بات الجوع الواقع اليومي للأطفال السوريين المحاصرين في مناطق سورية قريبة من العاصمة بسبب الحرب المدمرة التي تضرب بلادهم منذ أكثر من سنتين، ولن يشارك هؤلاء في مآدب عيد الأضحى، الذي يحتفل به العالم الإسلامي أمس الثلاثاء.. ويؤكد المرصد السوري لحقوق الإنسان وناشطون أن أطفالا قضوا جوعا لا سيما في معضمية الشام (جنوب غرب دمشق) بسبب سوء التغذية.. وإذا كان أطفال سوريا اعتادوا، كمعظم المسلمين في العالم، شراء الملابس الجديدة في عيد الأضحى وتناول الطعام الدسم مع العائلة والخروج في نزهات، فإن هذه تكاد تكون من الذكريات البعيدة بالنسبة إلى أولئك الموجودين في مناطق تحاصرها القوات النظامية منذ أشهر طويلة في ضواحي دمشق وريفها، فيما يدق الناشطون والأطباء ناقوس الخطر لجهة النقص الفادح في المواد الغذائية والعلاجات الطبية.. ويقول الناشط أبو مالك عبر الإنترنت «لا يشعر الأطفال هنا في معضمية الشام بالعيد»، مضيفا أن «العيد بالنسبة اليهم سيكون يوم يرون أمامهم طبقا من البرغل أو الأرز».. ويؤكد سكان في معضمية الشام أنهم يعيشون على الخضار التي يزرعونها والأعشاب.. ويقول الناشط أبو هادي «لم يعد لدينا مخزون من الطعام.. الجميع لجأ إلى الزراعة في البساتين وحتى في الطرق»، مشيرا إلى أن الخبز لم يدخل المنطقة منذ أشهر.الا أن قطاف الزرع غالبا ما يكون خطيرا، و»قتل العديدون في حقولهم بسبب القصف»، بحسب ما يقول ابو هادي.ويؤكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، أن عددا كبيرا من الأطفال في المعضمية يعانون من سوء تغذية، بينهم اثنان، أحدهما في السابعة والآخر في الثالثة توفيا في آب/اغسطس نتيجة ذلك. وقد نشر المرصد صورتيهما، فبديا نحيلين جدا، وقد برزت عظامهما، ونقل عن مصادر طبية تأكيدها أن سبب الوفاة هو سوء التغذية. ويقول عبد الرحمن «وضع الأطفال هو الأسوأ، لانهم يحتاجون الى أنواع معينة من الغذاء لكي ينموا، بينما البالغون يمكنهم أن يقاوموا الجوع بتناول أي شي يجدونه».ويضيف أن «حصار الأبرياء جريمة حرب».. وتؤكد السلطات السورية أن «الإرهابيين» هم الذين يحتجزون الناس في هذه المناطق رغما عنهم، بينما يقول الناشطون إن النظام، يحاول عبر تشديد الحصار، قلب السكان على المعارضة المسلحة.. وبث ناشطون أشرطة فيديو مروعة تظهر بوضوح حالات سوء تغذية بين الأطفال.. ويظهر أحدها طفلا يدعى إبراهيم خليل ممدد على نقالة، وبرزت نتوءات في وجهه الشاحب مع سواد داكن يحيط بعينيه.. ويظهر شريط آخر فتاة الى جانبها طفلان من أفراد عائلتها وهي تطلب مساعدة لتأمين حليب الأطفال لهما.. وتقول بصوت مؤثر «لا توجد صيدلية لنأخذ شقيقي إليها، لا يوجد طريق لنأخذهم خارج البلد الى طبيب.. الطريق مقفلة.. لا يوجد لدينا طعام.. ما ذنبنا شقيقي وأنا؟».. ثم تقول إنها تأكل الأرز، بينما شقيقاها «يتم إطعامهما حليبا فاسدا ما يصيبهما بالمرض».. وتمكن المئات من الخروج من المنطقة في نهاية الأسبوع الماضي، نتيجة عملية قام بها الهلال الأحمر السوري، بموافقة السلطات السورية، وتم خلالها إجلاء نحو 1500 شخص معظمهم من الأطفال والنساء من المعضمية.. وأوضحت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيان أصدرته من جنيف، أن القوات الحكومية سمحت ل3500 مدني بمغادرة المدينة المحاصرة.. وفيما سمح للنساء والأطفال بالمغادرة، بقي الجرحى في المدينة التي تشهد معارك وقصفا بشكل شبه يومي، ومنع المسعفون والمتطوعون من دخول المنطقة. وأشار الصليب الأحمر إلى استمرار وجود «عدد كبير ومن ضمنه أطفال في المدينة».. وينطبق هذا الواقع المرير على مناطق أخرى قريبة من العاصمة واقعة تحت سيطرة مقاتلي المعارضة.