حالما يبدأ شهر رمضان يتغير روتين معظم الناس. ولا ارتياب أن أهم تغير هو تحول الليل إلى سهر دائم والنهار إلى سبات عميق، وهذا التغير لم يكن معهودا من قبل بل أن معطيات العصر وطريقة تفاعل الناس معها أفرزت مثل هذه الظاهرة الطارئة على مجتمعنا. فما أن يحل النهار حتى يسكن كل شيء وكأن الحياة تباطأت بشكل سريع، فأنى اتجهت ترى أن الهدوء مخيم على ما يمتد إليه بصرك، وكأن ذاك يدعوك لمحاكاته والاستجابة له، وإن رمت مقاومة ما هو سائد فعليك تجاهل ما يوحيه إليك محيطك وإلا سوف تجد نفسك من حيث لا تدري مثل غير من الناس. وأما الليل الذي كان قبل عقود خلت ألْيَل لا مجال فيه للسهر والحركة فإنه بات وقتا مفضلا لمشاهدة التلفاز والذهاب إلى الأسواق وممارسة مختلف النشاطات حتى الرياضة نجدها تنشط في ليالي رمضان ويزداد إقبال محبيها عليها. ويُعزى تغير سلوك الناس ونمط حياتهم-بالدرجة الأولى- إلى تأثرهم بما وفرته التقنية الحديثة من تسهيلات. ما يهمنا من هذا كله، النتيجة التي صرنا إليها وهي أن الصائم أصبح ينام جل يومه، فيا ترى ما تأثير ذلك على مقاصد وفوائد الصيام؟ نحن- المسلمين- نعلم أن الصيام أحد أركان الإسلام الخمسة وأن الله جل في علاه وعد عباده الصائمين بالأجر العظيم كفاء امتناعهم عن الطعام والشراب طلبا لرضاه. وهنا لن نتطرق لموضوع نوم نهار رمضان من الناحية الشرعية فذلك شأن المختصين، بيد أننا سوف نشير لجانب مهم أيضا وهو الفوائد الصحية التي يجنيها الصائم، فمن ينام نهارا يأتيه وقت الإفطار وهو لا يشعر بحاجة للطعام أو الشراب لأنه لم يمارس نشاطا يذكر ولم يستنفد الطاقة التي استخلصها مما أكله خلال الليل. فالصيام-كما أثبتت الدراسات- يساعد بشكل فعال بعد مشيئة الله في الوقاية من كثير من الأمراض وأيضا له دور مؤكد في شفاء الإنسان من بعض العلل. إن الصيام يخلص الجسم من السموم المتراكمة خلال العام، فهو بمثابة صيانة وقائية وتنظيف لجسم الإنسان، فهل أنت صائم أم نائم؟ م. عايض الميلبي-ينبع