شعوب الخليج الفارسي . 4 - وزير خارجية الامارات وبهدف الايحاء بان النشاطات النووية الايرانية تشكل خطرا على بيئة المنطقة طلبقبل لقائه نظيرته الامريكية آنذاك كوندا ليزا رايس ، طلب مساعدة المجتمع الدولي لمواجهة مخاطر النشاطات النووية الايرانية والتحذير من المخاطر البيئية لمحطة بوشهر النووية . 5 - وفي مناسبة اخرى صرح قائد سلاح الجو الاماراتي في بداية عام 2005 في تصريح نشرته مجلة "نيوزويك" ان الدرع الصاروخي لمجلس تعاون دول الخليج ( الفارسي ) يطبق على مرحلتين الاولى ستكون على صعيد الاقطار والثانية ستكون في اطار الشبكة الدفاعية الاقليمية . 6 - هذا فضلا عن موافقة الامين العام لمجلس تعاون دول الخليج الفارسي لخطوة الوكالة الدولية للطاقة الذرية المتمثلة باحالة ملف ايران النووي لمجلس الامن الدولي عام 2006 . 7 - كما ان العطية اعرب عن ارتياحه وموافقته للمصادقة على القرار 1737 المعادي لايران وتصويت قطر لصالحه . 8 - اضف الى ذلك ان مجلس تعاون دول الخليج الفارسي وبعد زلزال بوشهر الاخير عقد اجتماعا ليعلن بان محطة بوشهر النووية تعرضت الى اضرار بسبب هذا الزلزال . كما دعوا الى ايفاد فريق من الخبراء الدوليين لتقييم حجم الاضرار المحتملة وتقديم ايران لضمانات حول امان المحطة عبر الانضمام الى معاهدة السلامة النووية . الدور الاعلامي ان بعض دول الخليج الفارسي واستكمالا لمخطط التخويف من ايران ( ايران فوبيا ) تستغل الدعاية الاعلامية ايضا . نظرة عابرة على الاحصائيات والاعداد التي تنشرها بعض مراكز الاستطلاع تكشف عن هذه الحقيقة المرة بوضوح . الرسوم البيانية التالية هي نتائج الاستطلاعات التي اجريت في دول الخليج الفارسي حول اهداف البرنامج النووي الايراني . اللون الاحمر يرمز الى " الاسلحة النووية " واللون الاخضر يشير الى " الاهداف السلمية" . القائمة التالية ايضا تشير الى الاختلاف الاراء في بعض الدول حول البرنامج النووي الايراني ما بين اعوام 2006 و 2012 . الاهداف كما اعلن كرارا ومرارا في السابق فان محطة بوشهر لا تشكل اي خطر على دول الخليج الفارسي . ودول مجلس التعاون تعرف هذه الحقيقة كاملة ؛ لان النشاطات النووية الايرانية شفافة وتخضع لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل كامل عبر عمليات التفتيش المنتظمة التي تقوم بها. فالحقيقة هي ان بعض دول الخليج الفارسي تستجدي القوى العظمى للحفاظ على سلطتها والايحاء بشرعيتها . فقد فوضت هذه الدول مسالة صيانة امنها الى الولاياتالمتحدة بشكل كامل من خلال التوقيع على بعض الاتفاقيات . ولذلك من الطبيعي ان تدعم هذه الدول مطالب وسياسات الغرب . والان حيث ان العداء بين الغرب وايران بلغ ذروته فان هذه الدول ومن خلال طرح العديد من القضايا حول الملف النووي الايراني تحاول الحفاظ على منافع الغرب في المنطقة بشكل ما وان تحول دون تعزيز قدرات ايران . وخلال السنوات الاخيرة حيث بلغت الضغوط الغربية ذروتها من اجل الحيلولة دون حيازة ايران على الطاقة النووية السلمية ، فمن الطبيعي ان يبادر العملاء من حكام دول الخليج الفارسي الى التبعية لامريكا واستغلال اي فرصة لاثارة حرب نفسية ضد البرنامج النووي الايراني . فالزلزال الذي شكل ذريعة لهذه الدول لكي تشن حربا نفسية جديدة يمكن ان يحدث في اي مكان بالعالم ؛ ولكن هل اتخذت هذه الدول اي موقف بشان تسرب المواد النووية من المنشات النووية الاسرائيلية في حال تعرض المنطقة لاي زلزال ؟. لذلك يتبين بوضوح ان هذه الحرب النفسية تثار لتحقيق اهداف سياسية تناغما مع سيناريو تخويف دول المنطقة من ايران ؛ ذلك السيناريو الذي ذريعته ليس التهديدات النووية الايرانية بل انتصار الثورة الاسلامية عام 1979 .