تشهد مكةالمكرمة هذه الأيام أعداداً متزايدة من المعتمرين من داخل المملكة وخارجها, وبحسب المسئولين في وزارة الحج بلغ عدد التأشيرات الصادرة عن الوزارة حتى منتصف شعبان الجاري خمسة ملايين تأشيرة, استخدم منها فعلياً أربعة ملايين وثلاثمائة ألف. ولا يخفى أن هذا العدد الكبير من المعتمرين والزوار على مدار العام يقدمون إلى قبلة الإسلام من مشارب وثقافات مختلفة ومتعددة, قدر لي الحديث مع العديد منهم في مواسم الحج والعمرة من خلال العمل الإعلامي, وسعدت بتلك الصورة المشرقة التي يحملونها عن هذه البلاد المباركة وأبنائها. والواقع يشهد اهتمام القيادة - أيدها الله - بعمارة الحرمين الشريفين وتيسير كل السبل لينعم قاصدوهما بأداء شعائرهم التعبدية في أجواء إيمانية وأمن وأمان واطمئنان. وفي المقابل يتوجب على أبناء هذه البلاد الظهور بالصورة المرسومة في مخيلة ضيوف الرحمن عن أبناء المملكة عامة وأبناء المدينتين المقدستين على وجه الخصوص, وهي صورة تنطلق من الأخلاق الإسلامية النبيلة التي حث عليها ديننا الإسلامي الحنيف وتمثلها المصطفى عليه الصلاة والسلام في أقواله وأفعاله, وحث عليها وأقرها, فتوارثت الأجيال حتى عصرنا الحاضر مهن السدانة والسقاية والرفادة التي كان يقوم بها أبناء مكة منذ فجر التاريخ لإكرام وفادة حجاج البيت العتيق. وإذا كانت أعمال السقاية والرفادة تتم حاليا بشكل مؤسسي ومنظم من خلال لجنة مختصة بإمارة منطقة مكةالمكرمة توحدت من خلالها الجهود لتقديم الخدمة بشكل حضاري. فإني أذكر أيضا مشروع تعظيم البلد الحرام وهو ينفذ برنامج (شباب مكة في خدمتكم) والذي يجند ما يقارب ألف متطوع ومتعاون مع المشروع للترحيب بضيوف الرحمن في المنطقة المركزية للحرم الشريف وتقديم الهدايا العينية البسيطة لهم, ومساعدة العجزة وكبار السن منهم في أداء الطواف والسعي, وكذلك المساهمة في إرشاد التائهين. إنه مشروع من المشاريع الاجتماعية الإنسانية المشرقة التي تعكس الرؤية الإستراتيجية لإمارة المنطقة وقد جعلت مرتكزها ونقطة انطلاقتها قبلة الإسلام والمسلمين نحو بناء الإنسان وتنمية المكان. تأمل: للدكتور إبراهيم الكوفحي : هي (مكّةٌ).. (حَرَمٌ) يظلّ مثابةً ** للناسِ، لا ترقى إليه حِرابُ يُجبى إليه من الثمار ثمارُها ** فالأرضُ روضٌ.. والسماءُ سحابُ