قلَّبتُ يومًا في ثنايا ذاكرتي عمّا يجيشُ في صدري نحو التفكير في مستقبل أفضل لأبناء وطني.. وقد توارد ما كان يُحاكُ في ذهني لطرحه على أعضاء مجلس شورى المملكة، ولكن الأيام سرقتني إلاّ أن الفكرة مازالت متولدة وتتقارب بشكل أكبر. تلك مقدمة مبهمة، فأوضح أنني حين دُعيتُ منذ قرابة ست سنوات لحضور أحد المؤتمرات العالمية في الخارج.. وبالفعل حضرتُ باهتمام، وهناك وُجِدَتْ وفودٌ من عدّة دول، لتبهرني أكثر من جهة منهم، حين وجدتُ أن لدى بلدانهم "وزارة للإبداع والتطوير". ومن منظور المتطلع لغدٍ مشرق انتابني شعور الغيرة والغبطة من ذلك الأمر.. بالفعل فإنشاء وزارة للإبداع والتطوير تحت مظلة التعليم العالي تستقبل الأفكار الإبداعية وتتبناها بشكل فعّال وعملي سيُساهم في تطوير شتّى القطاعات لدينا، ويفتح آفاقًا جديدة لعالم الابتكار والاختراع حين تطبيق فكر المبدعين على أرض الواقع. فحين نتطلع للأمر فإننا ننشُد خلق جيل جديد يطلق عليه مسميات يستحقها كمثل أن نقول طبيب مبدع، ومهندس مبتكر وإداري مطور وهكذا.. وفي حالة اعتماد أحد هذه الأفكار ويجد أصحابها القبول والاهتمام بعد أن يتم تكريم صاحب الفكرة وإعلان ذلك، فسيكون ذلك حافزًا لظهور عقول مبدعة في المجتمع السعودي للمشاركة في نهضة أكبر لهذا الوطن. فمن حيثيات ازدهار العلم في الجامعات يأتي نتيجة للأبحاث فتحديات العصر تستوجب تكثيف العلم والمعرفة في الإنتاج والتطوير، من خلال دعم وتشجيع الإسهامات البارزة والرائدة في حقول المعرفة.. ولكن لا نريد أن يتوقف الأمر عند هذا الحد، فعند تولي تلك الوزارة المنشودة "وزارة الإبداع والتطوير"، فسيكون هناك تنمية للتفكير الإبداعي وحفز المبادرات والأفكار الجديدة خلال إطار مؤسسي يتوافر فيه التدريب والتوجيه اللازمين في هذا المجال، وتبني تلك الأفكار الخلّاقة وفق آليات علمية سليمة. تلك أُطر ممنهجة عمدت الكثير من الدول المتقدمة بوضعها في إستراتيجياتها الأولية وخططها بعيدة المدى.. فمنها من يبدأ مبكرًا بقياس مهارات الصغار من أبنائهم لمعرفة ميولهم.. وفي تلك الأثناء يترك الأمر لهم أي للأطفال يختارون ما يشاءون من ألعاب أو ما شابه ذلك.. وعليه يتم التعليم حسب نوعية مسارهم الصحيح؛ ليخرجوا إبداعات هذا الطفل مبكرًا، ويتم وضعهم حسب تصنيفاتهم في برامج علمية مكثفة بمجال هوايته. سيفرز هذا الأمر بالتأكيد علماء ومبتكرين ومبدعين، وسيكون هناك عدد من الأفكار الناجحة المقدمة من كل واحد حسب المؤشرات التي ستؤخذ في الاعتبار عند اختيار أحد تصنيفات الإبداع الثمانية التي يتضمنها النموذج في إيجاد خدمة جديدة لم تكن موجودة، وتبديل مكونات الخدمة بأخرى جديدة، ودمج مكونات الخدمة أو دمج أكثر من خدمة في واحدة، وإيجاد مرونة لبعض مكونات الخدمة للتكيف مع ظروف استثنائية تغيير أو إضافة في مواصفات أو مكونات خدمة تقدم نفس الخدمة لمستفيدين آخرين لغرض مختلف، حذف بعض أو كل مكونات الخدمة، وتقديم نفس الخدمة بخطوات معكوسة وهكذا... فهل من وزارة للإبداع؟! [email protected]