احتشد أنصار ومعارضون للرئيس المصري في مكانين منفصلين في القاهرة أمس غداة صدور قرارات محمد مرسي التي وسعت صلاحياته بشكل كبير وكرست الانقسام في الشارع المصري. وتجمع أنصار مرسي أمام قصر الاتحادية (القصر الرئاسي) بينما تظاهر معارضوه الذين وصفوه ب"الفرعون" الجديد في ميدان التحرير. وخطب قادة لحزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين) والتيارات السلفية في الجموع تأييدا لقرارات مرسي. وقال الشيخ السلفي محمد عبد المقصود "القول إن مرسي اصبح ديكتاتورا (...) كذب وافتراء". وأضاف أن "مرسي ما فعل ذلك إلا استجابة لمطالب الشعب". وهتف المتظاهرون "الشعب يؤيد قرارات الرئيس". وخاطب مرسي الجموع في وقت لاحق مؤكدا أن مصر تسير على طريق "الحرية والديمقراطية". وأكد مرسي أنه يعمل من أجل الاستقرار والإنتاج وتداول السلطة، مشيرا إلى أن الإعلان الدستوري الذي أصدره أمس يهدف إلى الحيلولة دون تعطيل الإنتاج وقطع الطرق وممارسة البلطجة. وحمل مرسي أيضا على معارضيه في السلطة القضائية الذين قضوا بحل مجلس الشعب الذي كان يهيمن عليه الإسلاميون، ويبحثون في الحكم بحل الجمعية التأسيسية المكلفة بوضع الدستور الجديد الشهر المقبل. وقال متوعدا "من يريد أن يختبئ داخل المؤسسة القضائية نحن له بالمرصاد". وأضاف "قدر لي أن أقود هذه السفينة، ولا أستطيع أن أنحاز إلى فريق ضد آخر، أو أغض الطرف عمن يحاول هدم السفينة". وقال مرسي "لن اسمح لأحد بأن يسيء إلى الوطن.. لن أسمح لأحد بأن يؤجر البلطجية للهجوم على مؤسسات الدولة". وأضاف أن "القرارات والإعلان الدستوري ليس الهدف منها الانتقام من شخص بعينه"، وإن القانون الجديد يعني أنه "لا مجال لتعطيل الإنتاج وقطع الطرق والبلطجة". وأكد مرسي أنه لم يسع لامتلاك السلطة التشريعية وأنه لا يمكن أن يستخدم التشريع لتكميم أفواه الأحزاب. وقال "لم أكن السبب في هدم السلطة التشريعية"، التي انتقلت إليه بموجب الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره في 12 أغسطس الماضي. وفي محاولة لتفسير ما تضمنه الإعلان الدستوري بأنه لا يجوز التعرض لقرارات الرئيس بوقف التنفيذ أو الإلغاء من قبل أي جهة قضائية، أشار الرئيس المصري إلى أن "أحكام القضاء يتم الإعلان عنها قبل مواعيدها بأسبوعين، ولذلك لابد من محاسبة المنفلتين هؤلاء وإعمال القانون على الجميع". وشدد مرسي على أنه "لن نسمح باستخدام المال الفاسد الذي تم جمعه في ظل النظام السابق في هدم مكتسبات الثورة". وقال "لا يمكن لأي فصيل أن يدعي أنه صاحب الفضل في ثورة المصريين.. إن هذه الثورة تقودها أهدافها.. وصلنا لبعض الأهداف وما زلنا واعين لما نريد أن نصل إليه سويا في مصر الجديدة ". وأضاف "لا يقلقني أن يكون هناك معارضون للنظام ولكني أريدها معارضة حقيقية للمحافظة على الشعب والثورة.. أحفظ لإخواني في المعارضة حقهم في العمل بكل حرية.. ولا أتخذ قرارا لأكون فيه أقف ضد أحد فقد كنت وما زلت وسأبقى مع ما يريده الشارع المصري في إطار الشرعية التي لا رجعة عنها". وفي ميدان التحرير، تظاهر أنصار القوى المدنية والرافضون لقرارات مرسي مطالبين بتحقيق أهداف الثورة وفي مقدمتها "الحرية". واحتج المتظاهرون على القرارات التي اصدرها الرئيس المصري أمس الأول وشملت تعيين نائب عام جديد في البلاد وتحصين قرارات الرئيس ومجلس الشورى والجمعية التأسيسية من الحل بحكم قضائي. وهتف المتظاهرون "حرية.. حرية" و"الشعب يريد إسقاط النظام". وخرجت قيادات التيار المدني في مصر وعلى رأسهم الدكتور محمد البرادعي وحمدين صباحي في مسيرات جماهيرية نحو ميدان التحرير. واستعرت حدة المصادمات أمام المجمع العلمي الواقع في أول شارع قصر العيني المطل على ميدان التحرير بين قوات الأمن والمتظاهرين. وقامت قوات الأمن بواسطة أربع سيارات مصفحة مخصصة لفض الشغب بإلقاء المئات من قنابل الغاز المسيل للدموع وتبادلوا الحجارة مع المتظاهرين، بينما ألقى المتظاهرون العديد من قنابل المولوتوف ووابلا من الحجارة على قوات الأمن لمنعها من التقدم باتجاه ميدان التحرير. وتواجد مع قوات الأمن جنود الأمن المركزي وأعداد كبيرة من المجندين بالزي المدني كانوا يقامون بإلقاء القبض على من يقع من المتظاهرين نتيجة المصادمات. وفي المساء انضم آلاف من أعضاء روابط تشجيع الأندية الرياضية "الالتراس" من الأهلي والزمالك إلى المتظاهرين بميدان التحرير رافعين لافتات الالتراس ومرددين هتافات منددة بالاعلان الدستوري وقرارات مرسى الأخيرة. وأحرق متظاهرون غاضبون أمس مقارا لحزب الحرية والعدالة الإسلامي الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في ثلاث محافظات مصرية في منطقة القناة، بعدما خرجت مسيرات غاضبة ضد قرارات الرئيس المصري محمد مرسي التي وسعت من سلطاته وصلاحياته، حسبما قال التلفزيون المصري. وأحرق المتظاهرون مقرات حزب الحرية والعدالة في مدن بورسعيد والإسماعيلية والسويس. وقال مسؤول في حزب الحرية والعدالة إن مقر الحزب في مدينة الإسكندرية تم اقتحامه أمس بعد اشتباكات بين أنصار ومعارضين لمرسي. وقال مسؤول إن 12 شخصا أصيبوا في اشتباك بين متظاهرين يؤيدون الرئيس المصري محمد مرسي ونشطاء يناهضونه في مدينة الإسكندرية. وتلا الهجوم قيام مناوئين لمرسي باقتحام مقر حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس المصري، وأضرموا النار في كتب ومقاعد ولافتات ألقوها في الشارع من شرفة المقر. وقال وكيل وزارة الصحة في محافظة الإسكندرية محمد الشرقاوي ل"رويترز" إن المصابين نقلوا إلى مستشفى رأس التين بالمدينة التي تطل على البحر المتوسط. وقال شاهد من رويترز إن مئات المؤيدين لمرسي وقفوا أمام مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية يهتفون له بعد صلاة الجمعة، بينما وقف مئات المناهضين في حديقة مواجهة للمسجد يهتفون ضده قبل أن تطلق طلقات خرطوش وشماريخ ويتبادل أفراد من الجانبين الرشق بالحجارة. وأضاف أن مؤيدين لمرسي لاحقوا المناوئين له في شوارع جانبية وأن ارتباكا مروريا عم المنطقة. وتابع أن المناهضين للرئيس المصري اقتحموا مقر حزب الحرية والعدالة الذي يوجد في منطقة محطة الرمل، وألقوا كتبا ومقاعد ولافتات من شرفته وسط هتافات تقول "الشعب يريد إسقاط النظام"، و"يسقط يسقط حكم المرشد" في إشارة إلى محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ثم أضرموا فيها النار بعد إلقائها. وقال الشاهد إن اقتحام المقر تم وسط غياب كامل للشرطة. وأغلقت المتاجر في المنطقة ابوابها. وفي مدينة بورسعيد أيضا حاول شاب اقتحام مقر حزب الحرية والعدالة متسلقا جدارا، لكن أعضاء في الحزب كانوا داخل المقر ضربوه ضربا مبرحا بحسب شاهد عيان وردوه إلى أسفل. وألقى محتجون الحجارة على المقر الذي يوجد في الطابق الأول من مبنى يعلوه مقر جماعة الإخوان المسلمين. وفي مدينة أسيوط بجنوب البلاد وقع اشتباك بالأيدي بين مؤيدين ومعارضين في ميدان المنفذ بوسط المدينة عندما مرت مظاهرة للإخوان. وقال شهود إن الشرطة فضت الاشتباك ثم مضت مسيرة الإخوان في طريقها.