GMT 0:03 2013 السبت 30 نوفمبر GMT 23:54 2013 الجمعة 29 نوفمبر :آخر تحديث وحيد عبدالمجيد كان انتشار ثقافة السمسرة وممارساتها المشينة أحد مظاهر التجريف الذي حدث في المجتمع المصري خلال عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك. فقد أصبح الحصول علي المال بأية وسيلة هدفا ساميا في حد ذاته حتي إذا كان من يسعي إليه لا يحتاج المزيد منه. غير أن الطامة الأكبر كانت في انتقال عقلية السمسرة بكل موبقاتها إلي السياسة0 فقد تحول كثير من محترفي العمل العام وهواته إلي سماسرة سياسيين يبيعون أنفسهم لمن يدفع أكثر, ويفعلون كل شيء وأي شيء من أجل تحقيق مكسب من أي نوع. وإذا كان شيوع ثقافة السمسرة السياسية علي هذا النحو يهبط بالعمل العام إلي هاوية سحيقة, فالأخطر من ذلك هو أن ترتبط هذه الثقافة بازدياد الجهل والعزوف عن المعرفة وتدني مستوي التفكير. وتجلت هذه الحالة المفزعة في بعض ردود الفعل علي ما جاء في كلمة جون كيري خلال اجتماع دوري للمجلس الاستشاري للخارجية الأمريكية قبل أيام, عندما هاجم جماعة الإخوان وقال إنها سرقت ثورة الشباب. فقد أدي امتزاج ثقافة السمسرة بالجهل إلي تخريجة خرافية مفادها أن اتجاه مصر إلي دعم علاقاتها مع روسيا أحدث هذا التغيير في الموقف الأمريكي. فكانت تجليات ثقافة السمسرة واضحة في الاعتقاد بأننا نستطيع أن نستخدم روسيا لكي نحصل علي ما نريده من أمريكا, وكأن مصر معروضة للبيع في السوق الدولية ولا هم لها إلا أن ترفع سعرها. والحال أنه ما كان للسمسرة السياسية أن تؤدي الي مثل هذه النتيجة المؤسفة إلا لجهل بعملية صنع السياسة الخارجية الأمريكية وقواعد إدارة العلاقات الدولية.فهذه السياسة هي محصلة اتجاهات المؤسسات التي تسهم في صنعها مثل مجلس الأمن القومي والبنتاجون والخارجية والكونجرس وغيرها. و لهذه المؤسسات اتجاهات مختلفة تجاه الوضع الراهن في مصر0فتتبني مستشارة الأمن القومي سوزان رايس مثلا موقفا متعارضا مع كيري الذي لم يغير موقفه منذ3 يوليو0 ولا غرو في ذلك. فالسياسة الأمريكية تجاه مصر الآن تمثل حلا وسطا بين مواقف المؤسسات التي يسهم كل منها بمقدار في صنع القرار.