GMT 0:05 2013 الثلائاء 26 نوفمبر GMT 5:04 2013 الثلائاء 26 نوفمبر :آخر تحديث أحمد المنصوري لا ريب أن الاتفاق الأخير الذي توصلت إليه الدول الست الكبرى مع طهران بشأن برنامج إيران النووي يؤذن بدخول منطقة الشرق الأوسط في مرحلة سياسية جديدة، فهو إعلان عن انتهاء عقود من العلاقات القائمة على العداء الظاهري بين إيران والغرب وتحولها إلى تحالفات معلَنة وتسوية الخلافات بما يحقق مصالح الطرفين الإيراني والغربي. فهي دول ترسم خريطة تحالفاتها بقلم الرصاص حتى تتمكن من مسحها وإعادة رسمها بشكل آخر عندما تتغير بوصلة المصالح. ولم يتم الكشف عن جميع بنود الاتفاق وتفاصيله. فأهم ما تم الإعلان عنه أن الاتفاق يشمل وقف إيران تخصيب اليورانيوم فوق نسبة 5 في المئة والتوقف عن وضع أجهزة إضافية للطرد المركزي أو استخدام المتطور منها، مقابل تخفيف محدود للعقوبات المفروضة على إيران، تشمل الذهب والبتروكيماويات والسيارات. وكانت الإمارات العربية المتحدة أول دولة خليجية ترحب بالاتفاق التمهيدي حول الملف النووي الإيراني، وفقاً لبيان صدر عن مجلس الوزراء، وأعرب عن الأمل في أن يكون هذا الاتفاق خطوة نحو حل دائم يحفظ استقرار المنطقة ويقيها التوتر وخطر الانتشار النووي. ويعكس الترحيب الإماراتي بالاتفاقية التمهيدية اعتدال وتوازن الموقف السياسي لدولة الإمارات في التعاطي مع هكذا تطورات مهمة في المنطقة، والأمل في أن يساهم ذلك في دعم الاستقرار وتقليل حدة التوترات، وتبديد قلق الدول الخليجية والمجتمع الدولي تجاه طبيعة البرنامج النووي الإيراني. وعلى الرغم من الترحيب الإماراتي المعلن وتأييد كل من قطر والكويت للاتفاق، لم تخف بعض الدول الخليجية الأخرى قلقها حيال هذا الاتفاق وما ينجم عنه من فرض إيران هيمنتها على المنطقة برمتها. ومبعث هذا القلق ناجم عن أن بعض المراقبين فيها لا ينظرون إلى الاتفاق على أنه مجرد وقف تخصيب اليورانيوم وتقليص حجم البرنامج النووي في إيران وإخضاعه للمراقبة الدقيقة مقابل ورفع العقوبات الاقتصادية عنها. فالمحللون والاستراتيجيون ينظرون إلى هذا الاتفاق بنظرة شمولية من خلال ربطه بتطورات الأوضاع السياسية في منطقة الشرق الأوسط وتحالفات القوى ومصالحها، والصراعات القائمة حالياً خاصة في سوريا، دون غض الطرف عن البعد الديني، وتحديداً الطائفي كأحد أهم مكونات الصراع الدائر في المنطقة. وبالنسبة للخليجيين، فإن المشكلة مع إيران لا يمكن حصرها فقط في برنامجها النووي، فالمشكلة أساساً تكمن في أن إيران تتدخل في شؤون الخليج كما هو الحال في البحرين وتحتل أراضي دولة خليجية كما هو الحال مع الجزر الإماراتية الثلاث، كما أنها تؤجج الصراع المذهبي والطائفي في المنطقة كما هو الحال في سوريا واليمن. كان حرياً بالأطراف التي راهنت كثيراً على العزلة بين إيران والغرب واستمرار حالة العداء بينهما لعقود أن تستعد مبكراً لمثل هذا اليوم، وأن تدخل هي أيضاً في تحالفات تضم قوى نافذة ذات ثقل سياسي في المنطقة تستطيع بها مواجهة أي تداعيات تهدد مصالحها الاستراتيجية. والسؤال الذي يطرح نفسه، هل ستقف دول الخليج متفرجة على «الكبار» وهم يشكلون خارطة جديدة للتحالفات في المنطقة، أم أنهم سيعملون على توحيد مواقفهم فرض حقهم في تقرير مصير الشرق الأوسط الجديد؟