في بعض الدول عادة تجد ماكينة خاصة عند مدخل الأسواق التجارية، يمكن للمستهلك من خلالها استبدال النقود المعدنية بخيارات متعددة، إما فاتورة شراء أو نقود ورقية، وبالتالي يحرص الكثير من المستهلكين في تلك الدول على تجميع هذه القطع المعدنية للاستفادة منها مستقبلاً، أي أن سلوك المجتمع قد يحول الأشياء البسيطة إلى قيمة يستفاد منها عندما يحفَّز بنظام حكومي يساعده على ذلك. المستهلك لدينا مع ظروف الحياة الراهنة لا يزال يعاني الكثير، ويترقب المزيد من القوانين التي تكفل له القيمة المناسبة والخدمة المطلوبة؛ ليعود التوازن ما بين مقدم الخدمة والزبون إلى حالة تعطي كل طرف حقوقه الواجبة له وعليه. وزارة التجارة انتهت من إطلاق حملة (خذ الباقي) بوصفها حملة مضادة أسسها التجار (خذ علك)، كبادرة للسيطرة على أحد أهم أساليب الغش التي مارسها كثير من التجار لاستغلال ارتفاع بعض السلع الغذائية وكسر حاجز وصولها لرقم معين، عن طريق تسويق منتجات ليست ذات قيمة صحية ولا اجتماعية، بل تعتبر إحدى الطرق الاحتيالية لاستنزاف اقتصادي من خلال مبلغ من الهللات. وهذه الهللات المتبقية من السلعة التي تبقى لصالح التاجر أو يحتال على المواطن بتسويق مناديل أو علك من خلالها تُقدّر بمئات الملايين سنوياً، تعود بالكامل لجيوب التجار، وكذلك يستنزف من جيب المواطن بمجموع هذه الهللات الكثير. و(خذ الباقي) بقيت أسيرة المعاملات والإجراءات الحكومية حتى اقترب انتصارها على (خذ علك) بقرار وزارة التجارة الذي حدد تطبيقه في تاريخ عشرة من شوال؛ ليدخل المستهلك في سلوك استهلاكي جديد عليه نوعاً ما، يجب أن يواكبه توعية تتحملها أيضاً الجهات الحكومية؛ ليكون المواطن على قدر من الوعي؛ ليستفيد من الباقي بما يخدم العملية الاستهلاكية، أو يعود نفعها على جهات نسعى إلى تعزيز مواردها المالية لخدمة المجتمع. وأهم ما يساند (خذ الباقي) توجيه نشاط وزارة التجارة بجانب وعي المستهلك إلى تحفيز وجود الأسعار التي تشتمل على الهللات بدلاً من صعودها للرقم الموحد بالريال. وبعيداً عن همومنا الوطنية بما يتعلق بسعودة محال بيع المواد الغذائية، وتحويل ملكيتها لأبناء الوطن، لتحريك عجلة البناء المجتمعي والاستقرار الاقتصادي، يفتقر المستهلك "المسكين" للكثير من حقوقه التي لا تقل أهمية عن تأسيس حملة (خذ الباقي)، أهمها مراقبة الأسعار وتحفيز ثقافة العروض التجارية والتخفيضات التي تساعد المستهلك في تخطي بعض الإشكاليات الاقتصادية. واقع التجار وكأنه ليس لهم منافس، ويتمتعون بما يخدم مصالحهم التجارية، بل يزداد عنفوانهم الاستغلالي في أوقات المواسم، وأهمها هذه الأيام في رمضان. أعانك الله أيها المواطن.