لم يقتصر تأثير الأزمة المالية التي تضرب القارة العجوز منذ صيف العام 2008 فئات معينة من المجتمع بل مست أيضا الجميع بما فيه الرياضة و خاصة كرة القدم و بالذات فئة المدربين الذين ظلوا في منأى عن هذا الشبح بالنظر إلى الفرص الكثيرة المتاحة أمامهم للعمل سواء في الأندية آو المنتخبات على الصعيدين المحلي أوالخارجي ، بل و لم يعد يقتصر الأمر على المدربين العاديين و إنما تعداه إلى الأسماء الثقيلة التي يتمنى أيناد آو منتخب ان يكون تحت إمرته لما لها من تأثير على النتائج . ديدا ميلود - إيلاف : اليوم و على بعد أسابيع قليلة من نهاية المرحلة الأولى من الموسم 2012-2013 يجد الكثير من التقنيين ممن يصنفون في خانة المدربين الكبار أنفسهم في حالة عاطلة عن العمل بدأت مع نهاية الموسم المنصرم و لا احد يعلم متى تنتهي بل أن بعضهم يعيشها منذ أكثر من موسم ، رغم أن هؤلاء العاطلين يشتركون في كونهم أصحاب إنجازات محلية و قارية هامة . و تختلف حالة العطالة من مدرب لآخر ، فبعض المدربين يعيشونها بإرادتهم و هم في حقيقة الآمر اثروا اخذ قسط من الراحة بعد سنوات من الجهد المضني و العمل تحت ضغط نفسي و إعلامي متواصل ، أو بعد صدمة عاشوها ينتظرون استيعابها و الخروج منها ، و الأندية و المنتخبات تترقب إعلان عودتهم لخطفهم ، في حين يعيش آخرون في عطالة قهرية فرضت عليهم رغم أنهم يمنون أنفسهم و يتوقون للعودة إلى العمل اليوم قبل الغد وعدم عملهم فسرت على أنها اعتزال مؤقت أو اعتزال غير معلن ، و عودتهم إلى العمل مرهونة أيضا بتقليص رواتبهم العالية ، و القبول بالعروض المتوفرة أمامهم حتى و إن كانت من الدرجة الثانية أوعروض مؤقتة مرتبطة بطولة أو تصفيات ما، على غرار كأس إفريقيا أو كأس الخليج. غير أن الحالتين تشتركان في تأثير عدم العمل على صاحبها سلبياً ، حيث يؤكد الخبراء بإن المدرب مثله مثل اللاعب يتاثر مستواه الفني و حتى الذهني كلما غاب أكثر عن الممارسة و يرون بأن حالة البطالة التي يمرون بها شبيهة بفترة الراحة السلبية التي يمر بها اللاعبون إذفي الغالب تتزامن عودتهم إلى الميادين مع انخفاض في الأداء البدني و الفني بسبب غياب الاحتكاك و الحضور الدائم في المباريات،و يبقى الفائز من هذه الظاهرة هوالأندية و المنتخبات التي تبحث عن من يقود سفنها حيث تتاح لها الفرصة للاختيار الجيد. و أما السياسة المنتهجة حالياً من قبل الأندية و المنتخبات الأوروبية بالاعتماد على المدربين الشباب فان فرص العمل تشح أمام المخضرمين مما قد يجبرهم البحث عنها خارج القارة العجوز و لو في الصين أو تايلاند مثلما فعل الإيطالي ليبي أو السويدي أريكسون . و يأتي على رأس لائحة المدربين العاطلين الإسباني جوزيف غوارديولا الذي قرر الاستقالة من منصبه كمدرب لنادي برشلونة في نهاية الموسم الماضي بعدما قضى معه أربع مواسم حافلة بالألقاب و البطولات الإسبانية و القارية و العالمية لم يبلغها مدرب من قبله ، و قرر الخلود للراحة ليبدأ المنجمون و وقارىء الفنجان في تقديم التوقعات بخصوص مستقبل بيب و الوجهة الصحيحة التي سيستقلها ، فالبعض منهم يؤكد بان غوارديولا يريد خوض تجربة و تحد جديدين يختلفان عن تجربته الأولى مع برشلونة و بالتالي فانه يميل إلى الإشراف على منتخب وطني يقوده إلى اعتلاء تاج العالمية و لا يستبعدون أن تكون راحته هي في حقيقة الأمر انتظار انسحاب ديل بوسكي من المنتخب الإسباني عقب نهائيات مونديال 2014 ليحل محله على رأس ترسانة من اللاعبين اليافعين من خريجي مدرسة لاماسيا التي يجيد جوزيف التعامل مع تلامذتها ، في حين يرى آخرون بأن عطلته و بطالته ستنتهي مع نهاية العام الجاري 2013 على أقصى تقدير أما الوجهة فهي إما إيطاليا أوإنكلترا حيث أمامه عرضان ماليا خياليان سيفاضل بينهما ، الأول من إدارة نادي ميلان الذي عرض عليه راتباً سنوياً قيمته 12 مليون يورو مع وعد بجلب عدد من اللاعبين المميزين لتدعيم الفريق في الميركاتو الشتوي و تراهن عليه كثيراً للخروج من مرحلة الفراغ في النتائج و أن أيام اليغري في الميلان أصبحت معدودة ، أما العرض الثاني فمن تشيلسي و لا يقل عن العرض الإيطالي بما أن مالك النادي الروسي ابراموفيتش يتطلع إلى بناء فريق الأحلام الجديد شبيه بذلك الذي شيده عام 2004 تحت قيادة غوارديولا دون غيره حتى بعد التعاقد مع مواطنه بنتيز العاطل منذ ديسمبر2010، بينما تذهب أراء أخرى إلى التأكيد بان عطلة المدرب الدجاجة التي تبيض ذهباً ستستمر على الأقل لغاية يونيو لان غوارديولا ليس من صنف المدربين الذين يريدون تدشين عملهم من منتصف الموسم لأنه يحبذ إعداد فريقه وفق طريقته الخاصة. كما يعيش الهولندي بيرت فان مارفيك بطالة بعد استقالته من تدريب منتخب بلاده في يونيو الماضي اثر إخفاقه في نهائيات أمم أوروبا ، حيث كان يفترض أن يواصل عمله لغاية يونيو 2014 بعدما نجح في قيادة الطواحين لنهائي مونديال جنوب إفريقيا ، و تشير التقارير الواردة من الأراضي المنخفضة أن مارفيك غير مستعجل في العودة إلى النشاط لكنه فقط ينتظر عرضاً يليق بمقامه و يفضله ان يكون محلياً من قبل إحدى الأندية الهولندية التي تساعده على العمل وفق طريقته القائمة على الكرة الجماعية والنهج التكتيكي السهل الممتنع على غرار اياكس أمستردام أو فاينورد. و لا تختلف حالة مارفيك عن حالة الألماني فليكس ماغات المستقيل مؤخراً من تدريب نادي فولسبورغ آذ يرتقب إيجاده فريقاً جديداً في أسرع وقت في ظل المكانة العالية التي يحظى هذا الاسم في عالم التدريب في ألمانيا من جهة و من جهة أخرى في ظل لعبة الكراسي الموسيقية التي تستوهي مدربي البوندسيلغا كل موسم ، فمع إقالة آو استقالة مدرب جديد تتاح الفرصة أمام العاطل للعمل مجدداً محله. و بدوره يمر الإنكليزي هاري ريدناب بعدم تواجده على عمل منذ رحيله عن توتنهام هوتسبورز و تفضيل الاتحاد الإنكليزي لهودسون عنه لخلافة الإيطالي فابيو كابيلو على رأس منتخب الأسود الثلاث مما جعل أسهمه في بورصة المدربين تتأثر قليلاً بدليل انه فشل في إيجاد في فريق يشرف عليه في بداية الموسم الحالي ، غير أن الأمر لم يصل معه بعد إلى حد القلق على مستقبله بالنظر إلى قيمته الفنية ، و آخر الإخبار تشير إلى انه فتح باب المفاوضات مع المنتخب الأوكراني لتدريبه مع استئناف تصفيات المونديال بعدما رفض نجمه أندري تشفشينكو خلافة اوليغ بلوخين. و انضم مؤخراً الإيطالي دي ماتيو إلى قائمة العاطلين عن العمل بعدما أقيل من منصبه كمدرب لنادي تشيلسي الإنكليزي بعد هزيمته من يوفنتوس في دوري أبطال أوروبا و تقلص حظوظه في مواصلة مغامرة الدفاع عن لقبه ، فضلاً عن فقدانه لصدارة الدوري المحلي و تراجعه في الترتيب العام ، و فسر ذلك على انه فتح الباب على مصراعيه لدخول غوارديولا ، وبالنسبة لبطالة دي ماتيوفإنها مرشحة ألا تطول فهو من المدربين اليافعين الذين برهنوا على قدراتهم التقنية العالية في عالم التدريب و يجيدون مهام رجال المطافئ التي تكثر في منتصف الموسم فهو مرشح لإيجاد ناد سواء في إنكلترا أوالكالتشيو قبل انقضاء الموسم إلا إذا أبقته إدارة تشيلسي في النادي لوظيفة أخرى. و لا يزال المدرب الفرنسي لوران بلان بلا عمل منذ يونيو تاريخ نهاية عقده مع منتخب الديوك الفرنسية ، بعدما تجربة تباين المتابعون في تفسيرها لكن الغلبة كانت لمن وصفها بالفاشلة و كشفت عن المؤهلات الحقيقية لبلان ، الذي كان مرشحا لتدريب إنتر الإيطالي و الريال الإسباني و تشيلسي الإنكليزي قبل أن يتضح أن تلك الترشيحات لم تكن سوى بالونات اختبار سرعان ما انفجر في صاحبها بعد المشاكل التي لاحقته في بطولة يورو 2012 و أدت انتكاسة بولندا و أوكرانيا إلى تناسي نجاحه مع نادي بوردو و اختفى عن الأنظار تماماً ، وعدم عمله مع أي نادي مرشحة لأن تطول . و هناك أسماء أخرى أمثال الألماني لوثر ماتيوس الذي خاض آخر تجربة له قبل نحو عام مع منتخب بلغاريا انتهت بفشل ذريع على غرار تجاربه السابقة منذ دخوله عالم التدريب و يستبعد أن يحصل على فرصة عمل سواء في ألمانيا حيث يتطلع أو خارجها رغم انه رشح مؤخراً لتدريب منتخب اسكتلندا. و هناك أيضا الأسطورة الأرجنتيني دييغو ارماندو مارادونا الذي كشف أوراقه الأخيرة مع منتخب التانغو في كأس العالم 2010 و بعده تجربته مع الوصل الإماراتي ، حيث أبان مارادونا عن محدودية إمكانياته كمدرب لذلك يستبعد أن يجد فريقا آخر في القريب العاجل يدربه خاصة أن مستواه التقني المتواضع يصاحبه مزاجية متقلبة، و لم تكن التقارير التي أشارت إلى إمكانية توليه الإشراف على بلاكبورن الإنكليزي سوى إشاعة يحتمل أن تكون بإيعازمن جيوب نجم نابولي السابق إشاعات ربما تكون نشرتها صحف أوروبية تعاني الأزمة المالية.