يمثل منح البرلمان الإيراني الثقة للتشكيلة الوزارية وبرنامج الحكومة الذي اقترحه الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني التحدي الأول أمام هذا الرئيس الذي يسعى إلى إخراج إيران من دوائر التطرف والعزلة والانهيار الاقتصادي التي تتمثل بالتركة السياسية والاقتصادية الثقيلة التي خلفتها حكومة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد على مدى ثمانية أعوام من الممارسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الخاطئة التي تسببت في إلحاق الضرر بالشعب الايراني. هناك ما يدعوإلى الاعتقاد بصعوبة موقف روحاني في أول معاركه مع المتشددين في البرلمان الإيراني أولاً بسبب تعقيد عملية منح الثقة في البرلمان التي تمر بثلاث مراحل على مدى ثلاثة أيام تنتهي بالتصويت على منح الثقة لكل وزير على حدة. وثانيًا لظهور مؤشرات أولية تؤكد على أن البرلمان لن يمنح الثقة لعدد من الوزراء المقترحين - بالرغم من أن روحاني راعى في اختيارهم الكفاءة والاعتدال متخطيا التوجهات الحزبية والفئوية - بسبب مشاركتهم في احتجاجات عام 2009 ودراسة غالبيتهم العظمى في جامعات أمريكية وأوروبية ، وبعدم التزامهم بمعايير منح الثقة التي يعتبرها المتشددون خطوطًا حمراء أهمها على الإطلاق التقيد بما يعرف بقيم الثورة وولاية الفقيه. استبعاد بعض الوزراء المقترحين الذين يقدر الخبراء عددهم بأقل من أصابع اليد الواحدة -من بين 18 وزيرًا- لن يؤثر في برنامج روحاني الذي وعد به الشعب الإيراني والذي يأتي في مقدمته تسوية الأزمة الاقتصادية الخانقة والبرنامج النووي وإخراج إيران من عزلتها الدولية، من أجل رفع العقوبات الغربية التي عصفت باقتصاد البلاد حيث انخفضت الموارد النفطية إلى النصف منذ العام الماضي، وانخفضت قيمة العملة الإيرانية إلى مستويات غير مسبوقة، ووصلت نسبة التضخم إلى نحو40%. المؤشرات على نجاح روحاني في مواجهة التحديات الصعبة التي يفرضها المتشددون كثيرة ، لكن أهمها على الإطلاق مناخ الاعتدال الذي أصبح سمة رئيسة للمجتمع الدولي في الوقت الراهن، وبعد أن أصبح التطرف العدوالمشترك لهذا المجتمع على المستوى الرسمي والشعبي، والمهدد الأكبر لأمنه واستقراره ورخائه، وذلك إلى جانب مؤازرة الشعب الإيراني لرئيسه الجديد، بعد أن تعب هذا الشعب من التطرف وضاق ذرعًا من الإفراط والتفريط، وأصبح تواقًا إلى الحرية والاعتدال.