د. قيصر حامد مطاوع لا شك بأن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي يعتبر واحداً من أهم البرامج التي أطلقتها الدولة، حيث أنها قد استثمرت في شباب الوطن لتعلمهم في أفضل الجامعات في الدول المتقدمة، ليعودوا لأرض الوطن ويساهموا في نهضته. ومع وجود هذا البرنامج الرائع، إلا أنه في المقابل لا يوجد برنامج خاص بتوظيف المبتعثين ورعايتهم - خصوصاً المتفوقين منهم - للاستفادة منهم بشكل كامل عند عودتهم.فنجد أن بعض المبتعثين قد تخرجوا من أفضل الجامعات في الخارج ومع مراتب الشرف وحصلوا على تكريم منقطع النظير من قبل جامعاتهم، إلا أنهم عند تخرج بعضهم فوجئوا بعدم وجود وظائف لهم، وإن وجدوا وظائف فهي ليست في تخصصاتهم، الأمر الذي أصابهم بالإحباط وخيبة الأمل لكون أنهم كرموا في الخارج ولكنهم لم يجدوا في وطنهم الوظائف المناسبة أو وظائف من الأساس. وحتى المبتعثون من بعض الجهات الحكومية، فإنهم عند عودتهم قد لا تعطى لهم الفرصة في تطوير الجهات التي يعملون بها، ليصبحوا جزءاً من الروتين والبيروقراطية الموجودة أصلاً، لتتلاشى أحلامهم في تطوير الجهات التي يعملون بها. ومع الأسف أن هناك العديد من المبتعثين، الذين حصلوا على جوائز وسجلوا اختراعات في الدول الأجنبية التي كانوا يدرسون فيها، وعندما عادوا إلى الوطن لم نسمع عنهم ولم يتم احتضانهم للاستفادة منهم ومن علمهم لتطوير الجهات التي يعملون فيها، هذا إن وجدوا وظائف. وبعد أن يصابوا بالإحباط، نجد أن بعضهم قد حزموا حقائبهم وتركوا الوطن ليتجهوا إلى الدول التي تخرجوا منها، ليجدوها فاتحة ذراعيها لهم،لكونهم ثروة مجانية أتت إليهم، فقد صرفت المملكة عليهم وأهّلتهم لتأخذهم تلك الدول مجاناً، ونكون بذلك قد فقدنا ثروات حقيقة قد لا تعود مرة أخرى. إن وجود هذا العدد الكبير من المبتعثين الذين تعلموا في أفضل الجامعات الأجنبية، قد تكون فرصة لن تتكرر لنا مرة أخرى في القريب العاجل،ويجب الاستفادة منها. ولذلك، فإننا نأمل أن يكون هناك برنامج للاعتناء بالخريجين المتميزين، وذلك بالتنسيق مع الملحقيات الثقافية،لتبنيهم وإيجاد وظائف مناسبة لهم عند عودتهم في مجال تخصصاتهم ليواصلوا نجاحاتهم وتطوير المكان الذي يعملون فيه؛ وهذا أحد أغراض ابتعاثهم للخارج للاستفادة منهم عند عودتهم. وفي المقابل، فإننا نأمل أيضاً من الجهات الحكومية التي قامت بابتعاث بعض موظفيها للحصول على الشهادات العليا، بأن يتم الاستفادة منهم ومن اقتراحاتهم ورؤيتهم التطويرية وتنفيذها، بدلاً من صهرهم في عجلة الروتين والبيروقراطية التي تعمل بها تلك الجهات الحكومية، ليصبحوا جزءاً منها، بدلاً من القضاء عليها، ولا يستفاد منهم. برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي يعتبر واحداً من أهم برامج الدولة، وإذا تم الاستفادة من ثماره بشكل صحيح، فإن ذلك سيساهم في نهضة الدولة وتطويرها. أما إذا لم يتم الاستفادة منه، فإننا نكون قد صرفنا كل هذه المليارات دون الاستفادة منه بالشكل المأمول. [email protected]