د. دانية آل غالب للآداب والأخلاق صلة وثيقة بعقيدة الأمة ومبادئها، وعلوّ شأنها وانحدارها، فإن ضيّعت الأمة أخلاقها.. ضاعت على الأثر. وقد قال في ذلك الشاعر قوله المعروف: وَإِذا أُصيبَ القَومُ في أَخلاقِهِم فَأَقِم عَلَيهِم مَأتَمًا وَعَويلا ولِكُلِّ دِينٍ خُلُق، وَخُلُقُ الإِسْلامِ الْحَيَاءُ.. هذا الخلق الذي أهمله البعض، وأساء تفسيره البعض الآخر، فظنّه جُبنًا وخنوعًا. وحين ضيّعه البعض ضاعوا معه، وضيّعوا معه الكثير من الخير الذي نحتاجه، والذي أشار له قول رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ، -أَوْ قَالَ-: الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْر). ومنزوع الحياء لا تراه إلاّ على قبح، ولا تسمع منه إلاَّ لغوًا وتأثيمًا. يحسب فحشه شجاعةً، ووقاحته جراءةً، وشذوذه فنًّا واستعراضًا!! تعرفه بنفسه الهمّازة، ولسانه البذيء، وخروجه عن الفضيلة، وخلع جلباب الحياء، فاجتنبه لأنّه من لا حياء له لا إيمان له. فالحياء مِلاكُ الخير، وهو نبض النبل في كل عمل يشوبه، وهو فضيلة من أعظم الفضائل وأعلاها منزلة لأنه خلق يبعث على اجتناب القبيح، ويمنع من التقصير أداء الحقوق لأهلها. ولو تَجَسَّم الحياء يومًا لكان رمزَ الصلاح والإصلاح. وللحياء صور من أهمّها: حياء الإنسان من الله تعالى. ويكون بامتثال أوامره، والكف عن زواجره، والصورة الثانية: حياؤه من الناس بكف الأذى، وترك المجاهرة بالقبيح، أمّا صورته الثالثة فهي حياء المرء من نفسه بالعفة وصيانة الخلوات. فمتى كمل حياء الإنسان من وجوهه الثلاثة كملت فيه أسباب الخير، وانتفت عنه أسباب الشر. وقد يشكل على بعض الناس مفهوم الحياء من حيث إن صاحب الحياء قد يستحيي أن يواجِه بالحق، وقد يحمله الحياء على الإخلال ببعض الحقوق. ولكن في موقف كهذا فإن المانع ليس الحياء، بل هو العجز. أمّا حقيقة الحياء هي أنه خلق يبعث على ترك القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق. وقد ورد عن سيّدنا سلمان الفارسي -رضي الله عنه- قال: (إن الله إذا أراد بعبده هلاكًا نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلاّ مقيتًا ممقتًا. فإذا كان مقيتًا ممقتًا نزع منه الأمانة، فلم تلقه إلاّ خائنًا مخونًا. فإذا كان خائنًا مخونًا نزع منه الرحمة، فلم تلقه إلا فظًّا غليظًا. فإذا كان فظًّا غليظًا نزع ربقة الإيمان من عنقه، فإذا نزع ربقة الإيمان من عنقه، لم تلقه إلاّ شيطانًا لعينًا ملعنًا). ومن استحيا من الناس، ولم يستحِي من نفسه، فهذا يعني أن قدر نفسه عنده أقلّ من غيره. أمّا إذا كبرت عنده نفسه فسيكون استحياؤه منها أعظم من استحيائه من غيره. وفي ذلك قال بعض السلف: من عمل في السر عملاً يستحيي منه في العلانية فليس لنفسه عنده قدر.. وحين يضيع الحياء يضيع معه كلّ خير. وقد صدق الشاعر حين قال: إني كأني أرى مَن لا حياء له ولا أمانة وسط القوم عريانًا [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (46) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain