الاثنين 16 سبتمبر 2013 11:02 مساءً أُشهِد الله أنِّي لم أتجنَّى في توصيف الأحداث بين 1967-1994 ، وأُشهِد الله أني ماكتبت يوماً إلَّا ما استقر عندي صحته ، وما ابتغيت رضا أحد إلَّا الله . فالموضوع الذي بين أيدينا " تدمير العقل الجنوبي " يرفضه الكثير , ويضع متناوليه في خانة العدو , فالكتابة فيه تُلزم الكتاب بالصراحة المطلقة برغم الألم التي تحمله للجميع . كما لايكفيه مقال ولا مائة مقال لتغطيته كما يجب ، فهو بحاجة إلى جهود المتخصصين في علم الاجتماع السياسي وعلم النفس والعلوم السياسة .. إلى آخره من العلوم ذات العلاقة ، للقيام ببحوث ودراسات بمنهجية علمية تزيل الغموض وتقدم الحلول لإعادة البناء الاجتماعي كما يجب أن يكون . ومهما تكن الحلول التي تُطرح لإعادة البناء الاجتماعي الأمثل ، فإنها لن تكون ذات جدوى إذا لم يواكبها تهيئة العقول للقبول بفكر عصري جديد ، أساسه الجيد من موروث الجنوب قبل 1967 أو بعده على السواء ، واكتساب أفكار وثقافات جديدة من المجتمعات المتقدمة . وحتى نتمكن من تهيئة عقولنا فنحن بحاجة إلى تغيير الطرق السلبية في التفكير , والتي تدفع بنا إلى الفشل في التخطيط وفي الحوارات والمؤتمرات . وفي هذا المجال نتناول عدة خصائص مهمة في عملية تغيير العقلية الحالية والتي نتجت بسبب الثقافة السيئة التي سيطرت علينا ، والتي حددناها في المقال السابق "مازالت ثقافة الفاشلين في العقل الجنوبي (العجز عن الحسم)" ويضع الكثير من الخبراء أهمية التفكير أكثر من التنفيذ ، يقول نابليون ((خذ الوقت الكافي للتدبير ، لكن عندما يحين وقت العمل توقف عن التفكير ونفذ)) ولذلك لن ينجح الحراك الجنوبي إذا لم يفهم قياداته أهمية التفكير وتطويره ، خصوصاً بعد أن تأكد لنا كشعب قصور قدراتهم الإبداعية ، وعجزهم عن خلق الأفكار البنَّاءة . ومن الخصائص التي نعنيها " تغيير طريقة التفكير " فالطريقة المسيطرة على العقل الجنوبي اليوم هي عقلية المكاسرة ،، بمعنى ؛ إمَّا تكسر فكرتي أو أكسر فكرتك ،، فلا تستطيع كسري ولا استطيع كسرك ، ونتيجة هذه الطريقة في الغالب = صفر . ولذلك فكل الحوارات والاجتماعات واللقاءات والمؤتمرات الجنوبية نتيجتها = صفر . والطريقة المثلى للتفكير من وجهة نظري هي الطريقة اليابانية ، والتي أسماها دي بونو "التفكير المتوازي" والتي تعتمد على الاتفاق على الهدف ، ثم يقوم الجميع بالانطلاق من نقطة تفكير واحدة ، تتناول جانب واحد ، وفي اتجاه واحد مثلاً (الجميع يتناول الايجابيات ولا يذكر السلبيات نهائياً) حتى يخرجوا بنتيجة متفق عليها بالإجماع حول هذا الجانب . ثمَّ ينتقلون إلى جانب آخر ، مثلاً السلبيات (الجميع يتناول السلبيات ولا يذكر الايجابيات نهائياً) ، ثم ينتقلون إلى جانب ثالث وهكذا دواليك . ونتيجةً لطريقة التفكير المتوازي يمكننا تجاوز معوقات جنوبية موروثة ، منها : (1) صراع الكراسي ، فكل كرسي قد وضعت الشروط المطلوبة للوصول إليه . (2) المحاصة المناطقية فالكفاءة هي الحكم . (3) الفشل في مهمة من المهام لا يؤدي إلى فشل المشروع بكامله (4) نتجاوز نظرية حبتي وإلا الديكي (5) نتجاوز نظرية لا صوت يعلو فوق صوت الزعيم ....... وغيرها فإذا نجح الجنوبيون في تطبيق الطريقة اليابانية ا"لتفكير المتوازي" تأهلت عقولهم للإبداع الفكري ، وحينها يمكنهم أن يقدِّموا نظريات مثلى تناسب مجتمعهم ، وإذا فشلوا فسوف يستمرون في تطبيق نظريات التفكير الضائع الموروثة من زمن الضياع ، والتي منها نظرية المكاسرة - نظرية "جمل المعصرة" - نظرية "ثورة ثورة لا اصلاح" . نلتقي في الجزء القادم ،،،،،،،