مواضيع ذات صلة في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور وتراجع قيمة الريال مقابل العملات الأجنبية، من المحتمل أن تواجه إيران أزمة في نظام الرعاية الصحية نتيجة للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها إلى جانب إدعاءات بأن الحكومة أساءت إدارة الأموال المتناقصة للدولة. في الأشهر الأخيرة، شعرت المستشفيات الايرانية بلسعة العقوبات الدولية إذ أن نقص الأموال في مختلف أنحاء البلاد جعل إدارات المستشفيات في وضع يطلق عليه الأطباء "ظروف الحرب" ويرغمهم على التقشف في صرف الأدوية للمرضى، في محاولة للاقتصاد في النفقات والموارد. وقالت نسرين، وهي طبيبة في مستشفى حكومي في مدينة شيراز: "هذا يعني أننا نقف الآن مكتوفي الأيدي. فقد أُعطينا قائمة تضم أكثر من 120 دواءً من الأدوية التي لا نستطيع صرفها للمرضى، لسبب بسيط وهو أنها غير متوفرة".وأضافت أن الأدوية المخصصة لعلاج مشكلات القلب والسكري والسرطان شحيحة بصورة خاصة. على الرغم من وجود كميات وفيرة من الأدوية التي تُصرف من دون وصفات، ورفوف الصيدليات لا تزال مليئة بالأدوية، إلا أن المرضى الذين يعانون الأمراض المزمنة والخطيرة يعجزون عن الحصول على الأدوية وذلك لأنها شبه مختفية من السوق. هناك مجموعة معقدة من الظروف التي تقف وراء الندرة الحالية في الأدوية، أهمها العقوبات الغربية التي تهدف للضغط على الزعماء الإيرانيين من أجل إيقاف برنامج تخصيب اليورانيوم. كما يقول بعض الخبراء إن الحكومة الايرانية اتخذت خطوات غير سليمة في معالجة موضوع الأدوية. في حين أن بعض مشاعر الغضب والاحتجاج على شح الأدوية كانت موجهة إلى الولاياتالمتحدة والقوى العالمية الأخرى، إلا أن ردود الفعل القوية والغاضبة توجهت بأغلبها إلى الداخل. فقد قال حسين علي شهرياري، رئيس اللجنة الصحية في البرلمان الإيراني، في وقت سابق من هذا الشهر، إن "الحكومة تتلاعب بصحة الناس ولا تخصص الأموال التي تم اعتمادها". وقال شهرياري إن تكلفة العلاج الكيميائي تضاعفت أربع مرات خلال السنة الماضية فقط، وهي تقترب الآن من 67 ألف دولار، وهو مبلغ لا يطيقه إلا أغنى الناس في إيران. وقال: "من الناحية العملية، فإن معنى ذلك أننا نقول لغالبية مرضى السرطان إن عليهم أن ينتظروا الموت". تأتي أزمة الرعاية الصحية في الوقت الذي يتجادل فيه المسؤولون الإيرانيون حول ما إذا كان عليهم بذل الجهود للتوصل إلى اتفاق مع الولاياتالمتحدة، يؤدي إلى بعض التنازلات النووية مقابل تخفيف العقوبات. وعلى الرغم من ارتفاع الأسعار، أظهر الإيرانيون صلابة أمام العقوبات في كثير من القطاعات الاقتصادية، لكنهم غير قادرين على مقاومة المرض كما يقاومون الفقر. وبما أنهم اعتادوا على تلقي رعاية صحية مدعومة بشكل كبير من الحكومة، فإنهم يُحملون السلطات المسؤولية عن ارتفاع الأسعار وعدم توفر الأدوية. في مطلع كل عام يقدم مكتب رئيس الجمهورية الميزانية السنوية لإيران إلى البرلمان، الذي بدوره يقوم بتعديلها ثم يعتمد في النهاية المخصصات النقدية التي تدفع عن طريق البنك المركزي إلى الوزارات المختلفة في الحكومة. لكن في ظل تراجع صادرات النفط وفرض قيود شديدة على قدرة إيران على إجراء تعاملات مالية على المستوى الدولي، فإن معظم الأموال المخصصة في الميزانية لهذا العام لم يتم صرفها من البنك المركزي إلى الجهات المعنية. نتيجة لذلك لم تتلق وزارة الصحة إلا جزءاً يسيراً من الميزانية المقررة، ما أدى بالتالي إلى التأثير سلباً على مجال الرعاية الصحية. وكما تحاول طهران الالتفاف على العقوبات الدولية من أجل منع اقتصادها من الانهيار، اتخذت السلطات الايرانية المعنية خطوات استثنائية لتأمين الأدوية الفقودة. ففي مقابلة تلفزيونية في الفترة الأخيرة، قالت وزيرة الصحة مرضية وحيد دستجردي إن السلطات بدأت باستيراد كميات من الأدوية الحيوية عن طريق الرحلات الجوية التجارية، لأنها لا تستطيع الانتظار لتسلّم الأدوية عن طريق الشحن البحري المعتاد. وأوضحت أن الوزارة لم تتلق كامل المبلغ الذي كان مقرراً أصلاً في الميزانية السنوية لاستيراد الأدوية واللوازم الطبية، الذي يبلغ 2.5 مليار دولار، وإنما حصلت فقط على 600 مليون دولار عن طريق البنك المركزي العام. وما زاد الأمور تعقيداً هو انهيار قيمة الريال الإيراني مقابل الدولار، ما يعني أن تكلفة الأدوية واللوازم الطبية المستوردة ارتفعت بشكل كبير.