تقرير خاص بفارس.. محادثات جنيف 5 وضرورة الحفاظ بعقلانية على ما هو مرتقب منها أكبر نجاح يمكن تحقيقه في المحادثات النووية بين الجمهورية الإسلامية الايرانية ومجموعة الستة التي بدأت في جنيف الخميس الماضي هو تقارب رؤى الجانبين بشكل تدريجي، وهذا النجاح يمكن أن يتحقق في جولات المحادثات المقبلة. طهران (فارس) بدأت يوم الخميس الماضي مرحلة جديدة من المحادثات النووية بين الجمهورية الإسلامية والبلدان الستة الموسومة بمجموعة 5 + 1 وبما أن جنيف تستضيف هذه المواجهة السياسية للمرة الخامسة لذا يمكن اختصارها بمحادثات جنيف 5. يذكر أنه تم اختيار هذه المدينة كمقر للمحادثات حول الملف النووي الإيراني باتفاق بين وزير الخارجية الإيراني السابق ومنسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون وهذه المحادثات تعقد بعد شهر تقريباً من محادثات جنيف 4 حيث سيطرح فيها مقترح جديد قدمته الجمهورية الإسلامية الايرانية لم يكشف عن فحواه لحد الآن، وقد نشرت بعض المواقع الأميركية والإسرائيلية تكهناتها حول هذا الموضوع إلا أن ايران نفتها. ومن بديهيات المقترح الجديد الذي ستقدمه طهران التأكيد على السير نحو هدف مشترك وتعيين الخطوة الأولى والخطوة الأخيرة لتحقيق الاتفاق المطلوب والدخول في المراحل اللاحقة. وإذا كان الجانب الغربي موافقاً على ضرورة تعيين هكذا إطار فمن المتوقع أن تجرى المحادثات المقبلة على أساس هذا المحور. وهنا سيواجه الفريق الإيراني المفاوض مسألتين هامتين بكل تأكيد، وهما: أولاً: الجمهورية الإسلامية تروم الاطمئنان من تعيين هدف مشترك في المحادثات فضلاً عن إلغاء الحظر المفروض عليها وضمان حقها في تخصيب اليورانيوم على أراضيها بمقدار متطلباتها ولا سيما ما يسد حاجتها لإنتاج الطاقة. ثانياً: لا شكّ في أن الخطوة الأولى أكثر أهمية للغرببين من الخطوة الأخيرة، وبالتالي فإنها تعتبر الورقة الرابحة لإيران كي تتمكن من تعيين الخطوة الأخيرة لذا لا ينبغي التفريط بها. فالغرب يترقب من طهران اتخاذ الخطوة الأولى نظراً لخشيته من برنامجها النووي لذا فإن هذه الورقة يمكن التلاعب بها الآن. إذن من المحتمل أن يكون الخلاف الأساسي في المحادثات المقبلة على هذين المستويين فلو أنهما تحققا حينئذ يمكن التفاؤل بنجاح خلال المراحل المقبلة ولكن أكثر الأمور التي تثير الجدل تكمن في موافقة الغرب على تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية. أما بالنسبة إلى تأثير اللوبي والكيان الاسرائيلي على هذه المحادثات يكمن في هذه المسألة أيضاً، فقد أكد رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو مراراً على عدم حاجة طهران لتخصيب اليورانيوم ما يزيد من احتمال رفض الجانب الأميركي حق التخصيب إلا على نطاق ضيق لسد حاجة البلد. لذا فإن الاجتماعات الأولى تعد أكثر صعوبة من غيرها كونها تحدد مصير المحادثات المقبلة والاتفاق على المواضيع التي تحظى بأهمية كبيرة، ويمكن التفاؤل هنا وادعاء أن هذه المحادثات لو تمكنت من تحقيق 20 بالمائة فقط مما يتوقع منها يمكن اعتبارها ناجحة. ومن القضايا التي لا تعيرها وسائل الإعلام أهمية كبيرة هي قضية الحفاظ على مستوى معقول ما يرتقب من المحادثات وهذا الأمر يمكن تحقيقه في جنيف 5 وحتى في المراحل اللاحقة ،حيث من شأنه تقريب وجهات النظر بالتدريج لا أكثر وفي الظروف الراهنة التي يشهد فيها الفريق الإيراني المفاوض دعماً جاداً من قائد الثورة الإسلامية بصفته الوفد الممثل للجمهورية الإسلامية الايرانية لأن الأمر الهام في هذا الصدد هو الحفاظ على الإجماع الوطني في دعم الفريق الدبلوماسي والحفاظ على الرؤية الواقعية لمجريات الأحداث واجتناب التفاؤل والتشاؤم المفرطين. ما سيشهده العالم اليوم هو في الحقيقة مرحلة جديدة من صراع جاد وليس أمراً بسيطاً تواجهه الدبلوماسية الخارجية للجمهورية الإسلامية، ولربما تطول فترة المحادثات ما يحدو بالبعض الاعتقاد بأنها لا تتناسب والمصلحة الوطنية لكن لا مناص من قبول أن هذه المحادثات تتطلب زمناً طويلاً كي تكون مثمرة. / 2811/