بدأ عضو مجلس إدارة نادي جدة الأدبي السابق الدكتور حسن النعمي في كشف كثير من الخبايا المتعلقة بالعمل الثقافي الذي مارسه طوال 10 سنوات بالنادي، جاء ذلك في مقالة نشرها النعمي مؤخرًا أثارت عددًا من ردود الأفعال في الوسط الثقافي، قال فيها: «على أي كيفية قلبت فيها العمل الثقافي فلن تجد فيه إلاّ مسالك صعبة. عملت في النادي سنوات، سرتني أشياء وأقلقتني أشياء أخرى». ويستجلي النعمي بعض ما أقلقه بقوله: «ممّا أقلقني إلغاء بعض المحاضرات دون إرادة النادي، وهذا مربك، ومحرج للضيف وللنادي وللجمهور، ونشعر معه بعبث ما نعمل، إذ الموقف ليس دائمًا وفق ما نخطط. فمازلت أذكر ظروف إلغاء محاضرة (المثقف والسلطة.. أحمد بن حنبل والمعتزلة نموذجًا)، وما استدعته من اتصالات وصلت لحد إلغاء المحاضرة». وتوجه «ملحق الأربعاء» للنعمي بالسؤال عن الكيفية التي تمت بها إلغاء تلك المحاضرة، فقال: «إن كل الأمور في تلك الفترة كانت تسير وفق ما خطط له مع مجلس إدارة النادي، وقد حضر المحاضر إلى جدة وكنا مستعدين لتقديم المحاضرة إلاّ أن أنني فوجئت باتصال عند الساعة 9 صباحًا من قبل وزارة الثقافة والإعلام تطلب فيه إلغاء المحاضرة بناء على توجيهات وصلتها من جهات أخرى»، وقاطعنا النعمي بسؤال عن هذه الجهة إلاّ أنه رفض التصريح بها، معللًا ذلك بأن مثل هذه التدخلات دائمًا ما تؤثر على العمل الثقافي رغم وجود مرجعية للنادي ولجميع الأندية الأدبية، ورغم اطلاع إمارة منطقة مكةالمكرمة على برنامج النادي في كل عام قبل انطلاقته وإجازتها له. مضيفًا أنه في حالات أخرى يطلب منا بعض أصحاب التوجهات الفكرية ويلحون في الطلب لإلغاء استضافة أحد الكتاب أو الشعراء لاختلافهم معه، وكأن النادي ليس أهلاً لتقييم من يستضيف ضمن برنامجه السنوي. وجاء في مقالة النعمي، قوله: «ما أقلقني أن هاتفي لم يسلم من التطفل ممن يرون أنفسهم رعاة للفضيلة، مقترحين أسماء يتوجب على النادي استضافتها مع أنه لا علاقة لها بالعمل الثقافي». وكان سؤال «الأربعاء» للنعمي عن هؤلاء الأشخاص ومنهم، فقال: هم فئة من الجهور التي تأتي إلينا حاملة معها أجندات فكرية معينة، أو تحركهم أجندات مختلفة وخاصة من التيار الديني، لتمارس دور الوصاية على النادي وبرامجه التي ينبغي أن يقدمها، فمثل هؤلاء لا نلتفت لهم فقد كنا في مجلس إدارة النادي لا نقدم إلاّ ما نرى أنه يناسب طبيعة المشهد الثقافي ويخدمه من خلال البرامج المتنوعة والمختلفة. وعلق النعمي على الدور الثقافي الذي تقدمه الأندية الأدبية خلال هذه المرحلة، بقوله: يبدو الأمر غائم من قبل وزارة الثقافة والإعلام في التعامل مع هذه الأندية، فلا نعلم هل هي مع الأندية أم ضدها، هل هي طرف محايد أم منحاز؟ وخاصة ما نشهده من قضايا وصلت للمحاكم بين الأندية الأدبية والوزارة وكأنها ليست الجهة أو المضلة الحقيقية لهذه الأندية، مثمنًا الدور الذي تقدمه بعض الأندية للمشاركة في العمل الثقافي من خلال اجتهادات رغم العوائق الكثيرة التي تواجهها، وهي عوائق لم تكن وليدة اللحظة ولكنها زادت خلال المرحلة الحالية، وكل ذلك يدل عل غياب الإستراتيجية الصحيحة للعمل الثقافي في المملكة. وبين النعمي أن هذه المقالة بمثابة نواة لمشروع أعمل عليه وهو تأليف كتاب يحكي مذكراتي وتجربتي طوال 10 سنوات قضيتها في العمل الثقافي، ويضم مشاهدات، وأسماء، وصور، وحوادث، ولقاءات تلك الفترة، وسأخصص جزءًا منه للحديث عن جماعة حوار التي كنت أشرف عليها في النادي، بعد أن أصبحت التجربة في طور التاريخ، متمنيًا أن يرى هذا العمل النور قريبًا.