لكلٍّ منّا هدف ورسالة يُؤدِّيها في الحياة، فالصغير يتمنّى أن يكون كبيرًا حتى يعمل، وتكون له أسرة، ومن ثم له ذرية وبصمة في الحياة. والكبير يبحث عن الحياة الرغيدة، والقوت الهنيء له ولأولاده فخير لك أنْ تَتْرُكْ وَرَثَتْكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَتْرُكَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وديننا الحنيف يدعوننا للعمل والجد والاجتهاد والمثابرة في هذه الحياة المليئة بالسراء والضراء. وقد نواجه صعوبات كثيرة في البحث عن لقمة العيش والعمل المريح، وقد نصطدم ببعض الصعوبات، مثل صعوبة التفاهم والتعامل مع الرئيس المباشر، وفهم ماذا يريد بالضبط من الموظف؟ وما هو الشيء الذي يرضيه ويحوز على رضاه؟ فبعض الرؤساء المباشرين تنعدم الشفافية في التعامل معه، فتراه يتصرف بطريقة يجعل العمل صعبًا عليك، فمهما عملت واجتهدت كتقديم اقتراحات أو تطوير العمل تراه يختار جانب أو لغة الطناش! وإن رد عليك فردّه يكون غريبًا ويبتعد عن منهجية وبروتوكول العمل، ومن باب التقليل من شأن الآخرين، فقد ينقص من إنجازاتك العملية، وأن ما فعلته هو من طبيعة عملك، وأن أي موظف يمكن أن يعمل ذلك!! فالموظف الطموح تكفيه كلمة شكر وتقدير من رئيسه لتفانيه في عمله حتى يمضي قدمًا للأفضل، وبالتالي يكون مردودًا إيجابيًّا وفي مصلحة العمل. فبعض الرؤساء يُحابي بعض الموظفين إما لعلاقة شخصية أو لوجود مصالح مشتركة بينهم، أو لغرض في نفسه، ويكون ذلك على حساب الموظفين المجتهدين الذين يشعرون بالإحباط الشديد وبانعدام مبدأ المساواة، وبالتالي ينعكس سلبًا على نفسيتهم وعلى إنتاجيتهم في العمل، إضافةً لتصيّد أخطاء الموظف البسيطة، وقد يكون أيضًا أحد الأسباب القوية إلى أن يضطر الموظف لتقديم الاستقالة بحثًا عن الجو العملي المريح، وعن من يُقدِّر كفاءته وقدراته العملية. فالواجب علينا أن نصبر ونحتسب الأجر عند الله، قال تعالى: «فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا». وأن نضع اليأس جانبًا، وأن نُفكِّر بطريقة الناجحين، وتذكّر أخي أن تضع بصمة خاصة لك في العمل، وأن تكون شمعة تحترق لكي تضيء للآخرين طريقهم. فالشعور بأهمية عملك يُعطيك أهمية تجاه نفسك، ويُحفّزك على أداء أفضل، واجعل ثقتك في نفسك حافزًا لك في تحدّي ومواجهة الصعاب، وتعلّم مهنة التفكير المبدع باكتشاف طرق جديدة لتحسين أدائك العملي وتطويره، وليس من العيب أن نستفيد من الأخطاء والسلبيات. ولا شك أن العمل الذي ليس فيه التحديات والصعوبات والتضحيات يكون عملاً مملاً، والإنسان حين يكون إيجابيًّا في تفكيره يستطيع أن يتواكب، وأن ينسجم مع محيطه العملي. وتعلّم أن من بادلك بالكلمة السيئة بادله بالكلمة الطيبة، فالكلمة الطيبة ستُحطِّم قسوة وغرور الشخص الذي أساء لك، وأن ذلك سيرفع من قدرك وقيمتك ويُجبر الآخرين على احترامك. ولا ننسى أن الابتسامة الصادقة من القلب تريح الإنسان وتجعله أكثر استقرارًا، وأثبتت التجارب أن الابتسامة تُقلِّل من حالة الاكتئاب التي بالإنسان وأفضل لغة يتداولها البشر فيما بينهم هي لغة الابتسام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تبسّمك في وجه أخيك صدقة). أخيرًا الواجب علينا أن نوكل الأمور لله سبحانه وتعالى حتى ننعم بالطمأنينة، ونتذكر بأن الهدف الأسمى من عملنا هو وضع البصمة وتحدِّي الصعاب. طارق مبروك مشني - جدة