الليغا ... برشلونة يقترب من حسم الوصافة    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    "هل تصبح مصر وجهة صعبة المنال لليمنيين؟ ارتفاع أسعار موافقات الدخول"    "عبدالملك الحوثي هبة آلهية لليمن"..."الحوثيون يثيرون غضب الطلاب في جامعة إب"    شاهد.. أول ظهور للفنان الكويتي عبد الله الرويشد في ألمانيا بعد تماثله للشفاء    خلية حوثية إرهابية في قفص الاتهام في عدن.    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    علي ناصر محمد يفجر مفاجأة مدوية: الحوثيون وافقوا على تسليم السلاح وقطع علاقتهم بإيران وحماية حدود السعودية! (فيديو)    شاهد الصور الأولية من الانفجارات التي هزت مارب.. هجوم بصواريخ باليستية وطيران مسير    مبابي عرض تمثاله الشمعي في باريس    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    عودة الثنائي الذهبي: كانتي ومبابي يقودان فرنسا لحصد لقب يورو 2024    لا صافرة بعد الأذان: أوامر ملكية سعودية تُنظم مباريات كرة القدم وفقاً لأوقات الصلاة    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    اللجنة العليا للاختبارات بوزارة التربية تناقش إجراءات الاعداد والتهيئة لاختبارات شهادة الثانوية العامة    لحج.. محكمة الحوطة الابتدائية تبدأ جلسات محاكمة المتهمين بقتل الشيخ محسن الرشيدي ورفاقه    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    انكماش اقتصاد اليابان في الربع الأول من العام الجاري 2024    تحذيرات أُممية من مخاطر الأعاصير في خليج عدن والبحر العربي خلال الأيام القادمة مميز    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    رئيس مجلس القيادة يدعو القادة العرب الى التصدي لمشروع استهداف الدولة الوطنية    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    تغاريد حرة.. عن الانتظار الذي يستنزف الروح    انطلاق أسبوع النزال لبطولة "أبوظبي إكستريم" (ADXC 4) في باريس    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    ترحيل أكثر من 16 ألف مغترب يمني من السعودية    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    انهيار جنوني .. لريال اليمني يصل إلى أدنى مستوى منذ سنوات وقفزة خيالية للدولار والريال السعودي    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    البريمييرليغ: اليونايتد يتفوق على نيوكاسل    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    بائعات "اللحوح" والمخبوزات في الشارع.. كسرن نظرة العيب لمجابهة تداعيات الفقر والجوع مميز    وزارة الحج والعمرة السعودية توفر 15 دليلاً توعوياً ب 16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في اليوم العالمي للمعتقلين والمخفيين قسريا: توأما "الكذب والقتل" في عرف الأمن
نشر في الجنوب ميديا يوم 24 - 04 - 2013


في اليوم العالمي للمعتقلين والمخفيين قسريا
توأما "الكذب والقتل" في عرف الأمن
الثلاثاء 03 سبتمبر-أيلول 2013 الساعة 06 مساءً
أخبار اليوم/ خاص
تزامناً مع اليوم الدولي لضحايا الاختفاءات القسرية، الذي صادف أمس شغل موضوع "معتقلو ومخفيو الثورة اليمنية بين التسويات السياسية والعدالة المفقودة"، اهتمام كثير سياسيين وقانونيين وناشطين وأطباء نفسيين وغيرهم، مؤكدين ومجمعيين على أن الاعتقالات الغير قانونية المصحوبة بالإخفاء القسري والتعذيب والقتل في بعض الأحيان والكذب يعتبرا تؤامان في عرف أجهزة الأمن في الأنظمة الاستبدادية.
والاعتقالات التعسفية وحالات الإخفاء القسري لشباب الثورة أتت على خلفية اندلاع ثورتهم السلمية وما صاحبها من احتجاجات واعتصامات سلمية مطالبة بإسقاط النظام السابق، وبقاء قضية المعتقلين بهذا الشكل العالق دون أي أفق، غدا بمثابة الرد الفعلي والعملي لقوة الثورة المضادة، و إصرارها على التحدي و المواجهة في هذه المرحلة التي كشفت حجم و هول التحديات التي تواجه العملية الثورية في التغيير، في ظل المتغيرات الإقليمية الحاصلة، وفي هذا الصدد أقام المجلس العام لمعتقلي الثورة اليمنية أمس الاثنين بالعاصمة صنعاء ندوة تحت عنوان "معتقلو ومخفيو الثورة اليمنية بين التسويات السياسية والعدالة المفقودة" تزامناً مع اليوم الدولي لضحايا الاختفاءات القسرية، وتخلل الندوة الاستماع إلى شهادة اثنين من الضحايا المفرج عنهم مؤخراً أحدهما معتقل والآخر مخفي قسراً تحدثا عما تعرضا له من انتهاكات وتعذيب وممارسات تعسفية داخل السجون والمعتقلات.
أخطر الانتهاكات
" إن الاعتقالات التعسفية والإخفاءات القسرية والحرمان من الحرية الشخصية بالمخالفة للدستور والقانون هي واحدة من أخطر الانتهاكات التي طالت وتطال حقوق الإنسان وتقمع حرياتهم لاسيما وأن تلك الاعتقالات والإخفاء القسري غالباً ما كانت تقوم بها أجهزة الأمن في النظم الاستبدادية بحق كل من يمارس حقوقه ومنها حق التعبير عن الرأي أو التعبير أو الاحتجاج.. الخ.
ويبقى السؤال هنا؛ لماذا لا زالت جرائم الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والحرمان من الحرية خلافاً للدستور والقانون ترتكب من أجهزة الدولة سواءً بحق شباب الثورة أو بغيرهم من المواطنين خلال المرحلة الانتقالية بعد ثورة الشباب السلمية وسقوط رأس النظام السابق؟!!. الإجابة على ذلك واضحة وهي أننا أمام دولة ما زالت تتصارع فيها قيم الثقافة الديمقراطية القائمة على احترام حقوق وحريات الإنسان وثقافة انتهاك تلك الحقوق وقمع الحريات التي سادت لفترة طويلة اعتادت أجهزة الدولة القديمة خلالها على ممارستها بدون محاسبة".
ما سبق من ورقة عمل قدمها، الأمين العام لنقابة المحامين اليمنيين، المحامي/ صقر عبدالعزيز السماوي- عضو مؤتمر الحوار الوطني الشامل، في قراءة قانونية في الاعتقالات والإخفاءات التي طالت عدد من شباب الثورة منذُ بداية 2011م، في ندوة تحت عنوان "معتقلو ومخفيو الثورة اليمنية بين التسويات السياسية والعدالة المفقودة" تزامناً مع اليوم الدولي لضحايا الاختفاءات القسرية، أقامها أمس المجلس العام لمعتقلي الثورة اليمنية بالعاصمة صنعاء.
تلفيق
وأكد السماوي في ورقته أن حالات الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري لشباب الثورة بلغت بالآلاف وصاحبها تعذيب وممارسات غير إنسانية ومع أن المتابعة المستمرة والضغط أجبر الأجهزة الأمنية على إخلاء سبيل عدد لا بأس به ممن تم اعتقالهم واحتجاز حريتهم من شباب الثورة خلافاً للقانون إلا أن تلك الأجهزة استمرت في احتجاز حرية آخرين من شباب الثورة.
وليس هذا فحسب بل قامت تلك الأجهزة بتلفيق تهم للبعض ممن أخفتهم قسرياً لعدة أشهر خلافاً للدستور والقانون، ثم إحالتهم للنيابة بعد قرابة العام، مع الاستمرار في إخفاء عدد آخر قسراً وعدم الكشف عن مصيرهم حتى الآن، ومن تم إخلاء سبيلهم من المعتقلين على ذمة أحداث الثورة جاء بعد تصعيد احتجاجي والتهديد بمقاضاة النيابة باعتبار أن استمرارها في احتجاز حريتهم خلافاً للدستور والقانون تعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، وفق المحامي/ السماوي.
ولفت السماوي أننا بحاجة إلى وكالة اجتماعية قوية تدعم هذا التحول نحو الثقافة الديمقراطية ونبذ ثقافة قمع الحريات وانتهاك الحقوق وانتهاج ثقافة احترام الحقوق والحريات عن قناعة حتى تصبح تلك الثقافة سلوك وممارسة يتحقق من خلالها الضبط الذاتي، مشيراً إلى أن ذلك يستلزم من جميع القوى الوطنية بمن فيهم الشباب ومن كانت بالأمس أحزاب معارضة وهي اليوم مشاركة في السلطة وكذلك المعارضة؛ أن يحافظوا على مسألة الشراكة والوحدة الوطنية التي يحتاجون لها في مواجهة أجهزة الدولة التي لا زالت تتصرف من منطلق ثقافة قمع الحريات وانتهاك الحقوق.
إصلاح القضاء
وأوضح السماوي أن ذلك يستلزم إصلاح الأجهزة الأمنية التي لا زالت باقية على حالها وكذلك يستلزم إصلاح القضاء بما فيه جهاز النيابة العامة اللذان يغضا النظر عن جرائم الأجهزة الأمنية المتعلقة بقمع الحريات وانتهاك حقوق الإنسان لاسيما وأن عسكرة وأمننة القضاء والنيابة كان له أثره في قلب القضاء والنيابة للنصوص الدستورية والقانونية التي تحمي تلك الحقوق والحريات وتعاقب منتهكيها ظهر المجن.
موضحاً أن عدم قيام القضاء وجهاز النيابة بواجباتهما تجاه تلك الجرائم وعدم انتصارها لضحايا تلك الجرائم مكن مرتكبيها من الإفلات وفتح شهيتهم لارتكاب المزيد منها فإصلاح القضاء والنيابة العامة خطوة هامة وأساسية لحماية الحقوق والحريات، ولذلك فإن الإشكالية لا تكمن في النصوص الدستورية أو القانونية وإنما في تجاهل تلك النصوص وعدم احترامها والتقيد بها من قبل أجهزة الدولة الأمنية والقضائية، وهذا ما رأينا أن من المفيد توضحيه ابتداءً وعلى عجالة حتى يؤخذ في الحسبان إذا ما أردنا محاربة هذه الجرائم والانتهاكات الخطيرة.
فشل رسمي
الباحث ومحلل سياسي/ نبيل البكيري، قال في حديثه عن قضية معتقلي الثورة الشبابية، والفشل الرسمي في الوصول إلى مخرج حقيقي في هذه القضية: "إنني أرى وأقترح أن تفعل قضية المعتقلين و المخفيين من شباب الثورة في الأروقة و المحافل الدولية، بالتواصل منظمات حقوق الإنسان الفاعلة دولياً، كال: هيومان رايتس وتش، و منظمة العفو الدولية، كون هذه المنظمات هي الوحيدة قادرة بالضغط محلياً و دولياً في هذا الجانب".
وأضاف في ورقته المعنونة ب "معتقلو الثورة و مخفييها بين سندان المبادرة و مطرقة التوافق" أن هذه القضية بالذات من قضايا هذا الوطن المعقدة ، فإنني لن أتحدث هنا كناشط قانوني و حقوقي وسأكتفي بالحديث هنا كمراقب من بعيد لما تم ويتم تجاه هذه القضية التي كان يفترض أن تتصدر أنشطة الحكومة والثوار جميعاً، كونها القضية الأخلاقية الأولى التي تمس مصداقية التغيير الذي خرج الناس من أجله من عدمه.
وافاد البكيري أن ما يثير ضحكنا وبكائنا معاً في هذا المشهد العبثي، هو منح قتلة و لصوص حصانة لجرائم أكثر من ثلاثين عاماً في حق اليمنيين، فيما في طرفه الأخر يقبع أكثر من 30 معتقلاً من شباب الثورة في مختلف المحافظات في زنازين يحرموا فيها من أدنى المعايير الإنسانية في التعامل معهم، وقبل هذا لا منطقية ولا قانونية احتجازهم و اعتقالهم دون أي تهمة توجه لهم حتى الآن، موضحاً أن ثلاثون معتقلاً و 16 مخفي قسرياً، على ذمة الثورة الشبابية الشعبية، فيما من يفترض أن الثورة قامت ضد فسادهم و إجرامهم، بقانون الحصانة التي منحت لهم، صاروا اليوم هم الحكام غير المساءلين عن جرائمهم، و كأن الثورة ضدهم لم تأتي سوى لتمنحهم امتيازاً أخر لم يكونوا يتمتعون به قبل الثورة.
دواعي المسؤولية
وأوضح البكيري أن من دواعي المسؤولية الأخلاقية و الإنسانية أن يتم الالتفات لهذه القضية كونها بالنسبة لأي ثورة في العالم، تمثل قضية المعتقلين ترمومتر لقياس حقيقي لمنسوب و مستوى نجاح أي ثورة من عدمها، وبتالي فما نراه أن هذه القضية ستظل بالفعل هنا في اليمن، دليلاً واضحاً على خرافية القول بأن التغيير قد حقق حتى أولى أهدافه إذا ما كان رواد التغيير وقادته قابعون في السجون والمعتقلات دون أي تهمة يدانون بها سوى تهمة انخراطهم بالثورة.
الأغرب وفق البكيري من كل هذا، أن مؤتمر الحوار الوطني الذي كان يفترض به أن ينظر في قضيتهم كأولوية قصوى، ثورياً وأخلاقياً، لم يزد سوى أن أضاف صمتاً مخجلاً أمام قضية المعتقلين و المخفيين قسرياً، فيما كان يفترض أن تكون قضيتهم هي من أولى القضايا التي يجب النظر فيها قبل أي شيء أخر، لكن للأسف لم نرى أي مبادرة حقيقية من مؤتمر الحوار تتبنى قضية المعتقلين و المخفيين باستثناء بعض المزايدات الفيسبوكية و عنتريات البعض حولها، مضيفا أنه ربما بقاء قضية المعتقلين بهذا الشكل العالق دون أي أفق، غدا بمثابة الرد الفعلي والعملي لقوة الثورة المضادة، و إصرارها على التحدي و المواجهة في هذه المرحلة التي كشفت حجم و هول التحديات التي تواجه العملية الثورية في التغيير، في ظل المتغيرات الإقليمية الحاصلة.
واستهجن البكيري الموقف السياسي لحكومة الوفاق والقضاء المتخاذل تجاه القضية وحجم المرارة التي تعانيها أسر هؤلاء المعتقلين، الذين يجدون أنفسهم أمام قضية لا طائل لهم بها، ولا يجدون طريقاً للخروج منها وحلها. وكما تمثل هذه القضية من مرارة، فإن مرارة أسر المخفيين قسرياً لا شك أشد مرارة وحسرة، لما يمثله الاختفاء القسري من ضياع وإرباك وأفق مسدود أمام أسر و عوائل هؤلاء المخفيين.
مؤكداً أن جريمة الاختفاء القسري، لا شك أنها جريمة لا يرقى لمستوى إجرامها أي جرم، كون تداعيات هذه الجريمة، يمثل تعطيلاً مدمراً لحياة آخرين كالزوجات و الأبناء بل وأسرهم جميعاً، لما يترتب على هذه الاختفاء من أحكام وقوانين الأحوال المدنية كالميراث و لا يمكن نفاذها في حال بقاء المخفي قسرياً غير معلوم المصير.
تدمير الأمان والثقة
((معتقلو ومخفيو الثورة بين التسويات السياسية والعدالة المفقودة))، أيضاً ورقة عمل قدمها الدكتور/ عائض طلحة - وهو استشاري في الطب النفسي- وفي تناوله لقضية التعذيب، قال: "الغرض من التعذيب هو احداث جو من الخوف وتدمير الحس بالأمان والثقة لدى الضحايا، موضحا أن أنواع التعذيب الشائع استخدامها: التعذيب الجسدي، والضرب، والوقوف القسري لفترات طويلة، والخنق، والحروق، والصدمات الكهربائية، والانتهاكات الجنسية، والتعرض للبرد الشديد أو الحر الشديد".
وفي مجال الحرمان من الظروف الإنسانية، أفاد طلحة أن ذلك يتمثل في: الحرمان من الطعام والشراب والنوم، وتغطية العينين والرأس والحرمان من العناية الطبية، وفرط الاستثارة الحسية: وتتمثل في التعريض للضجة الدائمة , الصراخ , والأصوات، والتعريض لإضاءة شديدة جدا، والإجبار على تناول بعض العقارات، وعلى الجانب الاخر هناك في التعذيب اسلوب يُطلق عليه حجب الاستثارة الحسية: ووسائله العزل الانفرادي لفترات طويلة
وفيما يخص التعذيب النفسي لفت د/ طلحة إلى أن ذلك يجري عبر العزل الانفرادي الطويل، والحرمان الطويل من النوم، والإذلال الممنهج والذي قد يكون ثقافيا باحتقار مبادئ وقيم الفرد وقد يكون جنسيا ويستخدم كوسيلة لكسر مقاومة السجين وإخضاعه، إضافة إلى التجرد القسري من الملابس، التحرش او الانتهاك الجنسي، وتصوير المعتقل أو المخفي قسرياً في مواضع قسرية مخزية، والتهديد بموت السجين او تصفية عائلته.
وكذلك عمليات الإعدام الوهمي اذ يتم ايهام المريض بأنه سيتم إعدامه وتنفذ الخطوات الى اللحظة الأخيرة وتعاد هذه العملية مرارا وتكرارا، والشتم والاهانة والاعتداءات اللفظية: وهذه قد تطال كرامة الشخص او معتقداته او رموزه الدينية، وتلفيق اتهامات كاذبة: وذلك من اجل ترويع السجين والضغط عليه، والاجبار على مشاهدة تعذيب الاخرين.
عواقب
وحسب د/ طلحة يترتب على التعذيب عواقب صحية ونفسية تصيب ستة مستويات أو جوانب من حياة الانسان، أولها: الأضرار العامة، وتعمل على تدمير إحساس الضحايا بالأمان, والخصوصية, والحميمية والثقة بالعالم الخارجي، وتزعزع المبادئ والقيم والمعتقدات وتدمر أيضا الإحساس بالذات , وتغيّر صورة صلة وعلاقة الضحايا بالعالم الخارجي.
ووفقا لطلحة، تهدف أساليب التعذيب النفسي إلى تحقيق السيطرة الكاملة على الضحايا وتحطيم أي إرادة متبقية لديهم لمقاومة الاستجواب، ويحس الضحايا بأنهم المسئولون عما يحصل لهم من ألم ومعاناة مما يسبب مشاعر قوية بالذل والإهانة ويؤدي الى احتقار الذات والشعور بالدونية، ويشعرهم ان عدم تعاونهم يؤدي الى إيذاء الاخرين مما يزيد الشعور بالذنب، ويُحدِث نوع من العذاب النفسي الشديد نتيجة الخوف الشديد طويل المدى, الاذلال والخزي والشعور بالذنب والفقدان والانهاك الذهني والجسدي.
وعن الاضرار النفسية قال طلحة أنها تشمل: اضطراب الذاكرة، انخفاض القدرة على التركيز , فرط التيقظ ,العصبية , والعزلة الاجتماعية، والصداع وآلام الظهر، واضطرابات القلق ونوبات الهلع، واضطراب كرب ما بعد الصدمة PTSD، والاكتئاب، والاضطرابات الذهانية، والنكوص وتفكك الشخصية، وبخصوص التعذيب بالتهديد والاعدامات الافتراضية: يولد ذكر طلحة انه يولد الضحايا إحساسا بعدم الأمان وانعدام توقع المستقبل(لا يعرف في أي لحظة سيموت)، وإحساسا مزمنا بالخوف واليأس، ويشعر الضحية وكأنه ميت بالفعل، ويغدوا الضحايا يعانون من الكوابيس والذكريات المخيفة القسرية.
وضحايا الانتهاك الجنسي: يعانون من مشاعر الخزي والحزن والخوف، صعوبات في النوم, كوابيس, وذكريات مؤلمة قسرية، وأعراض الاكتئاب وأفكار الانتحار واحتقار الذات، وانتهاك حق الضحايا الأساسي في الاحتشام والخصوصية يعطي المستجوب رسالة أنه يسيطر كليا على جسد الضحية ويستطيع فعل ما يشاء، وضحايا العزل الانفرادي الطويل: يعانون من الاكتئاب والقلق، واضطراب القدرة على التركيز، والحساسية المفرطة للمؤثرات الحسية والهلوسة، والاضطرابات الذهانية.
وضحايا الحرمان من النوم: يصيبهم اضطراب الملكات الفكرية والمعرفية، وبطء الاستجابة للمؤثرات الخارجية ونقص الانتباه، واضطراب الذاكرة، واضطراب الكلام، وعدم المرونة في التفكير، وقد تظهر الاعراض بعد ليلة كاملة من الحرمان الكلي او بعد عدة ليال من النوم القليل، وتنجم عن الاستجابة الفردية: فروق فردية بين الضحايا حيث يتمتع البعض بتماسك داخلي قوي يساعدهم على المقاومة وعدم الإصابة باضطرابات نفسية مزمنة بينما البعض الآخر يكون أكثر عرضة للاضطرابات النفسية المزمنة، وحسب طلحة الوقاية والعلاج: يكون بالالتزام بالمواثيق الدولية فيما يخص المعتقلين، وتوفير الرعاية النفسية المبكرة لضحايا الاعتقالات.
العقوبات
وعن العقوبات المقررة في القوانين المحلية والاتفاقيات والمواثيق الدولية لمرتكبي جرائم الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري، أوضح المحامي السماوي، أن من فروض القول هنا أن هذا يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالوصف القانوني لأفعال الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتي تعتبر أفعال مجرمة فالاعتقال التعسفي وما يتبعه من إخفاء قسري وحرمان من الحرية قد أكدت المواثيق الدولية على تجريمها وأكدت وجوب أن تشتمل قوانين الدول الوطنية على نصوص تعاقب عليها وقانون العقوبات يعاقب على تلك الجريمة بما نص عليه في المادة (246) منه بقوله ما لفظه: (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات من قبض على شخص أو حجزه أو حرمه من حريته بأي وسيلة بغير وجه قانوني وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات إذا حصل الفعل من موظف عام أو بانتحال صفة ..الخ).
وتلك العقوبة هي الواجب إيقاعها على كل من ارتكب تلك الجريمة سواءً بصفته فاعلاً مباشراً أو مساهماً في ارتكابها بأية صورة من صور المساهمة، علاوة على أن مرتكبي تلك الجريمة ممن هم موظفين عامين يتعين أن يخضعوا بالإضافة إلى المحاكمة الجنائية والعقاب الجنائي إلى المحاكمة التأديبية وتوقع عليهم العقوبات التأديبية.
كما أن من حق الضحايا الذين ارتكبت تلك الجرائم بحقهم الحصول على تعويض عادل عما لحق بهم من أضرار مادية ومعنوية جراء تلك الجريمة.
وأختتم م/السماوي بالقول يمكننا التأكيد على أن ما حدث ويحدث من انتكاسات في قمع الحريات والتنكر لحقوق الإنسان وإن كان شكل انحدار في مسار الثورة وبما قد يتوهمه البعض عودة إلى الخلف مع أنه ليس كذلك إذ قد يكون انتكاسة لكن ستعقبه انطلاقة نحو آفاق رحبة تحقق أهداف ومكاسب الثورة الشبابية بالتحول نحو دولة مدنية ديمقراطية بإذن الله فعجلة التاريخ لا تعود إلى الوراء والشعب الذي شب عن الطوق وعرف طريقه نحو الثورة والحرية وانتزاع الحقوق والحريات قادر على الحفاظ على مكتسبات ثورته وتحقيقها بإذن الله.
محاكمات
وقال السماوي حول المحاكمات التي تجري لشباب الثورة إن من فروض القول هنا أن المحاكمة نتاج لمجموعة من الإجراءات السابقة لها والتي تنتهي بإجراء الإحالة للمحاكمة برفع الدعوى الجزائية أمام المحكمة المختصة، أن المحكمة ملزمة بالتحقق من شرعية الإجراءات السابقة سواءً تمثلت بإجراءات التحري وجمع الاستدلالات من قبل أجهزة الأمن أو بإجراءات التحقيق والإحالة من النيابة.
موضحاً: إن ثبت وتبين للمحكمة ولو من تلقاء نفسها أن من قُدِموا إليها بزعم أنهم متهمين قد ارتكبت بحقهم جرائم حجز حرية وإخفاء قسري بحصول اعتقالهم وحرمانهم من حريتهم خلافاً للدستور والقانون فإن عليها-أي المحكمة- أن تقوم بواجباتها بالتقرير ببطلان كل تلك الإجراءات بما فيها قرار الإحالة للمحاكمة ومن ثم إحالة كل مرتكبي جرائم حجز الحرية والإخفاء القسري للتحقيق والمحاكمة.
وهذا ما يتوجب على المحاكم التي أحيل إليها اي من معتقلي الثورة القيام به كسلطة قضاء منوط بها حماية الحقوق والحريات وتحقيق العدل وتجسيد مبدأ سيادة القانون بعيداً عن المداهنات والارتهانات والحسابات السياسية فإن لم تقم بواجبها فإن كل المحاكمات التي تجريها بموجب تلك الإجراءات الباطلة والمنطوية على جرائم ارتكبها القائمون بتلك الإجراءات لا تكون محاكمات عادلة وإنما محاكمات سياسية باطلة لأن القاعدة الشرعية تقول: ((بأن ما بني على باطل فهو باطل)).
الإخفاء القسري
وبحسب ما جاء في ورقة أمين عام نقابة المحامين فإن الإخفاء القسري يُعرَّف بأنه القبض على الأفراد واحتجازهم أو اختطافهم رغماً عنهم أو حرمانهم من حريتهم بأية طريقة من الطرق ومن ثم رفض الكشف عن مصيرهم أو عن أماكن تواجدهم أو رفض الاعتراف بحرمانهم من حريتهم مما يجرد هؤلاء الأشخاص من حماية القانون.
وأشار السماوي إلى ان الإخفاء القسري قد يكون على أيدي موظفي دولة أو على أيدي مجموعات منظمة أو أفراد عاديين يعملون باسم الحكومة أو بدعم منها بصورة مباشرة أو غير مباشرة أو حتى بموافقتها ورضائها، موضحاً بأن الإخفاء القسري يعد فعل مجرم سواءً بموجب الاتفاقيات والمواثيق الدولية أو بموجب القوانين المحلية إذ أن الفقرات (ب،ج،د) من المادة (48) من الدستور قد تناولت ذلك فالفقرة (ب).
وأشارت الورقة إلى ما نصت عليه بشأن القبض وقد نصت الفقرة (ج) من ذات المادة بقولها: (كل من يقبض عليه بصفة مؤقتة بسبب الاشتباه في ارتكابه جريمة يجب أن يقدم إلى القضاء خلال أربع وعشرين ساعة من تاريخ القبض عليه على الأكثر وعلى القاضي أو النيابة العامة تبليغه بأسباب القبض واستجوابه وتمكينه من إبداء دفاعه واعتراضاته ويجب على الفور إصدار أمر مسبب باستمرار القبض أو الإفراج عنه، وفي كل الأحوال لا يجوز للنيابة العامة الاستمرار في الحجز لأكثر من سبعة أيام إلا بأمر قضائي، ويحدد القانون المدة القصوى للحبس الاحتياطي).
كما نصت الفقرة (د) من المادة المذكورة بقولها: (عند إلقاء القبض على أي شخص لأي سبب يجب أن يخطر فوراً من يختاره المقبوض عليه كما يجب ذلك عند صدور كل أمر قضائي باستمرار الحجز، فإذا تعذر على المقبوض عليه الاختيار وجب إبلاغ أقاربه أو من يهمه الأمر).
وقد حدد القانون المدة القصوى للحبس الاحتياطي بالمواد (190-192) من قانون الإجراءات الجزائية إذ نصت المادة (190) من قانون الإجراءات الجزائية بأنه: (متى رأت النيابة مد الحبس الاحتياطي وجب عليها قبل انقضاء مدة السبعة الأيام أن تعرض الأوراق على القاضي المختص بالمحكمة الابتدائية ليصدر أمره بما يراه بعد سماع أقوال النيابة والمتهم وللقاضي مد الحبس لمدة أو مدد متعاقبة بحيث لا يزيد مجموعها على خمسة وأربعين يوماً).
وفي حال انتهاء مدة الخمسة والأربعين يوم المذكورة أعطى المشرع بنص المادة (191) إ.ج للنيابة طلب تمديد الحبس الاحتياطي من محكمة الاستئناف وخول محكمة الاستئناف أن تأمر بمد مدة الحبس الاحتياطي لمدة لا تزيد عن خمسة وأربعين يوم.
ونصت المادة نفسها على أنه: "إذا مضى على حبس المحبوس احتياطياً ثلاثة أشهر فإنه يتعين عرض الأمر على النائب العام لاتخاذ الإجراءات اللازمة لسرعة الانتهاء من التحقيق وأن للنائب العام أن يخول رئيس النيابة الاستئنافية طلب تمديد مدة الحبس الاحتياطي لفترات متعددة لا تزيد عن ثلاثة أشهر بحيث لا تزيد مدة الحبس الاحتياطي كلها عن ستة أشهر وإلا وجب حتماً الإفراج عن المتهم".
وقال السماوي في ورقته: الثابت يقيناً أن عدد من شباب الثورة تم اعتقالهم تعسفياً وإخفائهم قسراً دون أي إحالة للنيابة أو محاكمة لمدة تزيد عن ثمانية أشهر ثم بعد ضغط وتصعيد تم الكشف عن مصير بعضهم وتلفيق تهم لهم وإحالتهم للنيابة التي بدلاً من أن تفرج عنهم فوراً قامت بالاستمرار في احتجاز حريتهم بالمخالفة للدستور وللقانون مدة سنة وعدة أشهر.
وأوضح ان الإعلان العالمي لحماية المخفيين قسرياً الذي وقعت عليه حكومة الجمهورية اليمنية مؤخراً أكد هو الآخر في مواده على أن أعمال الإخفاء القسري تعتبر جريمة ضد الكرامة الإنسانية وانتهاكاً خطيراً وصارخاً لحقوق الإنسان والحريات الأساسية وأنها تعتبر جريمة يجب أن تعاقب عليها القوانين الوطنية للدول بالعقوبات المناسبة التي تراعى فيها جسامتها في نظر القانون الجنائي وأوجبت على كل دولة أن تتخذ التدابير التشريعية والإدارية والقضائية وغيرها من التدابير الفعالة لمنع وإنهاء أعمال الإخفاء القسري ..الخ.
علاوة على ما سبق وربطاً به فإن الفقرة (ه) من المادة (48) من الدستور قد أكدت على أن مخالفة أي من فقرات المادة (48) (أ،ب،ج،د) تعتبر جريمة ويحدد القانون عقاب من يخالف أي فقرة من تلك الفقرات.
وبالنظر إلى كل ما سبق يتضح بما لا يدع مجالاً للشك أن ما تعرض له شباب الثورة وأنصارها من أفعال إخفاء قسري يعتبر في الدستور والقانون المحلي والمواثيق الدولية جريمة توجب معاقبة فاعليها سواءً المباشرين أو المساهمين بتلك الجرائم بأية صورة من صور المساهمة الجنائية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.