بدأت صباح اليوم الخميس عمليات التصويت في الانتخابات المحلية الجزائرية، والتي يتنافس فيها 52 حزبا و200 قائمة مستقلة على أصوات أكثر من 20 مليون ناخب مدعوون للتصويت على 185 ألف مرشح لشغل مقاعد 1541 مجلسا بلديا و48 مجلسا ولائيا "مجلس محافظة"، وسط توقعات بارتفاع نسبة عزوف المواطنين بسبب برودة الطقس وتساقط الثلوج في أغلب البلاد وتخوفات المعارضة من وقوع تزوير لصالح أحزاب السلطة. وتعد هذه الانتخابات - التي تستمر يوما واحدا - ثاني اقتراع تشهده الجزائر بعد "حزمة إصلاحات" أطلقها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة مطلع العام الجاري شملت قوانين الانتخابات والأحزاب والجمعيات والإعلام لمواجهة موجة الربيع العربي. وكانت الحملة الانتخابية قد اختتمت الأحد الماضي بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من المهرجانات والتجمعات الحزبية التي حاول فيها المرشحون والأحزاب إقناع الناخبين بالمشاركة في الانتخاب والتصويت لصالحهم فيما وصف المراقبون هذه الحملة بأنها الأكثر برودا، بسبب فقدان المواطن للثقة في الأحزاب وفي إمكانية التغيير عن طريق الصندوق، فضلا عن التجارب السابقة التي جعلت المواطنين ينظرون بعين الريبة إلى المرشحين، ويقتنعون بأن الانتخابات لن تغير في الأمر شيئا. من جانبها، حمّلت أحزاب المعارضة الحكومة مسئولية العزوف الشعبي عن هذه الانتخابات لما وصفته ب"حدوث تلاعب بأصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية السابقة بشكل جعل المواطنين لا يثقون في الصندوق، فضلا عن "تقليص صلاحيات المنتخبين على مستوى المجالس المحلية لصالح الولاة ورؤساء الدوائر المعينين من الحكومة، وبالتالي فالمواطن لا يرى في المنتخبين أشخاصا قادرين على الاستجابة لمطالبه". ويشير توزيع قوائم الأحزاب عبر بلديات وولايات البلاد إلى أن حزب الأغلبية "جبهة التحرير الوطني" الذي يرأسه شرفيا بوتفليقة هو الأول من حيث عدد القوائم حيث دخل ب1520 قائمة يتبعه حليفه في الحكومة "التجمع الوطني الديمقراطي" الذي يرأسه الوزير الأول السابق أحمد أويحيي ب 1477 قائمة ثم أحزاب التكتل الإسلامي "الجزائر الخضراء" وهى حركات مجتمع السلم المحسوبة على الإخوان المسلمين والنهضة والإصلاح دخلت ب260 قائمة موحدة. بينما جاء حزب الحركة الشعبية الجزائرية الذي يقوده وزير البيئة الجديد عمارة بن يونس رابعا في ترتيب الأحزاب من حيث عدد القوائم المقدمة ب632 قائمة رغم أنه اعتمد خلال الأشهر الأخيرة رسميا. وتجمع وسائل الإعلام المحلية على أن "البرودة السياسية" التي طبعت هذا السباق الانتخابي في صالح الحزب الحاكم بالدرجة الأولى كونه الأكثر انتشارا وتنظيما عبر مناطق الوطن وبالتالي ترجيح تكرار سيناريو الانتخابات البرلمانية السابقة حيث أدت نسبة المشاركة الضعيفة 43% إلى حصده لأغلب مقاعد البرلمان. أما السبب الثاني فهو "مادة جديدة في قانون الانتخابات تقضي بإقصاء كل قائمة تحصل على أقل من 7 % من الأصوات وبالتالي فالأحزاب الجديدة ستكون ضحية لهذا الإجراء وهو سبب فوز الحزب الحاكم بالأغلبية في الانتخابات البرلمانية السابقة. وكان حزب "جبهة العدالة والتنمية" الإسلامي برئاسة الشيخ عبدالله جاب الله قد أعلن مقاطعة الانتخابات بسبب "عدم وجود إرادة سياسية لتنظيم انتخابات نزيهة وشفافة". ومن جانبها، دعت الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة إلى مقاطعة الانتخابات المحلية بحجة أن الشعب يئس من التغيير عن طريق صناديق الاقتراع.وذكر بيان أصدره أمس علي بلحاج أحد قادة الحركة أن السلطة أفسدت الساحة السياسية عن سبق وإصرار وتارة باعتماد أحزاب مجهولة الهوية. وكانت جبهة الإنقاذ قد فازت بأغلبية أول انتخابات بلدية جرت في تاريخ الجزائر عام 1990. وفي ذات السياق، أعلن محمد طالبي مدير الحريات والشئون القانونية في وزارة الداخلية الجزائرية أن من بين مجموع المترشحين البالغ عددهم 185 ألفا يوجد 28 % من بينهم تقل أعمارهم عن 30 سنة ويعود ذلك إلى تخفيض قانون الانتخابات الجديد سن الترشح إلى 23 سنة بعدما كان 25 سنة كما بلغ عدد النساء المترشحات في الانتخابات 31 ألفا أي بزيادة تقدر ب28 مترشحة مقارنة بانتخابات البلدية عام 2007 ويعود ذلك إلى قانون استحدثه بوتفليقة مطلع 2012 يمنح المرأة مسبقا حصة 30 % في لوائح الترشيح. وأضاف أن عدد المرشحين لانتخابات المجالس المحلية بلغ 185 ألف مرشح .. موضحا أن من بين هذا العدد الكبير للمرشحين 31 ألف مرشحة، موضحا أن 28 % من المرشحين في هذه الانتخابات تقل أعمارهم عن 30 سنة. وتابع أن وزارة الداخلية استبعدت 43 قائمة انتخابية قدمتها أحزاب ومستقلون بسبب عدم استيفائها للشروط القانونية لكن الأحزاب المعنية بهذا الرفض تقدمت بطعون أمام القضاء الذي أعاد قبول بعض هذه القوائم. وأشار إلى أن أكثر من 800 ألف موظف إداري سيشرفون على تنظيم عملية الاقتراع في مختلف مكاتب ومراكز الاقتراع، موضحا أن دور الإدارة يقتصر على ضمان تهيئة جميع الظروف المادية والبشرية ووضعها تحت تصرف الأحزاب السياسية والمرشحين المستقلين على قدم المساواة. وقد تم الشهر الماضي تنصيب 311 قاضيا جزائريا من بينهم 78 امرأة للاشراف على الانتخابات المحلية القادمة. وكانت الانتخابات المحلية السابقة قد جرت في 29 نوفمبر 2007 وفاز فيها حزب الغالبية البرلمانية جبهة التحرير الوطني بأكثر من 30% من المقاعد. أ ش أ