GMT 0:05 2013 الأحد 1 ديسمبر GMT 12:38 2013 الأحد 1 ديسمبر :آخر تحديث يعقوب أحمد الشراح من المعلوم أن العلاقة بين دول مجلس التعاون وأميركا مرت بمراحل تاريخية عدة رغم ما تشهده المنطقة من توترات وأزمات تجعلها من أكثر مناطق العالم معرضة للأزمات والتهديدات أو المخاطر. ولقد تأثرت العلاقة الأميركية بدول مجلس التعاون بعد الحرب العراقية الإيرانية وغزو الكويت، وحدوث الأزمات الاقتصادية الأميركية، واهتزاز صورة قيادتها في العالم، فضلاً عن الشعور العام السائد اليوم في أميركا من أن الحروب الطويلة تنهك الاقتصاد وتؤثر في الاستقرار الاجتماعي والسياسي، وأن أميركا عانت كثيراً من تدخلاتها في معالجة المشكلات العالمية ودورها تجاه رغبتها في القيادة. كل ذلك أدى إلى التغيير في الاستراتيجية الأميركية تجاه الدول الخليجية في الآونة الأخيرة والتي تجلت في صور مختلفة أمكن رصدها وتحليلها بشكل واضح من قبل المحلليين السياسيين رغم أن المشهد السياسي في الوقت الحالي يعكس أكثر مما سبق أن أميركا ليس لديها سياسة ثابتة أو أصدقاء دائمون، وإن كل ما يهمها مصالحها القومية وتلبية مطالب حلفائها، خاصة إسرائيل من خلال تأثير اللوبي الصهيوني على السياسة الأميركية. هناك مجموعة بارزة من التحولات في السياسة الأميركية تجاه الإقليم العربي والخليجي في الفترة الأخيرة لوحظت في تراجعها عن معالجة الوضع المأسوي السوري، والاكتفاء بالتركيز على السلاح الكيماوي، والتخبط في التعامل مع الأزمة المصرية والإيرانية، وبكثرة التردد والتراجع عن سياستها. لكن الأكثر مفاجأة في الاستراتيجة الأميركية وعلاقتها بدول مجلس التعاون والتي اعتمدت على متانة العلاقة والتفاهم على قضايا المنطقة، ثم تغيير ذلك في الآونة الأخيرة بتبني سياسات لا تنسجم تماماً مع ما اتفق عليها مع دول المجلس، خصوصاً تقاربها من إيران وشكوى المملكة العربية السعودية من ذلك بتصريح عبر به وزير خارجيتها بأنها مستاءة من السياسة الأميركية التي لا تفعل شيئاً تجاه وقف الملف النووي الإيراني ومنع التخصيب، وحل القضية الفلسطينية التي مضى عليها أكثر من ستين عاماً، فضلاً عن عدم حل الأزمة السورية والاكتفاء بمعالجة السلاح الكيميائي. لا شك أن حالة من الفتور وعدم الراحة تسود دول مجلس التعاون رغم أن ذلك شعور دفين لم يأخذ الصفة العلنية في تحديد أوجه العلاقة المقبلة بأميركا، الحليف الأساسي لها، ومع ذلك ليس هناك في السياسة شيء ثابت ويقيني كصداقة أو عداوة مستمرة، وإنما في النهاية تظل المصالح طاغية على العلاقات. ومع ذلك لابد من أن تعمل الدول الخليجية تحت مظلة واقية وصلبة تقيها من المخاطر المقبلة. فلا ينبغي أن تعتمد في علاقتها مع طرف دون آخر... فليس هناك قطب واحد، وإنما هناك أقطاب تلعب دوراً محورياً في توازنات القوى، والتأثير في مجريات الأمور، فدول مثل اليابان وروسيا والصين وغيرها تشكل قوى دولية فاعلة ومؤثرة، ولابد من أخذها في الحسبان، والتعامل معها في إطار المصالح المشتركة... لاشك أن تغيير مفاهيمنا في أن العالم ليس قطباً واحداً، والتعامل مع الأقطاب الأخرى يجعلنا أكثر قوة وقدرة على التأثير في الأوضاع التي تحيط بنا مادامت المتغيرات الراهنة في أدوار الدول القوية تأتي بسبب الاختلافات في ميزان القوى وتغير المصالح. إن العلاقة الأميركية الخليجية ينبغى ألا تكون مساراً واحداً يعتمد عليه رغم تفاوت الاتجاهات في الخليج نحو المسافة التي يجب أن تظل بها العلاقات مع أميركا علاقة راسخة ومستمرة.