القصيرة تعلمت أشياء كثيرة، كنت في صنعاء منعزل لا أختلط مع الناس ولا أتعامل مع الناس إلا الكلام القليل، كنت من جامعتي التي درست فيها إلى الصيدلية التي كنت أعمل فيها لأؤمن مصروف الدراسة، ولا كنت أعرف عن الحياة شيئا حتى سافرت إلى مملكة البحرين بعيد عن الأهل والأصدقاء حيث الاعتماد على النفس والذات، حيث لا تجد بالبداية من يدلي لك بالنصح وحيث صعوبة الحياة واختلاف الثقافات مهما كنا عرباً. وتعلمت من هذه الغربة الكثير والكثير تعلمت أن أعامل من حولي بالحسنى إلى أن يثبت العكس تعلمت أن الاعتماد على النفس هو كل القوة، تعلمت أن أسامح في كل شيء إلا من يهين كرامتي، تعلمت أن لا أكون ذات شخصية متفائلة ولا أيضا متشائمة بل أضع كل الاحتمالات لكل شيء وكل الحلول أيضا. تعلمت أن اقصر الطرق لكل القلوب أن اظهر عليهم بابتسامة مشرقة، تعلمت أن الله إذا أحب عبدا ابتلاه وان كل موقف صعب يمر علي معناه أن الله يختبرني ومعنى ذلك انه يحبني وكلما زاد إيماني بالله وتمسكي بعقيدتي. تعلمت أن الحياة ورده لها عطرها ولها شوكها ولها لونها الجميل، تعلمت أن أعمال الناس بما يحبوا أن يعاملوا، تعلمت أن لا أثق إلا بنفسي وان لا يعلم ما في القلوب إلا الله، تعلمت من يكون مع الله يكون الله معه. تعلمت أن الكثير لا يحب لك الخير كما أنت تفعل، تعلمت ا ن تفعل الشيء وأنت مقتنع وليس أقنعوك الناس بذلك، تعلمت أن الجماعة خير ومحبه وتعلمت أن الحياة حب وشوق وحزن وفرح وموت ومولد فلنعيش حلوها. علمتني الحياة أن الإنسان يحب مرة واحدة إلا أن الحب الحقيقي هو الذي يبقي في النهاية حتى لو الظروف حكمت بان نفترق سوف يظل الحب إلى الأبد لأنه ليس باليد حيله. علمتني الحياة أن البكاء هو الوسيلة للهروب من الأحزان والواقع المرير علمتني الحياة أن اعمل خيرا وارميه في البحر. علمتني الحياة أن التشاؤم والتفاؤل وجهين لعمله واحدة وان الحزن والفرحة وجهين لعمله واحدة وان الحب والكراهية عملتين لعمله واحدة وان الأمانة والخيانة وجهين لعمله واحدة وان الصراحة و المراوغة وجهين لعمله واحدة وان الكذب والصدق وجهين لعمله واحدة. وعلمتني أنّ فاقد الشيء لا يعطيه وعلمتني الكثير الكثير وما زلت تلميذاً في مدرستها أتلقى كل يوم دروس وعبر في زمان الغربة ومكان الألم. .................................. * مغترب يمني - مدرس لغة فرنسية