د. عبدالإله محمد جدع * لما دعا نوح عليه السلام ربه ((إني مغلوب فانتصر)) الآية.. لم يخطر بباله أن الله سيغرق البشرية حينذاك بكل ما هو معها لأن قومه استخفوه واستهزأوا به وبدين الله الذي يدعوهم إليه ولم يحذروا حين أرادوا البطش به إلا من رهطه الذين معه ونسوا بأن الله القهّار الجبار فوق رهْطه وفوق البشرية جمعاء..، فاستجاب العلي القدير السميع البصير من فوق سبع سموات لدعاء المغلوب وجاء الموعد للانتصار بإغراق سكان العالم إلا نوح ومن معه في السفينة وهذه هي الثقة بالله..فالبعض يغمز الذين يرددون ويلهثون بالدعاء ليل نهار ولا يجدون أثراً لدعائهم وهو اعتراض مقيت فالله سبحانه وتعالى يحب الدعاء.. وهو عبادة.. ويحب الإلحاح والتضرع فيه (ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون)..لكن ثمة شروط وتوقيتات يقدّرها المولى العزيز الحكيم لإجابة الدعاء وتحقيق ما يصب في مصلحة الداعي والأمة فقد يؤخر الإجابة لسبب.. ومثال سيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلم خير مثال فقد تعرض للظلم والإيذاء والسخرية من قومه الذين حاربوا دينه فدعا عليه السلام عليهم عند الكعبة عندما تجرأ عليه عقبة بن أبي معيط ووضع (سلا جذور )على ظهره الشريف ..فقال عليه الصلاة السلام ( اللهم عليك بقريش: اللهم عليك بأبي جهل، اللهم عليك بعقبة بن أبي معيط، اللهم عليك بفلان ويعدّ سبعة من صناديد قريش.. فحقق الله الإجابة بعد حين وليس في نفس الوقت وبعد أن عانى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في مكة قبل الهجرة فجاء النصر في بدر إذ صرعوا جميعهم وسحبوا إلى ( قليب بدر ) فألقوا فيه بعد ما انتفخت جثثهم.. * نعم إنه الدعاء والإلحاح فيه فمن يكثر قرع الباب يوشك أن يفتح له، ومن سرّه أن يستجيب له الله وقت الشدّة والضيق فليكثر من الدعاء في حال الرخاء وليعظم الرغبة..قال صلى الله عليه وسلم: يستجيب الله لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم أو يستعجل ..قالوا وما الاستعجال يا رسول الله؟! قال: «يقول: قد دعوتك يا رب، قد دعوتك يا رب فلا أراك تستجيب لي، فيتحسر عند ذلك فيدع الدعاء ) وهناك مثال سيدنا موسى وما تعرّض له ثم دعاؤه لزمن حتى أجاب الله دعوته..وكذلك مثال سيدنا أيوب عليهم السلام جميعاً وأولئك هم الأنبياء والرسل فكيف بنا نحن؟! * كما أن ثمة آداباً للدعاء منها الثناء على الله الخالق القادر وحده والثقة فيه والتضرّع إليه والإلحاح وتقديم فضل الصلاة على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم قبل الدعاء والطلب فعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه- (قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو في صلاته، فلم يُصَلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: «عَجِلَ هذا»، ثم دعاه فقال له: «إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله، والثناء عليه، ثم ليصلّ على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليدعُ بعد ما شاء») إسناده صحيح. * ولا بد من عرض المرء لحاجته وبيان ضعفه ومسكنته وهو في ذلك لا يرفع صوته رفعاً شديداً بل يخفضه بين المخافة والجهر * ويجب على الداعي أن يجزم في الدعاء ويوقن بالإجابة ففي الصحيحين إذا دعا فلا يقل : اللهم اغفر لي إن شئت.ليعزم مسألته : فإن الله يفعل ما يشاء ولا مكره له.. * ومن الآداب المهمة كذلك أن يسأل الله بأسمائه الحسنى ويسأل بأعماله الصالحة..كما ورد في قصة أصحاب الغار.. * ومن الشروط الابتعاد عما يغضب الله، والتوبة إليه والبعد عن الكسب الحرام. * كما أن من المهم أن يتحرى أوقات إجابة الدعاء ومنها الثلث الأخير من الليل، وعند الأذان ، وبين الأذان والإقامة، وأدبار الصلوات، والساعة التي في يوم الجمعة وقيل أنها أخر ساعة قبل الغروب وينبغي الاجتهاد في الساعتين الأخيرتين، وكذلك عند نزول المطر وعند السجود وعند الإفطار من الصيام. *ولا ننسى أن نرفع سقف الدعاء فنحن ندعو كريماً رحيماً مجيباً دعوة المضطرين رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما.. ولا يسمح أحدنا بتسلل وسوسة الشيطان لتعطيل الدعاء أو التشكيك فيه وعليه بالصبر وسوف يبلغ ما يريد وينتصر بأمر الله.. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (45) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain