أشارت بيانات صادرة عن برنامج الغذاء العالمى التابع للأمم المتحدة إلى حدوث تراجعات خطيرة فى مستويات الكفاية الغذائية لشعوب منطقة الساحل الأفريقى من الحبوب الغذائية وارتفاع أسعارها فى الأسواق مما ينذر بأزمة غذائية وشيكة فى الإقليم الممتد إلى الشمال الغربى من القارة الأفريقية. وكشف برنامج الغذاء العالمى عن أكثر مناطق إقليم الساحل انكشافا من الناحية الأمنية الغذائية من الحبوب هو إقليم جنوب شرق ووسط النيجر المعتمد بصورة أساسية على وارداته من محاصيل الحبوب القادمة من الأسواق النيجيرية. وذكر تقرير للبرنامج أن مناطق الشمال النيجيرى وشمالى جمهورية بنين تعد من المناطق المهددة فى أمنها الغذائى من الحبوب الأساسية، وفى المقابل اعتبر برنامج الغذاء العالمى تشاد آمنة نسبيا من الحبوب الغذائية الرئيسية بسبب وفرة المحصول للعام 2012. ورصد خبراء برنامج الغذاء العالمى حالة من التراجع فى إمدادات الحبوب القادمة من سوق ماجيراتى الحدودى مع جمهورية النيجر وهو السوق الرئيسى للحبوب فى الإقليم وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار الحبوب فى كل من النيجر وشمال نيجيريا مقارنة بأسعارها فى العام 2012. ويرى المحللون فى برنامج الغذاء العالمى أن الأوضاع الغذائية فى النيجر تستدعى دق ناقوس الخطر حيث تلوح فى الأفق مؤشرات أزمة غذائية طاحنة كالتى شهدتها النيجر عامى 2005 و2010 وذلك إذا ما توقفت إمدادات الحبوب القادمة من الأسواق النيجيرية تماما وهى الإمدادات التى باتت شحيحة مقارنة بذى قبل فى الوقت الراهن. وفى أسواق الذرة فى ولاية كانو – كبرى ولايات الشمال النيجيرى وأكبر أسواق الحبوب محليا – يصل سعر الجوال من الذرة الصفراء زنة 100 كج إلى 7400 نيرة نيجيريا أى ما يعادل 47 دولارا أمريكيا وهو السعر المسجل فى الوقت الراهن مقابل سعر قدره 6000 نيرة نيجيرية (38 دولارا أمريكيا) فى ذات التوقيت من العام الماضى. كما سجل سعر جوال حبوب الميلليت 8000 نيرة (51 دولارا أمريكيا) زنة 100 كج فى الوقت الراهن فى أسواق كانو للحبوب بشمال وسط نيجيريا مقابل 7500 نيرة (47 دولارا أمريكيا) للجوال من ذات الزنة سجلت فى قبل عام. وترى هيلين بيترون المراقبة الغذائية ببعثة الاتحاد الأوروبى لدى النيجر أن متوسط إنفاق الأسرة فى إقليم الساحل الأفريقى على الحبوب الغذائية يعادل 80% من إنفاقها الغذائى العام وهى فى غالبها حبوب مستوردة من نيجيريا ذات الإمكانات الزراعية الهائلة، وقالت إن تردى الأوضاع الأمنية فى شمال نيجيريا بسبب عمليات حركة بوكو حرام ونزوح المزارعين عن مناطق شاسعة وكذلك اضطراب الأحوال فى الأسواق المحلية سيشكل معضلة غذائية للدول المجاورة لنيجيريا والمعتمدة عليها فى استيراد حبوبها الغذائية فى إقليم الساحل وفى مقدمتها النيجر ومالى. وبشكل عام جاءت محاصيل حبوب الميلليت التى تزرع فى نيجيريا بنهاية موسم حصادها فى مايو 2013 أقل بنسبة 13% عنها فى الموسم الإنتاجى المنتهى فى مايو 2012 ومقارنة بمتوسطات الإنتاج المسجلة لمواسم 5 أعوام خلت وهو ما أرجعه الخبراء إلى فرار المزارعين من حقول الإنتاج خوفا من بطش مقاتلى بوكو حرام وهى منظمة متشددة تتبنى أفكار القاعدة شقت عصا الطاعة على الحكومة والسلطات الرسمية فى شمال نيجيريا. وتتركز الأنظار على محاصيل الحبوب التشادية هذا العام كمصدر للأمن الغذائى وهى المحاصيل التى رويت بمياه الأمطار ومياه الحوض التشادى العظيم للمياه العذبة وجاءت كميات المحاصيل للعام 2012 أعلى بنسبة 6% فى المناطق الزراعية التشادية مقارنة بمناطق الزراعة الأخرى على الحوض ومن بينها مناطق فى نيجيرياوالنيجر. ويرى الخبراء أن تراجع الإنتاج النيجيرى من الحبوب واضطراب الأوضاع الأمنية قد توجد فجوة غذائية للنيجيريين البالغ عددهم 5ر162 مليون نسمة لا تسمح بفوائض يتم تصديرها من الحبوب إلى دول الجوار فى إقليم الساحل والصحراء فى إفريقيا بقية هذا العام. واستباقا للأزمة رصد برنامج الغذاء العالمى موازنة قدرها 32 ألفا و50 فرنكا افريقيا (65 دولارا أمريكيا) شهريا للعائلات الفقيرة فى جمهورية النيجر ومالى والتى تتلقى دعما ماليا منتظما من البرنامج لشراء احتياجاتها الغذائية نقدا، ويقول خبراء البرنامج إن هذه الاعطيات ستقدم خلال الفترة المتبقية من العام الجارى تحسبا لمؤشرات ارتفاع أسعار الحبوب الغذائية الأساسية على نحو ما سبقت الإشارة إليه، ويذكر فى هذا الصدد أن الأعطيات الشهرية التى كانت تقدم من برنامج الغذاء العالمى وفق هذا النظام كانت لا تتعدى 25 ألف فرنك افريقى (50 دولارا أمريكيا) خلال العام الماضى. وتحذر الأممالمتحدة من أن عطاء برنامج الغذاء العالمى للجائعين فى افريقيا قد لا يستمر طويلا بالنظر إلى أزمة التمويل التى يشهدها البرنامج للاستمرار فى أداء رسالته والوفاء باحتياجات الآلاف من الأسر الجائعة فى الصحارى الأفريقية، ويقدر الخبراء احتياج برنامج الغذاء العالمى العاجل فى هذا الصدد بنحو 312 مليون دولار أمريكى حتى ديسمبر 2013.
