تحدث خطيب جامع أم الخير في شارع التحلية بجدة الشيخ صالح بن محمد الجبري في خطبة الجمعة يوم أمس عن فضل الحج والأيام العشر قائلا: إن هذه الأيام تعد مناسبة سنوية متكررة تجتمع فيها أمهات العبادات وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج وأنها أيام يشترك في خيرها وفضلها الحجاج إلى بيت الله الحرام، والمقيمون في أوطانهم؛ لأن فضلها غير مرتبط بمكان معين إلا للحاج. لذلك هذه الأيام فرصة عظيمة لمن أراد أن يفتح صفحة جديدة مع الله ويكسب حسنات لا حد لها، ومن الأمثلة على ذلك ختم القرآن والذكر والصيام والمحافظة على صلاة الجماعة في المسجد.وأوصى بالحرص على أداء الأعمال الصالحة بكافة أنواعها وبذل الصدقات والإحسان إلى الناس وقيام الليل والتوبة والإنابة إلى الله تعالى. وختم خطبته بمطالبة من سبق له الحج بالتبرع بتكلفة الحج إلى شخص لم يسبق له أداء فريضة الحج قائلا: نقول لمن يريد الحج هذه السنة وقد سبق له الحج قبل ذلك: هل أدلك على عمل تنال به شرف الدنيا والآخرة؟ أعط نفقة حجك هذا العام لشخص لم يسبق له أن حج الفريضة قبل ذلك، فهذا أفضل لك عند الله، لأن الفريضة أولى من النافلة، ولأن العبادة المتعدي نفعها للغير أفضل من العبادة التي يقتصر نفعها على الإنسان وحده فقط؛ لذلك قال العلماء: إن الله لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة، ومن شغله الفرض عن النفل فهو معذور، ومن شغله النفل عن الفرض فهو مغرور.وقد جاء عن سيدنا عبدالله بن مسعود أنه قال: (في آخر الزمان يكثر الناس من الحج بلا سبب، يهون عليهم السفر ويبسط لهم في الرزق، فيهوي بأحدهم بعيره بين الرمال والقفار يضرب في الأرض للحج وجاره إلى جنبه مأسور لا يواسيه). وجاء رجل يودع بشر بن الحارث فقال: قد عزمت على الحج فتأمرني بشيء؟ فقال له: كم أعددت للنفقة؟ فقال: ألفي درهم، قال: فأي شيء تبتغي بحجك؟ تزهدًا أم اشتياقًا للبيت أم ابتغاء مرضاة الله تعالى؟ قال: ابتغاء مرضاة الله، قال: فإن أصبت مرضاة الله وأنت في منزلك، وتنفق ألفي درهم وتكون على يقين من مرضاة الله، أفضل ذلك؟ قال: نعم، قال: اذهب فأعطها عشرة أنفس: مديون يقضي دينه، وفقير يرم شعثه، ومعيل يغني عياله، ومربي يتيم يفرحه، وإن قوي قلبك تعطيها واحدًا فافعل، فإن إدخال السرور على قلب المسلم وإغاثة اللهفان وكشف الضر وإعانة الضعيف أفضل من مائة حجة بعد حجةٍ في الإسلام، قم فأخرجها كما أمرتك. وهذا ما يسمى بفقه الأولويات، فكيف لو اجتمع خمسة أو عشرة أشخاص وأعطوا نفقات حجهم لأرملة محتاجة أو مسكين عاجز عن إيجار أو علاج، أو شاب غير قادر على الزواج، أليس ذلك أفضل عند الله؟! لكن لا نقول إلا اللهم ارزقنا الفقه في الدين، فمن يرد الله به خيرًا يفقه في الدين كما قال رسولنا.