تلقيتُ اتصالًا من أحد رجال الأعمال الوطنيين المخلصين مهنئًا وبادلته التهاني، كل عام وأنت بألف خير، وضحكتُ ورددتُ عليه: دائمًا سبّاق في الخير، واليوم تسبق جميع المهنئين بالعيد رغم أنه لم يأتِ بعد -وقتها-، فضحك وقال: لا بل حدث، ولكن بالنسبة للأضحى فسوف تتلقَّى منِّي اتصالًا آخر.. وقال: أردتُ أن أُبشِّرك بفائض الميزان التجاري للمملكة، فعلى التو طالعتنا وكالة الأنباء السعودية بخبر تحقيق المملكة 1005 مليارات ريال فائضًا في الميزان التجاري بزيادة 10% مقارنة بالعام الماضي، وبارتفاع مستوى الصادرات البترولية وغير البترولية. نعم بالفعل حدث يستحق منّا تبادل التهنئة، فهو دليل على قوة ومتانة اقتصادنا.. لقد أدخل عليَّ الفرحة بهذا الخبر، وشاركني من حولي الابتسامة.. وتساءل أحدهم عن معنى الأمر فقلت: "معايدة الفائض"، وأوضحت له أنه حدث فائض في الميزان التجاري، وذلك دليل أنه إيجابي.. وزدت بقولي: أي بمعنى آخر عندما يكون حجم الصادرات في دولة معينة أكثر من حجم المستورد.. فقال الآخر: وهل ذلك جيد لاقتصادنا، فقلت له: نعم، فذلك الفائض في الميزان التجاري سوف يساهم في تعزيز احتياطيات الدولة من العملات الأجنبية، إضافة إلى الآثار الاقتصادية التي يساهم فيها إنتاج السلع التي تُصدَّر إلى الخارج. دار بيننا نقاش طويل، وأيقنَّا أن تلك المؤشرات يا سادة ما هي إلا انعكاس للمبادرات الإصلاحية التي أُعلن عنها في 2011م بهدف تسريع وتيرة التقدم نحو معالجة القضايا الاجتماعية، بما في ذلك التوظيف وتوفير السكن والمشروعات الصغيرة والبرامج التنموية، على الأداء الاقتصادي بشكل عام في المملكة. وأردنا أن نُوثِّق نقاشنا بتلك البُشرى من خلال التقارير، إذ طالعنا أن من أهم السلع الوطنية المصدرة هي زيوت النفط الخام ومنتجاتها، واللدائن ومصنوعاتها، ومنتجات كيماوية عضوية والأسمدة بأنواعها، ومنتجات كيماوية غير عضوية، وكيابل وموصلات كهربائية.. وهذا الأمر يستدعي منّا الفخر بثروتنا الصناعية التي في تزايد إن شاء الله. الأكثر فخرًا أننا وجدنا أنفسنا أمام أبرز الدول التي صدرت لها منتجاتنا، فوجدنا أبرزها الولاياتالمتحدةالأمريكية واليابان والصين الشعبية وكوريا الجنوبية والهند وسنغافورة وتايوان وإيطاليا والإمارات العربية المتحدة والبحرين، وذلك على التوالي، ويمثل إجمالي قيمة الصادرات إلى هذه الدول ما نسبته 75% من إجمالي الصادرات. يا سادة.. لابد أن نتنبه لأمر غاية في الأهمية، ما أحصيناه من دول نصدر لها تسمى ب"الدول العظمى".. فكان هناك هاجس دائمًا لدى الكثيرين أننا نستورد كل شيء من الدول الأخرى، ويذكر دائما اسم الدول -المشار إليها في الأعلى- ولكن اليوم برهن ما أظهره فائض الميزان التجاري بالمملكة عكس ذلك، ليُؤكِّد لهؤلاء المغيّبين أننا نُصدِّر الكثير من خيرات وصناعات بلادنا.. ونطمئنهم أن اقتصادنا بخير لأن سواعد وعقول أبنائنا بخير، وسوف تستثمر ما وفّرته قيادة البلاد الرشيدة في شتى المجالات، وخاصة الصناعة منها، ليصنعوا غدًا أفضل، وإلى الأمام نحو مصاف العالمية.