ان ما يجعل المرأة معرضة وبشكل مستمر للضغوطات النفسية والهموم المختلفة هي أنها حصرت نفسها وربطت مصيرها بالرجل أو الزوج ، فهي إما أن تكون غير متزوجة فتنشغل بانتظاره أو تكون متزوجة فتسعى لامتلاكه ، وهذه ليست حالة فردية وانما هي قضية اجتماعية فرضتها الثقافة السائدة للمجتمع والتي لها دور في توجيه الفتاة وتربيتها على أن مستقبلك هو بيد الزوج فعليك أن تتحملي كل المصاعب والمحن ولو كانت على حساب صحتك ونفسيتك فالمهم أن لا يذهب عنك زوجك فيصبح همك أكبر وهو انتظار زوج غيره ،وهكذا أصبحت حياة الفتاة بأكملها مختصرة بالزوج حيث تبددت واستنزفت طاقاتها وقدراتها وهي تعيش بين انتظار الزوج وامتلاكه . فالاعلام له دور كبير في تعزيز هذا المفهوم وذلك من خلال الصورة التي رسخها في أذهان أبناء المجتمع وهي أن قيمة الفتاة في جمالها ورونقها وليس في روحها وعقلها وكفاءتها وعلمها وتربيتها ودينها ، وهذا ما انعكس على تفاصيل حياتنا حيث نحتفل ونغدق بالتصفيق للفتاة التي ترتدي فستانا مميزا ولا نبالي بالفتاة التي تحصل على درجة علمية مميزة ، مما جعل عالم الفتيات يتوجهن الى الكماليات للحصول على مكانة ووجاهة وتقدير واحترام في المجتمع النسائي الذي يعشن فيه . أختي الفتاة لا تجعلي الزوج هو كل شيء وهو ليس كذلك ولا تجعليه هو الأكسجين الذي تتنفسين من خلاله وهو ليس كذلك ، لأن الفتاة التي تعتبر زوجها هو كل شيء في حياتها تختلف في تعاملها وسلوكها وتفكيرها عن الفتاة التي تعتبره جزءا من حياتها ، وكذلك الفتاة التي تعتبر زوجها جزءا من الهواء الذي تتنفسه تختلف عن الفتاة التي تعتبره الاكسجين الذي تتنفسه حيث ستفقد حياتها بمجرد انقطاعه او عزوفه عنها ، وهذا الفهم له دور في النظرة الى الحياة وتفاصيل الامور والتعاطي مع الكثير من القضايا المختلفة . فالخوف الحاصل من العنوسة هو ناتج من المفهوم الذي ذكرته وهو أن الفتاة التي لم تحصل على زوج فقدت كل شيء وكأن المستقبل هو الزوج لا غير ،حتى بعض حالات الانفصال بين الزوجين والتي تعد في بعض الحالات انفراجا من وقوع أزمة أسوأ منه إلا أن شدة تضجرنا منه هو ناتج من المفهوم الذي ذكرته وهو أن المرأة فقدت كل شيء وبالتالي فقدت حياتها حيث الثقافة المتبعة والسائدة هي ...المرأة يا زوجها يا قبرها ، المرأة هي الضحية ، الرجل ما يعيبه شيء ، وللاسف حتى البعض من المصلحين يسعى الى الاصلاح بين الزوجين من خلال الضغط على المرأة عبر هذه الثقافة والتي قد تجرىء الزوج على الاستمرار في غيه وتجاوزاته لان في اعتقاده انه لم يخسر شيئا فالخسارة هي من طرف واحد بحسب الثقافة السائدة وبالطبع هي ليست كذلك . أختي الفتاة لا تجعلي زوجك هو الكل وهو مكمل لك ولا تجعليه مصدرا لهمومك وهو جزء منها ، فالزواج أختي الكريمة لم يزدك كرامة فأنت مكرمة بذاتك ، واذا كان الطلاق هو نصيبك فلا تفقدي ثقتك بنفسك فالطلاق لن ينقص من أنوثتك شيئا ولن يعطل عجلة حياتك ، فالحياة أوسع وأكبر من ذلك . بدر مطلق الجويد-المدينة المنورة