بسام فاضل تعلّمنا حبّك من ارتفاعات التاريخ عند الشّروق لشجاعتك ضربت الحصار حتّى الموت : يا محبوبنا شفافيّة وجودك أصبحت واضحةً يدك القويّة و العظيمة تشعل الحرائق في التّاريخ الكل في العال. ( مقطع من أغنيه لتشي جيفارا) ماذا عساني أن أقول في هذا المقام وما هو الاستحقاق الذي يفي الرجل حقه والكلمات التي توظف لأجل اكتمال المعنى وتسخر لوصف ذاك الصمود الأسطوري والعزيمة التي وقفت بوجه ألشده وقارعة الجوع حد الموت والعطش حد التصلب والمرض حد السكر. عامين ونيف من الأسر وكل ويلات المعتقل والتنقل من سجن إلى سجن ومن زنزانة إلى أخرى وبطلنا واقف شامخ لا تلين له قناة وكل ما انتقل من زنزانة إلى أخرى زادت وتيرة همته وتصلب عوده وأصبح مؤمنا أكثر من ذي قبل وعرف أن الأوطان فداء لا يكتمل إلا بفداء أخر. ليس بقريب على فارس أن يصمد هذا الصمود ويصبر على وحشية الاحتلال وظلمة السجون وغياب أدنى معايير احترام الإنسان . ليس بقريب فهو ابن الضالع التي لم تهادن وتماطل في الانتصار للحق زمنا طويل وقفت فيها في وجه الأتراك والإمامة وكان آخرها الاحتلال البريطاني فكان السقوط المدوي مبتدءا منها حين شمخ علم الحرية الأول مرفرفا في ربوع جبالها الشاهقة . شابا عرف بأخلاقه ومناضلا ثوريا عرف بفدائه للوطن اغتيل قدرا وهو حيا لفقت له تهمه عجز المحتل على إثباتها حوكم زورا وبهتانا..حكما جائر القاضي فيه والجلاد والعشماوي الذي كان يريد أن يزهق روح ثائرنا الهمام ,لولا مشيئة الله التي أرادت للحق أن يظهر وللفارس أن ينتصر ويرى الحلة القشيبة التي اكتساها الوطن نتيجة لتضحيات أبنائه الميامين الذين اثروا الشهادة حبا للكرامة وارتضوا بالسجن وصبروا انتصارا للإرادة . ما أذهل الكثيرون والمحتل وجنوده في ألمرتبه الأولى كيف استطاع هذا الجسم النحيل ان يقاوم كل الظروف الصعبة التي مرت به أثناء ترحاله من سجن إلى سجن ثم يتبعها بإضراب عن الأكل مدة لا يستطيع تحملها إنسان أي جسما هذا الذي تحمل كل العناء . لقد كان فارس في زنزانته يستحضر في ذهنه صور لوجوه الملايين من الجنوبيين التي تملا ساحات النضال فيراهم حاضرون معه يشاطرونه آلامه وفي نفس الوقت أحلامه بالخروج وقد تحرر الوطن من أقصاه إلى أقصاه. كان فارس في زنزانته يسمع دعاء الأرامل واليتامى الذين فقدوا ذويهم شهداء وهن ينشدن لفارس فيتصلب عوده وتمر أيامه متبتلا فرحا بشرفا ناله . شعر فارس أن الجنوب كل الجنوب مخبأ في صدره يناجيه فيبادله الوفاء بالوفاء والصبر بالصبر ثقة لم يتخلى عنها ويشكك لحظه فيها إلى أن عاد حرا متمنيا اكتمال الحرية بحريه الوطن .