موضوع الاسلحة الكيماوية يعود من جديد لتصدر المشهد السوري، وليكون عاملا حاسماً في تحديد الطرف المنتصر من الحرب التي مضى عليها أكثر من عامين. دمشق (فارس) لم يكن يوم 20 آب/ أغسطس يوماً عادياً من أيام الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين على السوريين عامة وأهل دمشق خاصة، فالأصوات المرعبة التي سمعها أهالي العاصمة السورية كانت تشي بأمر كبير لا يزال مصيره بالنسبة للكثير غامضاً. صاروخان يحملان رؤوسا كيماوية أطلقا على مناطق غوطة دمشق الشرقية، فيما كان الجيش السوري يحضر لأكبر عملية عسكرية ضد المجموعات المسلحة المتمركزة في المنطقة. تقاطع الروايات حول حقيقة ما جرى في هذا اليوم الذي سيكون مصيريا بالنسبة للسوريين يثبت عدم إمكانية تورط الجيش السوري في عملية إطلاق الكيماوي، وما يدلل على استحالة مثل هذا التورط مجموعة من العوامل يمكن تلخيصها في عدة نقاط: 1. تزامن الهجوم الكيماوي مع أول أيام عمل اللجنة الدولية في التحقيق بالكيماوي، وهو ما ينفي وبشكل قطعي قيام الحكومة السورية بذلك كونها كيان مسؤول عما يخرج منه أمام القانون الدولي خصوصا أن دمشق هي من كانت قد طلبت سابقا بقدوم لجنة تحقيق إلى سوريا للتحقيق باستخدام المسلحين الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين فيما يظهر المسلحون من أصحاب التوجه التكفيري المتشدد كأصحاب المصلحة العليا في إفشال عمل اللجنة خصوصا وان اصابع الاتهام تتوجه لهم في استخدام الكيماوي بخان العسل وهو الأمر الذي أشارت إليه صراحة روسيا والتي أكدت أن لديها ما يثبت قيام جبهة النصرة باستهداف خان العسل بالكيماوي منذ أشهر. 2. الجيش السوري بدأ صباح العشرين من آب عملية عسكرية ضخمة على المناطق التي استهدفت بالكيماوي وقد حرك قوات هائلة من المشاة إليها الأمر الذي يجعل أمر استهداف الجيش لهذه المناطق بالكيماوي بعيد كل البعد عن المنطق بسبب تواجد عناصر الجيش في هذه المناطق وهو الأمر الذي سيصيبهم مباشرة بعوارض استنشاق الغازات، فيما تبدو من مصلحة المسلحين إطلاق الغازات لوقف تقدم الجيش والذي استبق الهجوم البري بعمليات قصف مكثفة ضد معاقل المسلحين أدت إلى تراجعها في العديد من المناطق وخصوصا في جوبر والقابون وزملكا وعربين. 3. من غير المنطقي أن يستخدم الجيش السوري الكيماوي ضد هذه المناطق حتى لو تم انتقاد نظرية تواجد قواته بالقرب منها، حيث إن مناطق عربين وزملكا وجوبر كلها مناطق محاذية لأكثر مناطق العاصمة دمشق حيوية وتأييدا للجيش ك"باب توما" و"العباسيين" و"جرمانا"، فلا يعقل أن يستهدف الجيش مناطق المسلحين بالكيماوي الذي يبلغ مدى تأثيره 10 كم فيما لا تبعد باب توما مثلا سوى 7 كم عن منطقة المليحة. هذه العوامل وغيرها الكثير تجعل من فرضية استخدام الجيش للكيماوي مستبعدة بشكل كامل خصوصا مع التسريبات الإعلامية التي أكدت امتلاك موسكو لصور مأخوذة عبر الأقمار الصناعية تؤكد أن مسلحين متشددين من مدينة دوما في ريف دمشق الشمالي هم من أطلقوا الصواريخ الكيماوية على الغوطة الشرقية. هذا الهجوم من قبل متشددين يتضح من حيث الأهداف ب: 1. وقف عملية الجيش السوري والتي وصفت على انها الأكبر ضد المسلحين في ريف دمشق منذ بدء الاشتباكات فيها قبل نحو عامين 2. إفشال مهمة لجنة التحقيق باستخدام الكيماوي في سوريا 3. العمل على استجلاب تدخل عسكري ضد سوريا من قبل الغرب الذي تلقف هذا التطور بقدر كبير من الحذر اثر المعلومات الروسية عن ان مصدر الكيماوي هو المسلحين وهو ما تأكدت منه واشنطن عبر استخباراتها ما دفعها للصمت في جلسة مجلس الأمن التي بحث هذا التطور. المحلل السياسي السوري علاء الحسين أشار في تصريح خاص لوكالة انباء فارس إلى أن هذا الهجوم سيكون محطة مفصلية في عمر الحرب السورية وأن التوصل إلى تحديد المهاجمين فيه سيحدد إلى درجة كبيرة هوية المنتصر في الصراع. وأضاف الحسين أن المسلحين المتشددين لم يقدموا على هذا الهجوم بقرار ذاتي، مشيرا إلى أن نظامي تركيا وقطر المنهزمين نتيجة تطورات المنطقة والتين لم تعلنا أي تنديد أو رفض لهذا الهجوم، متورطان بشكل مباشر او غير مباشر بالقرار لهذا الهجوم. /2336/