1 بعد خمسين عاماً و عشرةِ دواوين شِعْر استحوذَ الشاعرُ على قلوب كثيرة و تمدّدَ في صحف كثيرة و أقتحمَ مهرجاناتٍ كثيرة لكنّهُ لم يصل حتى اللحظة إلى .. ( بيتِ القَصيد ) 2 النملةُ التي لا تعرفُ لماذا اختارَها شاعرٌ كي تساهمَ في حَملِ جنازة تخلّتْ على الفور عن مهمّتِها العبثيّة و انغمَسَتْ بشغفٍ في حَمْلِ حَبّة قمحٍ تعثّرَتْ بِها في الموكبِ الذي لا معنى له و اتّجهَتْ نحو موكِبِها الذي لن يحفلَ بشاعرٍ يحملُ جنازتَهُ أو جنازةَ شِعْرِهِ موكبِ النملِ الأبديّ الذي لمُ تُحمَلْ فيهِ مرةً حتى جنازةُ مَلك 3 اربعونَ عاماً و هو يهوي في بئرِ ذاتِهِ دونَ أن يعرف متى يتهشّمُ لحظةَ ارتطامِهِ بقعرها 4 كمْ كانَ الشاعرُ باسلاً في مهمّتِهِ الوطنيّة و هو يُتقن باعجاز دورَهُ البطولي كمِنفَضة تتلقّفُ بشغف رمادَ سيكارِ القائد 5 كمتصوّفٍ في حُب وطنِهِ لن يوصلَني ذُروةَ الوَجد أكثرُ من تقبيلي وجهي منعكساً إلي من لمعة حذائِكَ سيّدي القائد 6 بعد الكأس السادسِ يمتشقُ القلمَ و فوق جواد الخمر الجامحِ يعدو فوق بياض الورقة يطلقُ صرختَهُ مثلَ طرزان و بحبال الخيالِ السكر يقفزُ بين أشجار الكلمات و قبلَ الكأس العاشرِ يخرجُ من غابةِ الشعر منتشياً برائحةِ شواء قصيدتِهِ التي اصطادها بعد أن نصبَ كمائنَهُ في المجاهلِ التي يُطلقُ فيها الشعرُ طرائدَهُ غيرَ أنّهُ و هو يستيقظُ برأسٍ نصفِ مخمور بعدَ أن انتصفَ النهار يفزُّ ملهوفاً يتشمّمُ رائحةَ الشعر و يثِبُ نحو قصيدتهِ التي يتذكّرُ انهُ أنضجَها فوق بياض الورقة لكنْ ... ليسَ سوى كأسٍ موحشةٍ و ذكرى تتصاعدُ من قنينة خمرٍ مهجورة و هبابٍ ينبعثُ و دُخان من أشلاءِ قصيدة أوغلَ فيها الشَيُّ حتّى صارتْ ... فحماً